منهاج السالكين

منهاج السالكين0%

منهاج السالكين مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 413

منهاج السالكين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
تصنيف: الصفحات: 413
المشاهدات: 131062
تحميل: 5716

توضيحات:

منهاج السالكين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131062 / تحميل: 5716
الحجم الحجم الحجم
منهاج السالكين

منهاج السالكين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

____________________

=

* عائشة بنت أبي بكر. مختصر تاريخ دمشق 17: 308.

* أبو ذرّ الغفاريّ. مختصر تاريخ دمشق 17: 306؛ الإرشاد 22؛ أمالي الشيخ الطّوسي 1: 147؛ غاية المرام 502.

عمر بن الخطّاب. المناقب للخوارزميّ 55؛ كنز العمّال 11: 393؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 315؛ اللآلي المصنوعة 1: 167؛ غاية المرام 501.

* معاذ بن جبل. حلية الأولياء 1: 65؛ كفاية الطّالب 270.

* أبو سعيد الخدريّ. حلية الأولياء 1: 66؛ الاستيعاب 3: 33؛ شرح المواهب اللّدنيّة للزّرقانيّ 1: 242.

* وللحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله طرق أخرى عن أهل بيت العصمة وعن غيرهم، لم نذكرها؛ تجنّباً للإطالة، ونكتفي بذكر مصادرها بعد للباحث.

* عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام . وللحديث طرق تنتهي به عليه‌السلام ، تنصّ أنّه أوّل من آمن بالإسلام، وصدّق النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وصدقه النّصرة، وأقام معه الصلاة. رواه عنه.

* حبّة بن جوين العرنيّ. الأوائل للعسكريّ 107؛ تاريخ بغداد 4: 333؛ غاية المرام 506؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 304؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 15؛ تهذيب الكمال 20: 482؛ ينابيع المودّة 60؛ المناقب للخوارزميّ 57؛ خصائص النسائيّ 31؛ أنساب الأشراف للبلاذريّ 2: 92؛ مسند أحمد 1: 99؛ مجمع الزّوائد 9: 102؛ أسد الغابة 4: 93.

* عبد الله بن عبّاس، في حديث المناشدة. مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 111.

* عبّاد بن عبد الله الأسديّ، عنه عليه‌السلام . ومصادره نفس مصادر حديثه عن سابقة عليّ عليه‌السلام في الصّلاة.

* معاذة العدويّة، عنه عليه‌السلام . الرّياض النضرة 2: 208؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 304؛ الإرشاد 21.

وأسماء من جزم بأولويّة إسلام عليّ عليه‌السلام ، موقوفاً عليهم من أعيان الصّحابة والتابعين وأصحاب التراجم والسّير، تبدا ولا تكاد تنتهي، وهذا بعض يسير، وإلاّ فهي في غاية الكثرة:

* أبو بكر بن أبي قحافة. الأوائل للعسكريّ 107؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 311.

* أنس بن مالك. مختصر تاريخ دمشق 17: 303 ح الاستيعاب 3: 32؛ أسد الغابة 4: 93؛ شرح نهج البلاغة للمعتزليّ 4: 119؛ تهذيب الكمال 20: 483؛ سنن الترمذيّ 5: 640؛ تاريخ بغداد 1: 134؛ المستدرك على الصحيحين 3: 112.

* الحسن بن عليّ بن أبي طالب، ينابيع المودّة 480؛ جمهرة خطب العرب 67؛ شرح نهج البلاغة 2: 101. =

٢٨١

____________________

=

* زيد بن أرقم. تاريخ الطبريّ 2: 55 - 56؛ مجمع الزّوائد 9: 103؛ الكامل في التاريخ 2: 22؛ الاستيعاب 2: 27، 32؛ أنساب الأشراف 2: 93؛ شرح نهج البلاغة 4: 119؛ تاريخ بغداد 1: 134؛ أسد الغابة 4: 93؛ تهذيب الكمال 20: 482؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 305.

* عبد الله بن عبّاس. أسد الغابة 4: 92؛ شرح نهج البلاغة 4: 117؛ الاستيعاب 3: 28؛ ينابيع المودّة 60؛ تهذيب الكمال 20: 480 - 481؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 303؛ المناقب للخوارزميّ 58؛ المعجم الكبير للطبرانيّ 3: 105؛ المحاسن والمساوئ للبيهقيّ 43.

* سعد بن أبي وقاص. المستدرك على الصحيحين 3: 499.

* بريدة بن الحصيب - وقيل: الخضيب، بحاء منقوطة مفتوحة - عداده في الصّحابة. أسد الغابة 4: 94؛ مجمع الزوائد 9: 209؛ المستدرك على الصحيحين 3: 112؛ التلخيص للذهبيّ بهامش مستدرك الصحيحين.

* أبو رافع، مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . مختصر تاريخ دمشق 17: 311 - 312؛ مجمع الزوائد 1: 220؛ المناقب للخوارزميّ 57؛ سنن الترمذي 5: 640؛ شواهد التنزيل 2: 126.

* سلمان الفارسيّ. مجمع الزوائد 9: 102؛ المواهب اللّدنيّة 1: 45؛ تهذيب الكمال 20: 480 - 481؛ شرح نهج البلاغة 4: 116 - 117؛ الأوائل 78؛ أسد الغابة 4: 94؛ الاستيعاب 3: 27 - 28؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 16؛ أمالي الطّوسيّ 1: 319.

* جابر بن عبد الله الأنصاريّ. أسد الغابة 4: 94؛ الكامل في التاريخ 2: 22؛ الاستيعاب 3: 27؛ تهذيب الكمال 20: 480؛ تاريخ الطّبريّ 2: 55، ولفظه فيه «صلّى» ومضى أن لا صلاة من غير إسلام.

* المقداد بن عمرو الكنديّ. الاستيعاب 3: 27؛ أسد الغابة 4: 94؛ شرح نهج البلاغة 4: 116؛ تهذيب الكمال 20: 280.

* عبد الرّحمن بن عوف. مختصر تاريخ دمشق 17: 307؛ ميزان الاعتدال 1: 505.

* مالك بن الحويرث. مختصر تاريخ دمشق 17: 305؛ مجمع الزوائد 9: 220.

* خبّاب بن الأرتّ. الاستيعاب 3: 27؛ تهذيب الكمال 20: 480؛ أسد الغابة 4: 94.

* محمّد بن كعب القرظيّ. مختصر تاريخ دمشق 17: 308؛ الاستيعاب 3: 29؛ تهذيب الكمال 20: 481؛ اسد الغابة 4: 94؛ شرح نهج البلاغة 4: 118.

* أبو موسى الأشعريّ. المستدرك على الصحيحين 3: 465؛ أمالي الطّوسي 1: 280.

* ليلى الغفاريّة عن عائشة بنت أبي بكر. مختصر تاريخ دمشق 17: 308.

* عفيف الكنديّ. المصادر جميعاً. =

٢٨٢

قوله تعالى: ( إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) (1)

خطاب من الله تعالى إلى نبيّه إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، نصبه إماماً يقتدي به النّاس ويتّبعون أمره ويقتفون سيرته.

ولما دعا إبراهيم ربّه أن يشرّف ذرّيّته بالإمامة أعطاه سبحانه سؤله، مسثنياً الظّالمين من ذرّيّته، وهو دليل على عدم صلاح الظالم لإمامة النّاس لا في صلاة ولا في سياسة. في تفسير نهج البيان للشيبانيّ 1: 206: قال بعض أصحابنا: في الآية دلالة على أنّ الله لا يصطفي لنبوّته وإمامته إلاّ من كان معصوماً في الظّاهر والباطن.

وذكر الطّبرسيّ في تفسيره «مجمع البيان» 1: 325، معنىً مشابهاً، قال: واستدلّ

____________________

=

* أبو سعيد الخدريّ. الاستيعاب 3: 27؛ أسد الغابة 4: 94؛ المواهب اللّدنيّة 1: 45.

* عبد الله بن الحنفيّة. الاستيعاب 3: 32؛ شرح نهج البلاغة 4: 119.

* عديّ بن حاتم الطّائيّ. الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1: 103؛ وقعة صفّين لنصر 197؛ تاريخ الطّبريّ 4: 2؛ شرح نهج البلاغة 1: 344؛ الكامل في التاريخ 3: 124.

* هاشم بن عتبة، المرقال. الكامل في التاريخ 3: 135؛ وقعة صفّين 355 و 112 و 37 ومواطن أخرى؛ جمهرة خطب العرب 1: 151.

* محمّد بن أبي بكر. وقعة صفّين 137.

* خزيمة بن ثابت الأنصاريّ ذو الشّهادتين، وله فيه أشعار. شرح نهج البلاغة 3: 259؛ المستدرك على الصحيحين 3: 114.

* محمّد بن المنكدر، وربيعة بن أبي عبد الرّحمن، وأبو حازم المدنيّ، والكلبيّ. تاريخ الطبريّ 2: 57.

* وقال مجاهد، وابن إسحاق، وابن شهاب، وقتادة، والحسن البصريّ، وغيرهم: أوّل من أسلم من الرّجال عليّ. تهذيب الكمال 20: 481؛ الاستيعاب 3: 30 - 31؛ أسد الغابة 4: 94؛ شرح نهج البلاغة 4: 121؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 303، عن مجاهد، والسيرة النبويّة لابن هشام 1: 262، 264.

إنّ هذا الغيض من أخبار أولويّة إسلام عليّ عليه‌السلام - وهي تكاد تنعقد إجماعاً، مع تأكيد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها، وافتخار امير المؤمنين عليه‌السلام بهذه الوثيقة على المنابر متّخذاً منها دليلاً من جملة أدلّة أخرى في أفضليّته على غيره - لهو دليل ساطع على أفضليّة نهجه واستقامة صراطه ووجوب مشايعته بحكم الشّرع والعقل.

(1) البقرة / 124.

٢٨٣

الإماميّة بهذه الآية على أنّ الإمام لا يكون إلاّ معصوماً عن القبائح. ومن ليس بمعصوم قد يكون ظالماً لنفسه أو ظالماً لغيره. والآية مطلقة غير مقيّدة بوقت دون وقت، فلا يكون الظالم إماماً وإن تاب فيما بعد.

وقد ثبت بالبرهان الجليّ عصمة عليّ عليه‌السلام ، فثبتت بذلك إمامته ولزم الإقتداء به، فهو دليل قرآنيّ على استقامة صراط عليّ.

وكان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «أنا دعوة أبي إبراهيم»، وهو قوله: ( رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ إِنّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (1) .

ولما سئل صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله: «أنا دعوة أبي إبراهيم» قال: «انتهت الدّعوة إليّ وإلى عليّ، لم يسجد أحد منّا لصنم قطّ، فاتّخذني الله نبيّاً واتّخذ عليّاً وصيّاً». وقد خرّجنا الحديث في غير هذا الموضع وتكلّمنا عليه. وفائدته أنّ غير النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغير عليّ عليه‌السلام ظالم غير معصوم، منعه الله تعالى من ولاية الأمر. وأكّده النّبيّ حيث حصر دائرة الدّعوة الإبراهيميّة به وبعليّ، أمّا غيرهما فأقلّ شأنه أنّه ظلم نفسه بعبادة الأصنام.

ونستفيد من آية الدّعوة أنّ خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله - مضافاً إلى عصمته - لابدّ أن يكون على قدر عظيم من المعرفة بالدّين وأحكامه ليرجع إليه المسلمون في كلّ ما يهمّهم، ولم يكن فيهم من هو أقرأ لكتاب الله تعالى ولا أعلم بدين الله ولا أقضى من عليّ.

قوله تعالى ( وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ ) (2)

الإجماع منعقد على أنّ الآية المباركة نزلت في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وذلك أنّ قريشاً تحالفوا على قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعوا أمرهم: أن ينتدب لذلك من كلّ قبيلة شابّ، فيكبسوا عليه ليلاً وهو نائم، فيضربوه ضربة رجل واحد، فيضيع دمه ولا يأخذ بثأره أحد. فنزل جبريل عليه‌السلام بأمر الله تعالى لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يترك مكّة ويهاجر، وأن يبيت ابن عمّه عليّ عليه‌السلام على فراشه، ففعل وبات الفدائيّ وقد وطّن نفسه للشهادة في سبيل

____________________

(1) البقرة / 129.

(2) نفس المصدر 207.

٢٨٤

الله وفي سبيل سلامة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

لقد عزّ النّاصر الّذي يؤدّي وظيفة خطيرة مثل هذه، وما كان لجسد غير عليّ أن يتكرّم بمماسّة موضع جسد النّبيّ في فراشه. ثمّ ما كان لغير عليّ أن يقوم مقام النّبيّ، سواء في الدّعوة والتبليغ حيث اختصّه بتبليغ «براءة»، أو تأدية أمانته وما كان يوصي إليه. عن معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي رافع في هجرة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: وخلفه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله - يعني خلف عليّاً عليه‌السلام - يخرج إليه بأهله، وأمره أن يؤدّي عنه أمانته ووصايات من كان يوصي إليه، وما كان يؤتمن عليه من مال، فأدّى عليّ أمانته كلّها. وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج، وقال: إنّ قريشاً لم يفقدوني ما رأوك، فاضطجع على فراشه (1) .

إنّ التأدية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس أمراً يذكر من غير وقفة وتأمّل! وأحاديث النّبيّ في هذا الباب وفيرة وفي أكثر من مشهد وموقف يعزّزها ائتمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله أهله، ولا يجوز لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أن يأتمن على أهله إلاّ رجلاً مثله في العصمة.

وقد خلفه صلى‌الله‌عليه‌وآله على أهله غير مرّة، من ذلك: غزاة تبوك، فأظهر عليه‌السلام حزنه لذلك فقال له النبيّ: «يا عليّ، إنّما خلفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنّه لا نبيّ بعدي؟» (2)

وللحديث طرق لو جمعت لجاءت مؤلّفاً مستقلاًّ وفي بعضها: إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ هذه المقالة حين استخلفه. (3) وفي آخر، قال له: أقم بالمدينة، فقال له عليّ: «يا رسول الله، إنّك ما خرجت في غزاة قطّ فخلفتني! فقال النّبيّ لعليّ: إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» (4) .

وأنت ترى أنّ دائرة الاستخلاف هنا بين عامّ وأعمّ، وفي كلّ حال فهو عليه‌السلام ما زال

____________________

(1) أسد الغابة 4: 96.

(2) مختصر تاريخ دمشق 17: 344؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 29.

(3) مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ ص 30.

(4) ميزان الاعتدال 1: 263؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 33؛ ولسان الميزان 2: 324.

٢٨٥

خليفته صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهله. وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك» صريح في أنّ القائد وخليفته يلزم أن يكونا معصومين، وإلاّ ركبا بالأمّة شططا. ولم يكن غير عليٍّ ليملأ دائرة الفراغ الّتي يتركها غياب النّبيّ، فعليّ معصوم، ونهجه حقّ، وصراطه مستقيم.

وحديث «المنزلة» الّذي جاء في خطاب النّبيّ لعليّ من غير فصل عن أوّله، توكيد لمعنى العصمة والخلافة ووجوب الطّاعة لسواء سبيله، كما هو حال هارون في قوم موسى عليه‌السلام .

ولم تكن هذه هي المرّة الأولى الّتي يبيت فيها عليّ عليه‌السلام على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يفديه بمهجته ويدرأ عن نفسه بنفسه، يشدّ أزره في ذلك أبوطالب، أبوه مؤمن قريش وناصر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . جاء في «شعر أبي طالب وأخباره - المستدرك ص 73»: ممّا أنشده أبوطالب، وكان كثيراً ما يخاف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البيات - أي الغدر ليلاً حيث يبيت - إذا عرف مضجعه، فكان يقيمه ليلاً من منامه ويضجع ابنه عليّاً مكانه، فقال له عليّ ليلة: إنّي مقتول. فقال له أبوطالب، شعراً:

إصبرن يا بنيّ فالصّبر أحجى

كلّ حيّ مصيره لشعوب (1)

قدّر الله - والبلاء شديد -

لفداء الحبيب وابن الحبيب

لفداء الأغرّ ذي الحسب الثا

قب والباع والكريم النّجيب

إن تصبك المنون فالنّبل تبرى

فمصيب منها وغير مصيب

كلّ حيّ - وإن تملّى بعمر -

آخذ من مذاقها بنصيب

فأجاب عليّ، فقال:

أتأمرني بالصّبر في نصر أحمد

ووالله ما قلت الّذي قلت جازعا

ولكنّني أحببت أن ترى نصرتي

وتعلم أنّي لم أزل لك طائعا

سأسعى لوجه الله في نصر أحمدٍ

نبيّ الهدى المحمود طفلاً ويافعا (2)

____________________

(1) شعوب: المنيّة، يقال أشعب الرّجل إذا مات أو فارق فراقاً لا يرجع، تهذيب الألفاظ لابن السكّيت 453.

(2) المستدرك على شعر أبي طالب عليه‌السلام لأبي هفّان المهزميّ (ت 257 هـ) ص 74.

٢٨٦

ولم يكن أبوطالب ينافح عن ابن أخيه ويكافح بنفس ولده عليّ ودماء بني هاشم وحسب بل كان يجالد عتاة قريشٍ بنفسه، ويخاطب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤمن به، تبع لقيادته ونبوّته، وأنّ كفّه كفّه الضّارب.

بعض الآثار الواردة في نزول الآية في عليّ عليه‌السلام :

* عن امير المؤمنين عليه‌السلام فيما خاطب به أهل الشّورى، محتجّاً عليهم بفضائله وما اختصّه الله تعالى به، ومنه الآية المذكورة، برواية الصّحابيّ أبي الطفيل عامر بن واثلة. المناقب للخوارزميّ 315، ومناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 155، وكنز العمّال 3: 156، وغاية المرام 564.

ورواه الصّحابيّ أبوذر الغفاريّ. أمالي الشّيخ الطّوسيّ 2: 162.

وأيضاً رواه عنه عبيد الله بن أبي رافع. طبقات ابن سعد 1: 227.

ورواه ابن الكوّا، عنه عليه‌السلام . خصائص أمير المؤمنين للشّريف الرضيّ 26.

وأبو مريم الأسديّ، عنه عليه‌السلام . المستدرك على الصحيحين 3: 5.

* الحسن بن عليّ بن أبي طالب. تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزيّ 182، في جواب قامع مسكت لمعاوية وحزبه: عمرو بن العاص، والوليد بن عقبة، لما نالوا من عليّ عليه‌السلام ، وممّا قال: «وبات أمير المؤمنين يحرس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المشركين، وفداه بنفسه ليلة الهجرة، حتّى أنزل الله ( وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ ) .

* عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم‌السلام بسند عن قيس بن ربيع، عن حكيم بن جبير، عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، قال: إنّ من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام . وقال عليّ عليه‌السلام عند مبيته على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى

ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر

رسول إله خاف أن يمكروا به

فنجّاه ذو الطّول الإله من المكر

وبات رسول الله في الغار آمناً

موقّىً وفي حفظ الإله وفي ستر

وبتّ أراعيهم وما يثبتونني

وقد وطّنت نفسي على القتل والأسر

ورد في المناقب للخوارزميّ 127، وينابيع المودّة 92، مع اختلاف يسير في بعض

٢٨٧

الألفاظ، والمستدرك على الصحيحين 4: 4.

وورد بغير الشّعر المذكور، في أمالي الشّيخ الطّوسيّ 2: 61، والبرهان 1: 206، والمناقب لابن شهر آشوب 2: 64.

* ابن عبّاس. مختصر تاريخ دمشق 17: 318، والمناقب للخوارزميّ 126، وينابيع المودّة 92. وبرواية عمرو بن ميمون عنه، في مختصر تاريخ دمشق 17: 329. ورواية أبي صالح عنه في تفسير الطبريّ 9: 149، وتفسير فرات 5 ودلائل النّبوّة لأبي نعيم 63 - 65. والسّدّيّ عن ابن عبّاس أيضاً، في العمدة لابن البطريق 124 وينابيع المودّة: 92.

ورواه أبوغطفان عن ابن عبّاس، في الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 227، وأمالي الطّوسيّ 2: 60. وشعبة عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، في البداية والنهاية 7: 338. ولحديث ابن عبّاس طرق كثيرة في شواهد التنزيل رقم 134، 135، 136، 138.

ومن مصادر الحديث عن ابن عبّاس: أنساب الأشراف للبلاذريّ 2: 106، وخصائص النّسائيّ 61 - 62، ومسند أحمد بن حنبل 1: 330 - 331، ومجمع الزّوائد 9: 19 - 20، وخصائص الوحي المبين لابن البطريق 89، والمعجم الكبير للطّبرانيّ 3: 151. وتاريخ بغداد 13، 191 - 192، والرياض النّضرة 2: 269 - 270، وذخائر العقبى 84 - 88، وكفاية الطّالب 240 - 241، وإحياء العلوم للغزاليّ 3: 252. والتلخيص للذهبيّ 3: 5 / 4263 من المستدرك على الصحيحين، وتفسير الثعلبيّ «الكشف والبيان 2: 126»، وتفسير النيشابوريّ بهامش تفسير الطبريّ 2: 291، وتفسير القرطبيّ 3: 21.

* ورواه الصّحابيّ أبو سعيد الخدريّ. شواهد التنزيل حديث رقم 133.

* وورد عن عائشة بنت قدامة. الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 227.

ومن أجل أن تكتمل الصورة الجميلة للإثارة الّتي ولّدتها الآية المباركة فمن الأنسب ذكر الآيات الّتي سبقتها، إذ التفسير الموضوعيّ للقرآن الكريم يعطي معنىً أجمل وأمثل ممّا يعطيه التجزيئيّ؛ لاتكاء مفرداته وآياته بعضها على الآخر بناءً ومعنى. قال تعالى:

( وَمِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى‏ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلّى‏ سَعَى‏ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الْفَسَادَ *

٢٨٨

وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) (1) .

بيّن سبحانه حال المنافقين يظهر أحدهم حلاوة الكلام وأحسنه ويقرنه باليمين والقسم بالله تعالى حتّى يكاد يصدّق بأنّه من المؤمنين؛ ولكنّ الله مطّلع على دخيلة نفسه فهو أشدّ المخاصمين للإسلام وللمؤمنين، فإذا ما انطلت خدعته على الآخرين من خلال تزويقه للألفاظ والدّعاية لنفسه فصار والياً حاكماً، جار واستبدّ وأفسد وسفك الدّماء، وهذا ما عرفه تاريخنا الماضي والحاضر.

ثمّ انتقل القرآن من ذلك ليرسم صورة أخرى لإنسان آخر، صادق في علاقته مع الله تعالى ونبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قد رهن نفسه وباع حياته مقابل رضى الله تعالى. ومعنى ذلك أنّ حسن الظاهر وصلاحه ليس دليلاً على حسن الباطن، بل ربّما يكون صاحبه في غاية سوء السريرة وفساد الباطن. فإذا تقرّر ذلك بطلت ولايته ولم تجز حاكميّته. ولما كان هذا التمييز ممّا يعسر على المجتمع اقتضى لطف الله تعالى نصب الوالي الصالح ظاهراً وباطناً، فتقرّر فيمن شرى نفسه وعصمها وصار صراط الله المستقيم.

قوله تعالى ( الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللّيلِ وَالنّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ) (2) .

حبّان، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: نزلت في عليّ خاصّةً، في أربعة دنانير كانت له، تصدّق منها نهاراً وبعضها ليلاً، وبعضها سرّاً، وبعضها علانية. (3)

____________________

(1) البقرة / 204 - 206.

(2) نفس المصدر 274.

(3) تفسير الحبريّ: 243؛ شواهد التنزيل للحسكانيّ 1: 114 رقم 155، بزيادة قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ: ما حملك على هذا؟ قال: حملني عليها رجاء أن أستوجب على الله ما وعدني. فقال: ألا ذاك لك؛ فأنزل الله الآية في ذلك وأورده على ما في المتن من تفسير الحبريّ رقم 163، و 161 برواية الأعمش، عن ابن عبّاس.

وعن الضحّاك، عن ابن عبّاس (شواهد التنزيل 1: 114 رقم 162) ورواه فرات من هذا الطريق في تفسيره: 8 - 9. كما ذكر فرات (ص 2 - 3) رواية الحبريّ عن أبي صالح، عن ابن عبّاس.

وروي من طرق كثيرة، أنّه عليه‌السلام كان معه أربعة دراهم وهو جميع ما يملك من مال فأنفقه في سبيل الله تعالى، على الصورة الّتي ذكرها القرآن الكريم. =

٢٨٩

ووجه الاستدلال بالآية الشّريفة مثل الاستدلال بالآية السابقة - في شراء النفس ابتغاء مرضاة الله - تعبير عن غاية صلاح الباطن المنعكس على صفحة الظاهر في البذل والعطاء الخالص لوجه الله تعالى وليس لشيء سوى ذلك؛ فهو يبدأ من عند الله وينتهي إلى عند الله تعالى، فهي العصمة بعينها، الكفيلة بصحّة ورشاد صاحبها واستقامة صراطه. وحكم الآية سائر في كلّ من فعل مثل فعل عليٍّ عليه‌السلام ، مع فضل سبقه عليه‌السلام إلى ذلك.

وكم أنفق بعض الناس وأعطو عظيماً من المال، فما أقام الله تعالى لذلك وزنا ولم ينزل فيه وحياً؛ إذ لم يكن إلاّ ظاهراً حسناً مع باطن فاسد! حاله حال ( وَمِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ

____________________

= رواه عكرمة عن ابن عبّاس. تذكرة الخواصّ: 23.

مجاهد عن ابن عبّاس. أسباب النّزول للواحديّ: 58؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 280؛ أسد الغابة 4: 104؛ كفاية الطّالب 232؛ مجمع الزوائد 6: 324؛ تفسير ابن كثير 1: 326؛ الدّرّ المنثور 1: 363؛ الرّياض النّضرة 2: 206. وعن الكلبيّ مرسلاً، في أسباب النزول للواحديّ: 58، ونفس المصدر عن عبد الوهّاب بن مجاهد، عن أبيه. وعن أبي إسحاق السّبيعيّ، قال: كان لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أربعة دراهم لم يملك غيرها، فتصدّق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً. فبلغ ذلك النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا عليّ ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنجاز موعود الله. فأنزل الله ( الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللّيلِ وَالنّهَارِ ) الآية. تفسير العيّاشي. 1: 151.

ومن المصادر التي أكّدت على اختصاص الخطاب القرآنيّ بعليٍّ عليه‌السلام :

نهج البيان، للشّيبانيّ 1: 352؛ الكشّاف للزمخشريّ 1: 301؛ التبيان 2: 357؛ البرهان 1: 257؛ 2: 4 - 8؛ غاية المرام 347؛ مختصر تاريخ دمشق 18: 9؛ ينابيع المودّة 92؛ العمدة لابن البطريق 349؛ نور الأبصار 158؛ الاختصاص 150؛ مجمع البيان للطبرسيّ 1: 388، مرويّاً عن الصّادقين عليهما‌السلام ؛ ذخائر العقبى 88؛ المعجم الكبير للطّبرانيّ 3: 114؛ المناقب لابن شهر آشوب 2: 71؛ المناقب للخوارزميّ 281؛ تفسير القرآن العزيز: عبد الرزّاق الصنعانيّ 1: 118 / 344؛ تفسير مقاتل بن سليمان 1: 147 - 148 وفيه: ( الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللّيلِ ) الآية، قال مقاتل: ( الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم ) في الصدقة ( بِاللّيلِ وَالنّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ) نزلت في عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه، لم يملك غير أربعة دراهم، فتصدّق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سرّاً، وبدرهم علانية، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما حملك على ذلك؟» قال: حملني أن أستوجب من الله الذي وعدني، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الآن لك ذلك» قال: فأنزل الله عزّ وجلّ فيه ( الّذِينَ يُنْفِقُونَ. .. وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) عند الموت. و معاني القرآن للنّحاس 1: 305؛ تفسير الثعلبيّ 2: 279؛ كنز العمّال 6: 360 / 16059؛ مناقب عليّ لابن مردويه: 224 ح 316؛ تفسير ابن كثير 1: 326؛ كشف الغمة 1: 315؛ كشف اليقين 364؛ فتح القدير 1: 294؛ مفتاح النجا: 39.

٢٩٠

قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى‏ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدّ الْخِصَامِ ) (1)

إلاّ أنّ الوحي سجّل لعليّ عليه‌السلام إنفاقه لهذه الدّراهم القليلة لسببين.

الأوّل: صدقه في الإنفاق في سبيل الله عزّ وجلّ، في حال السرّ والعلن.

الثاني: إنّ هذا القليل الّذي أنفقه عليّ كثير عند الله سبحانه؛ لأنّه متفرّع عن الأوّل الّذي هو الأصل في قبول العمل والأجر عليه. ولأنّه كل ما كان يملك عليه‌السلام فجاد به وكأنه جاد بنفسه في سبيل الله، إذ ما نكاد نجد آية في الجهاد تقرن المال بالنّفس إلاّ وقدّمت الأوّل على الثاني لشدّة ولع النفس بالمال وحرص الإنسان عليه، والمال وسيلة الإنسان لنيل ما يحبّ في دنياه ويرغب. وعليّ عليه‌السلام له السّبق في كل فضل، لا يجد في المال والنّفس إلاّ انّهما أمانة يجب أن تردّ إلى مالكها الحقّ سبحانه.

قوله تعالى: ( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (2) .

مضى الحديث عن الآية بما فيه الكفاية، وأنّها نزلت في الوجوه المقدّسة عند الله تعالى، وهم محمّد حبيب الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنوه وأخوه وعيبة علمه ونفسه الزاكية الزكيّة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وابنته البتول الزّاهرة فاطمة الزّهراء عليها‌السلام ، وسبطاه الشّهيدان الحسن والحسين عليهما‌السلام .

وكان وجه الاستدلال أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قد خرج في هذا الامتحان العسر يتحدّى وفد نصارى نجران وأحبارهم في إثبات نبوّته. فلمّا أنكروها دعاهم إلى المباهلة، أي الملاعنة وإلى دعاء الله تعالى أن ينزل عقابه على الكاذبين، وهي سنّة أمضاها الأنبياء من قبله، فطال المكذّبين من أقوامهم عذاب الله العاجل. ورجال الدّين وأحبار النّصارى يعلمون ذلك، فلمّا حان الموعد خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يباهلهم بنفسه متمثّلة بأخيه عليّ، وبنسائه متمثّلاً ذلك ببضعته الطّاهرة فاطمة، وبولديه الحسن والحسين عليهما‌السلام ، فلمّا رأى وفد

____________________

(1) البقرة / 204.

(2) آل عمران / 61.

٢٩١

النّصارى تلك المصابيح الزّهر شعروا بالهزيمة، فرضوا بإعطاء الجزية على أن لا يباهلوا.

ومن هنا كان عليّ وفاطمة والحسنان عليهم‌السلام معجزة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ، ولو قامت الحجّة على النّبيّ وحلّ العقاب بساحته، لبطلت معجزته وانتهت رسالته. فدلّ ذلك على عصمتهم واستقامة صراطهم ولزوم منهجهم.

عن أبي رياح، مولى أمّ سلمة، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: «لو علم الله أنّ في الأرض عباداً أكرم من عليّ وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء - وهم أفضل الخلق - فغلبت بهم النّصارى» ينابيع المودّة: 244.

قوله تعالى: ( ثُمّ أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِن بَعْدِ الْغَمّ أَمَنَةً نُعَاسَاً يَغْشَى‏ طَائِفَةً مِنكُمْ ) (1) .

حبّان، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: نزلت في عليّ عليه‌السلام ؛ غشيه النّعاس يوم أحد (2) .

____________________

(1) آل عمران / 154.

(2) تفسير الحبريّ: 249؛ تفسير فرات 19 عن الحبريّ - رواية ابن عبّاس -، وكذلك شواهد التنزيل 1: 135. وروى ابن شهر آشوب رواية ابن عبّاس، وأضاف: والخوف مسهر، والأمن منيم. المناقب3: 122. وفي تفسير العيّاشيّ 1: 201، وعنه في البرهان 1: 321: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ أين كنت؟ فقال: يا رسول الله لزقت بالأرض. فقال: ذاك الظنّ بك». وفي أسد الغابة 4: 97، عن سعيد بن المسيّب، قال: لقد أصابت عليّاً يوم أحد ستّ عشرة ضربة، كلّ ضربة تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلاّ جبريل عليه‌السلام وأسد الغابة أيضاً 98: عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، قال: قال عليّ: لما تخلّى النّاس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله، فقلت: والله ما كان ليفرّ، وما أراه في القتلى، ولكن الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيّه، فما فيّ خير من أن أقاتل حتّى أقتل. فكسرت جفن سيفي، ثمّ حملت على القوم فأفرجوا لي، فإذا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بينهم.

ونفس المصدر: 97 - 98، قال الزّبير بن بكّار: وله - أي لعليّ بن أبي طالب - يقول أسيد بن أبي أناس بن زنيم، وهو يحرّض مشركي قريش على قتله ويعيّرهم:

في كلّ مجمع غاية أخزاكم

جذع أبرّ على المذاكى القرّح

لله درّكم! ألما تنكروا

قد ينكر الحيّ الكريم ويستحي

هذا ابن فاطمة الّذي أفناكم

ذبحاً، وقتلة قعصة لم تذبح

أعطوه خرجاً واتّقوا بضريبة

فعل الذّليل وبيعة لم تربح

=

٢٩٢

____________________

=

أين الكهول؟ وأين كلّ دعامة

في المعضلات؟ وأين زين الأبطح؟

أفناهم قعصا وضرباً يفري

بالسّيف يعمل حدّه لم يصفح

معاني بعض المفردات: الجذع - بفتحتين -: الشّاب الحدث، والمذاكي: الخيل، وقعصه: أجهز عليه وقتله قتلاً سريعاً. انظر لسان العرب، وتهذيب الألفاظ لابن السكّيت.

ونفس المصدر 97، عن ثعلبة بن أبي مالك، قال: كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المواطن كلّها، فإذا كان وقت القتال أخذها عليّ بن أبي طالب.

ومن أمر أحد أنّ قريشاً لما خذلتها آلهتها وولّت مذعورة تجرّ ذيل الخزي؛ إذ هزم الله تعالى جمعها على يد النّبيّ والمؤمنين يوم بدر، فإنّها عاودت فجمعت فلولها لتغسل عار الهزيمة النّكراء، ونذرت كلّ ما عندها من عدّة ورجال، يقودهم أبو سفيان صخر بن حرب الأمويّ، وتستنهض هممهم النّساء يضر بن الدفوف، وتصهل هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان وأمّ معاوية بن أبي سفيان، ومن نعيقها:

إن تقبلوا نعانق

ونفرش النّمارق

أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق

والنمارق: واحدتها نمرقة وهي الوسادة، والوامق: المحبّ.

ولقد حصل يومئذ أمور، من ذلك أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله استشار من معه في البقاء في المدينة فإذا دخلت قريش قاتلهم فيها، أوالخروج وملاقاة العدوّ خارجها. فاختلفت كلمتهم، وتكلّم المنافقون ونشطوا، فلبس النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمته، فعندئذ قال بعضهم: يا رسول الله، استكرهناك ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعد! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ينبغي لنبيٍّ إذا لبس لأمته أن يضعها حتّى يقاتل، فخرج.

ومنه: لما كان المسلمون بالشّوط - بين أحد والمدينة - انخزل عنه عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين، قال: علام نقتل أنفسنا؟! فعاد بمن تبعه م المنافقين والمتخاذلين، فكانوا ثلث النّاس.

وتزاحمت الحوادث، فقد همّت بنو سلمة وبنو حارثة بالرّجوع حين رجع عبد الله بن أبيّ، ثمّ ثابوا إلى رشدهم وتابوا من ذلك فذلك قوله تعالى: ( إِذْ هَمّت طَائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ ) آل عمران / 122.

ومنه - وهو الأعظم خطراً وكاد أن يلحق هزيمةً ماحقة في صفوف المسلمين - مخالفتهم أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخروجهم عن طاعته! ذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بجيشه الشّعب من أحد في عدوته الدّنيا - والعدوة هي شفير الوادي وجانبه - فجعل ظهره وعسكره إلى أحد؛ من أجل أن لا يبغته العدوّ من وراء عسكره، وجعل عليه خمسين من الرّماة وأمرهم أن ينضحوا خيل المشركين بالنّبل ولا يغادروا مكانهم على أيّ حال، وأمر عسكره ان لا يبدأوا القتال حتّى يأمرهم بذلك. وهنا حدثت المخالفة التالية: فقد سرّحت قريش الظّهر والكراع =

٢٩٣

____________________

= «الظّهر: الإبل، والكراع: الخيل» في زروع كانت بالصّمغة من قناة للمسلمين، «والصّمغة أرض قرب أحد» وهنا قال رجل من المسلمين حين نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن القتال: أترعى زروع بني قيلة - الأوس والخزرج - ولما نضارب؟!

ولما اشتبك الجمعان هزم الله تعالى المشركين وولّوا الدّبر، وذهبت نساؤهم في كلّ صوب مصعدات في الجبل، ودخل المسلمون ينتهبون عسكر المشركين. وهنا حدثت المخالفة الآتية الّتي قلبت المعادلة وكادت تذهب برسول الله شهيداً، وتئد الإسلام وهو ما يزال طريّاً؛ فقد اختلف الرّماة إذ رأوا رسول الله وأصحابه في جوف عسكر المشركين، فقالت طائفة: أدركوا الغنيمة قبل أن يسبقونا إليها! وقالت طائفة: نثبت مكاننا لا نترك أمر رسول الله. وانطلق عامّتهم، فلحقوا بالعسكر. فلمّا رأى خالد بن الوليد قلّة الرّماة، صاح في خيله من أهل الكفر والشّرك ثمّ حمل، فقتل الرّماة، وحمل على أصحاب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . فلمّا رأى المشركون أنّ خيلهم تقاتل تنادوا، فشدّوا على المسلمين فهزموهم. وضاع شخص رسول الله وسط المشركين الّذين أذاعوا أنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قتل! وهنا أيضاً حصل أمر: فلقد كان لهذا الإعلان وقع خطير وأثر جسيم على حاضر الإسلام ومستقبله؛ إذ زاد في الهزيمة هزيمةً وأفصحت النّفوس عن دخائلها، ولاذ بعض إلى مفازة ظلّوا فيها يأكلون ويشربون. عن القاسم بن عبد الرّحمن بن رافع من بني عديّ، قال: «انتهى أنس بن النّضر - عمّ أنس بن مالك - إلى عمر بن الخطّاب، وطلحة بن عبيد الله، في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟! قالوا: قتل رسول الله! قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . ثمّ استقبل القوم، فقاتل حتّى قتل، وبه سمّي أنس بن مالك». انظر في هذا السّيرة النّبويّة لابن هشام 3: 88؛ تاريخ الطبريّ 2: 119.

«وفرّ عثمان بن عفّان، وعقبة بن عثمان، وسعد بن عثمان - رجلان من الأنصار - حتّى بلغوا الجلعب - جبلاً بناحية المدينة - فأقاموا به ثلاثاً، ثمّ رجعوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فزعموا أنّ رسول الله قال لهم: لقد ذهبتم فيها عريضة!» تاريخ الطّبريّ 2: 203.

قال الزّبير: صرخ صارخ: ألا إنّ محمّداً قد قتل! فانكفأنا وانكفأ علينا القوم. تاريخ الطّبريّ 2: 197.

وإزاء هذه المواقف مواقف أخرى: ذكرنا موقف أنس بن النّضر، وهذا موقف آخر ليهوديّ قتل شهيداً! إنّه: مخيريق. ومن خبره أنّه كان حبراً عالماً، غنيّاً كثير الأموال من النّخل، وكان يعرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بصفته، وما يجد من علمه، حتّى إذا كان يوم أحد حثّ قومه على نصرة النّبيّ، وأخذ سيفه وعدّته، وقال: إن أصبت فمالي لمحمّد يصنع فيه ما شاء. ثمّ غدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقاتل معه حتّى قتل، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مخيريق خير يهود». انظر السّيرة لابن هشام 3: 94؛ المغازي للواقديّ 3: 378؛ الطّبريّ 2: 209. =

٢٩٤

____________________

= وهناك مواقف أخرى لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من استشهد بعد أن هدّ كتائب المشركين وفلّ جموعهم وفرى رجالهم، مثل حمزة عليه‌السلام عمّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وأبي دجانة سماك بن خرشة، وخمسة نفر من الأنصار فيهم زياد بن السّكن؛ قاتلوا دون رسول الله، رجلاً ثمّ رجلاً يقتلون دونه.

وكان للمرأة يومئذ دور يذكر فيشكر، فهذه نسيبة بنت كعب المازنيّة، لما انهزم المسلمون، باشرت القتال تذبّ عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالسّيف وترمي بالقوس، حتّى أصيبت إصابات شديدة بقي أثرها فيما بعد.

والواقع أنّنا لم نجد فيما رجعنا إليه من المصادر المعتمدة لدى المحقّقين المسلمين، مواقف تمّ عن أدنى صور الرّجولة والاستبسال لدى من ذكرهم ابن القيّم، ومضى إلى القول إنّ صراطهم صراط الله المستقيم، وصراط غيرهم صراط المغضوب عليهم والضّالين! فخيرهم في هذا الميدان لا نجد له الاّ جملاً عائمة، مفادها أنّه ممّن قاتل بين يدي رسول الله، أمّا أيّ كتيبة هدّ، وأيّ صعلوك - فضلاً عن أحد فرسان قريش - بارزه فقتله؟ فهذا ما سكت عنه التاريخ.

أمّا الآخر: فهو مع أحد «العشرة المبشّرة» بالجنّة في جمع من عسكر المسلمين في مفازة يطعمون لأنّهم سمعوا الهاتف: قتل محمّد! وكأنّ العقيدة مرهوة بوجود شخص النبيّ، فإذا مضى انتهى أمر هذا الدّين! وقد سجّل القرآن الكريم هذا اللّون من السّلوك منكراً على أصحابه أشدّ النكير: ( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ ) «آل عمران / 144».

وأين هذا الموقف والقول من موقفه يوم السّقيفة؟! فبعد أن قطع على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طلبه قلماً ودواةً ليكتب لهم عهداً لن يضلّوا بعده أبداً أوجد هذا حالةً من اللّغط من خلال قوله: إنّ النّبيّ يهجر! ثمّ أسرع إلى سقيفة بني ساعدة حيث اجتمع فيها عدد من المهاجرين والأنصار قد تخلّوا عن نبيّهم، واجتمعوا يختصمون: كلّ يطلب ذاك ويدوس في بطنه وسيفه على عاتقه، ثمّ قال: «إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله قد توفّي. وإنّ رسول الله والله ما مات، ولكنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلةً، ثمّ رجع إليهم بعد أن قيل قد مات. ووالله ليرجعنّ رسول الله كما رجع موسى، فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنّ رسول الله مات». فهلاّ كان مثل هذا القول يوم أحد، يوم التمحيص والبلاء العظيم، ليشدّ أزر الرّجال ويجمعهم لردّ كرّة المشركين؟! وكيف يصدّق إذاعتهم أنّ «محمّداً قد مات». فهلاّ كان مثل هذا القول يوم أحد، يوم التمحيص والبلاء العظيم، ليشدّ أزر الرّجال ويجمعهم لردّ كرّة المشركين؟! وكيف يصدّق إذاعتهم أنّ «محمّداً قد مات» فيكفّ عن القتال ولا يصدّق موت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يراه عياناً؟!

ولا كلام لنا مع الثالث من العشرة المبشّرة بالجنّة حيث ذهب مع رهطٍ الى حوالي المدينة وبعد ثلاثة أيّام =

٢٩٥

____________________

= عادوا، ولكن لم عادوا؟ فليس هذا ذا بالٍ؛ فقد ذهبوا فيها عريضة! كما أنّ ابن القيّم لم يجعل صراطه مستقيماً!

وفي الطرف الآخر يقف عليّ عليه‌السلام خارجاً عمّن انكفأ حين انكفأ المشركون على عسكر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يكن لإذاعة الشّيطان أنّ «محمّداً قد قتل» أدنى أثر في نفسه إلاّ زيادة اليقين في وجوب مجاهدة العدوّ والغوص في لهوات الحرب وقد كسر جفن سيفه. إنّها بيعة لله ولرسوله، فأمعن في جموعهم تقتيلاً وتشريداً، ولم تقرّ نفسه حتّى وجد النّبيّ يجاهد الكفّار ويغلظ عليهم. فعليّ أنأى ما يكون عن حالة الارتداد الّتي أصابت القوم يومئذ وبعدئذ، وترجمتها الوقائع المتلاحقة.

ولهذا وغيره: فعليّ عليه‌السلام أمير كلّ آية فيها خطاب ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ، وقد عاتب الله سبحانه عامّة الصّحابة، وما عاتب عليّاً بشيء من ذلك. وممّا كان من أمر عليٍّ يومئذ ما رواه حبان عن محمّد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدّه، قال: لما قتل عليّ بن أبي طالب أصحاب الألوية أبصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جماعةً من مشركي قريش، فقال لعليّ احمل عليهم، فحمل عليهم، ففرّق جمعهم وقتل عمرو بن عبد الله الجمحيّ. قال: ثمّ أبصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جماعةً من مشركي قريش، فقال لعليّ: احمل عليهم، فحمل عليهم ففرّق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك ابن المضرّب، أحد بني عامر بن لؤي، فقال جبريل عليه‌السلام : يا رسول الله، إنّ هذه للمواساة! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه منّي وأنا منه». فقال جبريل عليه‌السلام : وأنا منكما. قال: فسمعوا صوتاً:

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ

تاريخ الطّبري 20: 197؛ الأغاني لأبي الفرج الأصبهانيّ 15: 192؛ الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكيّ 56؛ السّيرة النّبويّة لابن هشام 3: 106؛ مختصر تاريخ ابن عساكر 17: 31 إلاّ أنّه اقتصر على ذكر حديث أبي رافع، ولم يذكر النّداء، وذكر في ص 319 حديث أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام ، قال: نادى منادٍ في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ» ومثله في مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 199 ح 235؛ كفاية الطّالب 277؛ سنن البيهقيّ 3: 276؛ المستدرك على الصحيحين 2: 285؛ ذخائر العقبى 74؛ الرّياض النّضرة 2: 190؛ المناقب للخوارزميّ 167؛ المستدرك على الصحيحين 2: 285؛ ذخائر العقبى 74؛ الرّياض النّضرة 2: 190؛ المناقب للخوارزميّ 167: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر: «هذا رضوان ملك من ملائكة الله ينادي: لا سيف إلاّ ذوالفقار ولا فتى إلاّ عليّ»، وميزان الاعتدال 2: 317؛ لسان الميزان 4: 406؛ مجمع الزّوائد 6: 114، وفي كفاية الطّالب 274 ذكر حديث أبي رافع من غير ذكر النداء ومصادر الحديث أكثر من هذا بكثير، من ذلك: خصائص النّسائيّ 77؛ كنز العمّال 11: 350؛ كنوز الحقائق للمناويّ 37.

ونجد في بعض هذه المصادر ما ينصّ على أنّ النّداء كان يوم بدر، ويوم أحد، ممّا يؤكّد خطر منزلة عليّ عليه‌السلام =

٢٩٦

قوله تعالى: ( الّذِينَ اسْتَجَابُوا للّهِ‏ِ وَالرّسُولِ مِن بَعْدِمَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ) (1) .

( الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (2) .

بعد انتهاء وقعة أحد ظلّت الحالة العامّة على ما هي عليه قبل المعركة؛ فالمشركون بزعامة أبي سفيان عادوا منها ولما يحقّقوا ما كانوا يصبون إليه من استئصال المسلمين،

____________________

= وخصوصيّته من بين أتباع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

الاستدلال: يستدلّ بالواقعة على انقطاع النّظير، في الشّجاعة، لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ في عليّ عليه‌السلام ، من غير بخس لأسد الله وأسد رسوله: حمزة بن عبد المطّلب، وأبي دجانة. إلاّ أنّ لعليّ من بينهما خصوصيّة في كلّ ميدان وعلى أيّ صعيد؛ ولذا خصّ بالهتاف وقول جبريل عليه‌السلام : «إنّ هذه للمواساة» أي أنّ المواساة كلّ المواساة تتجلّى في سلوك عليّ، وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه منّي وأنا منه»، وإدخال جبريل نفسه معهما: «وأنا منكم يا رسول الله». كلّ ذلك يدلّل على عصمة عليّ عليه‌السلام لأنّه بعض من كلٍّ لا يجوز على أحدهم ما ينافي العصمة، فهو بين نبيٍّ وملك جليل.

والشّجاعة والفداء على هذا الحال ممّا يكشف عن نفس صاحبها وطهارة معدنه، وهو من دعائم شخصيّة المتصدّي للحكم؛ لأن الشّجاع من قهر ذاته ولم يغلبه هواه. ومن انتصر على نفسه كان على غيرها أقدر، من إقامة الحدود بعدالة، والتصدّي لأعداء الإسلام.

والأمر الآخر أنّ الآية قبلها ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى‏ أَحَدٍ وَالرّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّا بِغَمّ ) آل عمران / 153. شرح لحال المنهزمين من المسلمين وهم يمعنون بالفرار مخالفين لله تعالى في وجوب الثّبات في الحرب، ومخالفين النّبيّ في أمرين: الثّبات في مواضعهم، والآخر عدم التفاتهم للنّبيّ وهو يناديهم «ارجعوا إليّ عباد الله! أنا رسول الله». ولم يقع من امير المؤمنين عليّ عليه‌السلام شيء من هذا، فما زال من موضعه قدما وإنّما أمعن في المضيّ قدماً يجندل أبطال العدوّ ويفدي الرّسول بمهجته ويأتمر بأمره: «احمل عليهم»، فيحمل...

وطاعة رسول الله طاعة الله، ومن هذا شأنه فصراطه بالاتّباع أولى ومشايعته أوجب؛ لقوله تعالى: ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) النّساء / 59. ولا يعقل أن يكون وليّ الأمر من يخالف الله والرّسول، فوجب طاعة عليّ دون غيره، ولأنّ الله تعالى قرن طاعته بطاعته. وسيأتي الكلام على الآية إن شاء الله.

(1) آل عمران / 172.

(2) نفس المصدر 173.

٢٩٧

فندموا وقررّوا الودة لذلك، فبعث أبو سفيان رسالة إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوعّد ويهدّد. والمنافقون عاودوا نشاطهم في تثبيط المسلمين وتهويل الأمر عليهم... فما كان جواب النّبيّ والمؤمنين معه إلاّ أن قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثمّ إنذه انتدب عصابة مع ما بهم من القروح والجراح الّتي أصابتهم يوم أحد، ونادى منادي رسول الله: ألا لا يخرجنّ أحد إلاّ من حضر يومنا بالأمس. وكان هدف النّبيّ أن يرهب العدو، ويريهم أنّ المسلمين قوّة لا تقهر.

وهل لمثل الجسام إلاّ عليّ؟ فنفر في تسعة من المؤمنين استجابوا لله ورسوله، ممّا أوقع الرّعب في قلوب المشركين، فولّوا إلى مكّة، وعاد المسلمون رافعي الرأس. وقد سجّل لهم الوحيّ ذلك، وعليّ أمير الجماعة الّتي استجابت لله ورسوله، ولم يكن عليه أمير فيها ولا في غيرها، ولم يكن معه في هذا النّفير الصّعب واحد ممّن ذكر ابن القيّم، فبات صراط عليّ هو الصّراط المستقيم لطاعته لله ورسوله على كلّ حال وفي كلّ آن، ولأنّ الله تعالى قرن طاعته بطاعته ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) .

في قوله تعالى: ( الّذِينَ اسْتَجَابُوا للّهِ‏ِ وَالرّسُولِ مِن بَعْدِمَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ) الآية، قالوا: نزلت في عليّ عليه‌السلام وتسعة نفر معه، بعثهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أثر أبي سفيان حين ارتحل، فاستجابوا لله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

____________________

(1) تفسير الحبريّ: 251؛ تفسير فرات 19 عن الحبريّ؛ شواهد التنزيل 1: 135، كلّ عن محمّد بن السائب الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس وشواهد التنزيل حديث 183 عن موسى بن عمير، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس.

وعن أبي رافع. شواهد التنزيل ح 182؛ مناقب ابن شهر آشوب 3: 125، وقال: روي عن أبي رافع بطرق كثيرة أنّه لما انصرف المشركون يوم أحد قالوا: لا الكواعب أردفتم، ولا محمّداً قتلتم، ارجعوا. فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبعث عليّاً عليه‌السلام في نفر من الخزرج». البرهان 1: 326؛ غاية المرام 407.

وعن سالم بن أبي مريم، عن أبي عبد الله الصّادق عليه‌السلام . شواهد التنزيل ح 185؛ تفسير العيّاشيّ 1: 206، وفيه: قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث عليّاً عليه‌السلام في عشرة «استجابوا لله وللرّسول من بعد ما أصابهم القرح» إلى «أجر عظيم»: إنّما نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام .

وعن جابر، عن محمّد الباقر عليه‌السلام ، قال: لما وجّه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله امير المؤمنين وعمّار بن ياسر إلى أهل مكّة، =

٢٩٨

قوله تعالى ( أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَى‏ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ) (1) .

أبو عبيد الله المرزبانيّ، بسنده عن الكلبيّ، عن أبي صالح، قال: نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي عليّ (2) .

____________________

= قالوا: بعث هذا الصبيّ، ولو بعث غيره إلى أهل مكّة وفي مكّة صناديد قريش ورجالها؟! والله الكفر أولى بنا ممّا نحن فيه! فساروا وقالوا لهما وخوّفوهما بأهل مكّة وغلظوا عليهما الأمر، فقال عليّ عليه‌السلام : حسبنا الله ونعم الوكيل، ومضيا. وأخبر الله نبيّه بقولهم لعليّ وبقول عليّ لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه وذلك قوله تعالى: ألم تر إلى ( الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ، وإنّما نزلت «ألم تر» إلى فلان وفلان لقوا عليّاً، وعمّاراً، فقالا: إنّ أبا سفيان، وعبد الله بن عامر وأهل مكّة قد جمعوا لكم فاحشوهم؛ فزادهم إيماناً وقالوا:

«حسبنا الله ونعم الوكيل». تفسير العيّاشيّ 1: 206.

والآية فيصل بين حقّ محض وباطل. وهذا الباطل تمثّل في الّذين يصعدون في الجبل فراراً ولا يستجيبون لأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعودة إليه، كما لم يستجيبوا أمره أوّلاً بالثّبات في مواضعهم، فمنهم من تعلّل بأنّه سمع بموت رسول الله، فلم ينتصر لنبيّه وإنّما جلس في رفقة له يأكلون. وآخرون مضوا على وجوههم إلى المدينة. وطائفة يعلمها الله تعالى بدخائل نفوسها ( يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ ) . وهذا يقتضي عدم جواز اتّباع هذه الفئات؛ لفقدها العصمة المانعة من معصية الله تعالى ومخالفة أحكامه.

إنّ الحقّ - والحالة هذه - مع المعنيّين بالخطاب بأن لا يحزنوا لما فاتهم من النّصر، ولما أصابهم من الشدائد يوم أحد. وخير مصداق له: المعنيّ بنزول الأمنة عليه في ذلك الموقف الصّعب، وهو عليّ عليه‌السلام . يقوّيه في المعنى ويعضده توالي الزّمن م ثبوت الحال؛ فالكفّار يتوعّدون، والمنافقون يرجفون، وغيرهم مخذول مخذّل! وعليّ - على ما به من قروح - أوّل من استجاب لأمر رسول الله، فخرج في أثر المشركين، ولم يلتف إلى المثّاقلين إلى الأرض، وما زاد على قوله: حسبنا الله ونعم الوكيل» والله تعالى يقول: ( إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُتَوَكّلِينَ ) آل عمران / 159.

(1) النّساء / 54.

(2) البرهان 1: 378؛ غاية المرام: 268؛ اللّوامع النورانيّة: 81؛ وينابيع المودّة: 121 عن ابن المغازليّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس. وابن حجر الهيتميّ في الصّواعق المحرقة: 150، من نفس الطريق.

وفي تفسير الحبريّ: 255 ونقله عنه الحسكانيّ في شواهد التنزيل ح 186 من طريق المرزبانيّ، وفيه: «نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بما أعطاه الله من الفضل». والرواية متّحدة الطريق - من المرزبانيّ - وإنّ الأصل في عنوان تفسير الحبريّ هو: «ما نزل من القرآن في عليّ» وأحياناً «ما نزل في أهل البيت» وعليّ من أهل البيت =

٢٩٩

قوله تعالى: ( يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) .

____________________

= ونفس رسول الله وأخوه، والآية بلفظ الجماعة، مضافاً إلى أنّ المصادر والرّوايات من غير هذا الطّريق متّفقة على أن المعنيّ: رسول الله وعليّ، وفي بعضها: رسول الله وأهل بيته، فربّما حذف اسم عليّ لسبب أو آخر، على أنّه يبقى من المحسودين.

* ومن الآثار الدّالّة على ذلك ما جاء عن امير المؤمنين عليه‌السلام ، في جواب له لمعاوية بن أبي سفيان، وذكره سليم بن قيس الهلاليّ العامريّ «المتوفّى سنة 90 هـ) في كتابه السّقيفة: 194، جاء فيه: ( أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَى‏ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ) فنحن النّاس ونحن المحسودون، قال الله عزّ وجلّ: ( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُلْكاً عَظِيماً ) [ تكملة الآية السّابقة ]. إنّ الملك العظيم أن جعل فيهم أئمّة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله، وآتاهم الكتاب والحكمة والنّبوّة؛ فلم يقروّن بذلك في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمّد؟!

* محمّد الباقر عليه‌السلام

رواه جابر عنه قال: نحن النّاس. مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 267 وعنه في العمدة: 185؛ ينابيع المودّة: 121؛ غاية المرام: 268؛ أمالي الطّوسيّ 1: 178 وعنه البرهان 1: 376.

ورواه بريد العجليّ، عنه عليه‌السلام . البرهان 1: 375؛ غاية المرام: 268 ولفظه: «نحن النّاس المحسودن على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين». وله طرق أخرى عن الإمام الباقر عليه‌السلام غير هذه.

* جعفر الصادق عليه‌السلام

رواه أبو حمزة الثماليّ عنه عليه‌السلام ، قال: «نحن والله المحسودون». البرهان 1: 377؛ غاية المرام 269.

وأبو سعيد المؤدّب، عنه عليه‌السلام ، قال: «نحن النّاس، وفضله: النبوّة». شواهد التنزيل ح 196؛ البرهان 1: 378.

ورواه أبان بن تغلب، عنه عليه‌السلام . شواهد التنزيل ح 195. ومحمّد بن فضيل عنه عليه‌السلام . شواهد التنزيل: 197 ولفظه: «نحن والله هم، نحن والله المحسودون».

في مختصر تاريخ دمشق 17: 381 عن أبي رافع: إنّ عليّاً دخل على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مغضب، فشكا إليه بغض قريش له، وحسد النّاس إيّاه، فقال رسول الله: «يا عليّ، أما ترضى أنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين؟».

ونفس المصدر: وعن عليّ قال: شكوت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حسد النّاس لي، فقال: «يا علي، أما ترضى أنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذرارينا خلف أزواجنا وأشياعنا من ورائنا؟».

بعد كلّ ذلك فلم لا يحسد عليّ؛ وغنيّ عن الزيادة في البيان في ظهور الآية في استقامة صراط عليّ.

(1) النساء / 59.

٣٠٠