منهاج السالكين

منهاج السالكين0%

منهاج السالكين مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 413

منهاج السالكين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
تصنيف: الصفحات: 413
المشاهدات: 131109
تحميل: 5716

توضيحات:

منهاج السالكين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131109 / تحميل: 5716
الحجم الحجم الحجم
منهاج السالكين

منهاج السالكين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

والطّواف في رحابه حجّ، وذكره موعظة.

بسندٍ عن عبد الله بن مسعود، قال قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «النظر إلى وجه عليّ عبادة». (1)

وكيع عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة أنّ النبيّ قال: «النظر إلى وجه عليّ

____________________

= لكونه وارث علم النبوّة، وهو من دعاة الهدى للأمّة يجنّب النّاس المكاره والمعاطب، ويرشدهم إلى سبيل الخير والصّلاح، ويدعوهم إلى ما دعاهم الله إليه ورسوله، وينهاهم عمّا نهاهم الله عنه ورسوله، فيكونون بين يدي العالم كالأسير بين يدي مالكه، لا يتّهمه في أمر ولا نهي ويكون عند رؤيته كالنّاظر إلى وجه رسول الله، والجالس بين يديه ولا ينظر إليه شزرا ولا يرفع صوته بين يديه. «والنّظر إلى المصحف عبادة» من حيث معرفة وجوب حرمته وجلالته وإكرامه وإعظامه، وتأمّله إلى الأمر والنّهي، والندب والاستحباب، وسؤال الله تعالى الرّحمة عند ذكر الرّحمة والجنّة، والاستعاذة بالله من النّار والفتن والشّرور عند ذكرها، فيفرّغ سرّه وجوارحه عند النّظر في كتاب الله، ويدّبر آياته ويتفكّر في عبره وتبيانه، فيكون من العابدين بقراءته ومن العائذين بالنظر إليه «والنّظر غلى وجه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عبادة» إذا كان النظر إليه بعين الاحترام والتبجيل والإكرام أنه سفير بين الله عزّ وجلّ وبين عبده، وله المكانة العظيمة لاختيار الله تعالى إيّاه لرسالته واطّلاعه على أسرار الحقّ.

وكذلك «النظر إلى الكعبة عبادة» وهي حجارة بناها البنّاها إمّا من أهل الإيمان، وغمّا من أهل الشّرك وهي إنّما النظر إليه عبادة من حيث إنّها نسبت إلى الله عزّ وجلّ بالتخصيص والتشريف، وأنّها بيت الله وموضع نظره من أرضه ومهبط وحيه ورحمته وحياطة ملائكته ومحلّ أنبيائه ورسله، ومائدة وليمته في أرضه الّتي دعا النّاس إليها، وأوجب عليهم حجّها؛ فإنّ النّاظر إليها كالناظر إلى الله عزّ وجلّ، فينظر إليها بالتعظيم والتوقير، ويلوذ بها ويطوف حولها، ويتمسّح بأركانها كما يفعل العبد الذليل بين يدي المولى الجليل، يرجو فضله ويخاف من المجازاة لعدله.

«وأمّا النظر إلى وجه عليّ فإنّه عبادة» من حيث إنّه ابن عمّ الرسول، وزوج البتول، ووالد السبطين الحسن والحسين، وأخو الرسول، ووصيّه، وباب علمه، والمبلّغ عنه، والمجاهد بين يديه، والذّابّ عنه، والمجلي الكرب عنه، والباذل نفسه لله تعالى ولرسوله... ويدلّ على فضل النظر إليه على فضل النظر إلى الكعبة: أنّ النّبيّ وقف حيال الكعبة، وقال: «ما أجلّك وما أشرفك وما أعظمك عند الله! والمؤمن عند الله أعظم وأشرف منك». وهذا يدلّ على أنّ النظر إلى وجه عليّ أفضل من النظر إلى الكعبة.

(1) المناقب للخوارزميّ: 361؛ المستدرك للحاكم 3: 141؛ حلية الأولياء 5: 58؛ ميزان الاعتدال للذهبيّ 4: 401؛ لسان الميزان لابن حجر 6: 178.

٤١

عبادة». (1)

وعن أبي هريرة، قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى عليّ بن أبي طالب، فقلت: ما لك تديم النظر إلى عليّ كأنّك لم تره؟! فقال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «النظر إلى وجه عليّ عبادة». (2)

وعن جابر بن عبد الله الأنصاريّ، وواثلة بن الأسقع - وبطرقٍ عدّة - عن عمران بن حصين: «النظر إلى عليّ عبادة». (3)

وعن معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة قالت: رأيت أبابكر يكثر النظر إلى وجه عليّ؛ فقلت له: يا أبه، أراك تكثر النظر إلى وجه عليّ! فقال: يا بنيّة، سمعت رسول الله يقول: «النظر إلى وجه عليّ عبادة» (4) .

الحجّ إلى عليّ

بسند عن أبي ذرّ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل عليّ فيكم - أو قال: في هذه الأمّة - كمثل الكعبة المستورة - أو المشهورة -، النظر إليها عبادة، والحجّ إليها فريضة» (5) .

وفيه رمز لعلوّ منزلة عليّ السامقة؛ فقصد البيت الحرام والطّواف بالكعبة فريضة لمن استطاع إليه سبيلاً، ويجزئ فيه مرّة في العمر. أمّا الطّواف بعليّ فلا، ذلك أنّه خليفة رسولالله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنه يستمدّ المسلم معالم دينه، وهو سبيل النجاة ولما كان عليه‌السلام بهذه المنزلة

____________________

(1) خلية الأولياء 2: 182؛ منتخب كنز العمّال 5: 30؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 207؛ لسان الميزان 1: 242.

(2) تاريخ بغداد 2: 51؛ ميزان الاعتدال 3: 484؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 207.

(3) مناقب الإام عليّ: 209؛ ينابيع المودّة: 90؛ الرياض النّضرة 2: 219؛ البداية والنهاية 7: 357؛ تاريخ الخلفاء: 66؛ كفاية الطّالب: 161؛ المناقب للخوارزميّ: 362.

(4) مناقب الامام عليّ: 211؛ ترجمة الإمام عليّ 2: 391؛ تاريخ بغداد 2: 51؛ كفاية الطّالب: 161، 362.

(5) كفاية الطّالب: 161؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 107؛ كنز العمّال 6: 158؛ مجمع الزوائد 9: 119؛ الرياض النضرة 2: 219.

٤٢

لم يكن عليه أن يأتي غيره، وإنّما عليهم أن يشدّوا الرّحال إليه فيأتوه، فهو بذلك بمنزلة الكعبة يؤتى ولا يأتي، ويقصد ولا يقصد. إنّه منار الهدى وصراط الله المستقيم.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : «أنت بمنزلة الكعبة: تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلّموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتّى يأتوك» (1) .

وبعد أن قامت الحجّة وتمّت الرسالة بتبليغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رسالة الباري عزّ وجلّ بتنصيب الوصيّ عليّ عليه‌السلام ؛ فإنّ موالاة عليّ وآله من تمام موالاة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسعي في ساحتهم كالسعي بين الصفا والمروة، وهم سفينة النجاة لأمّة محمّد بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصراطهم هو الصّراط المستقيم.

أخرج الشريف الرضيّ بسند عال، قال: حدّثني أبو محمّد هارون بن موسى، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدّثني أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني أبي محمّد، قال: حدثني أبي عليّ، قال: حدّثني أبي موسى، قال: حدّثني أبيجعفر، قال: حدّثني أبي محمّد، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني الحسين بن عليٍّ، عن أبيه امير المؤمنين عليه‌السلام ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليّ مثلكم في النّاس مثل سفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، فمن أحبّكم يا عليّ نجا، ومن أبغضكم ورفض محبّتكم هوى في النّار. ومثلكم يا عليّ مثل بيت الله الحرام: من دخله كان آمنا منكم، فمن أحبّكم ووالاكم كان آمناً من عذاب النّار، ومن أبغضكم ألقي في النّار. يا عليّ ( وَللّهِ‏ِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ومن كان له عذر فله عذره، ومن كان فقيراً فله عذره، ومن كان مريضاً فله عذره، والله لا يعذر غنيّاً ولا فقيراً ولا مريضاً ولا صحيحاً ولا أعمى ولا بصيراً في تفريطه في موالاتكم ومحبّتكم» (2) .

____________________

(1) أسد الغابة 4: 112.

(2) خصائص امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب للشريف الرضيّ: 48. ومصادر حديث السفينة كثيرة، =

٤٣

ذكر عليّ عبادة

يقفل الحاجّ راجعاً من بيت الله، ونفسه توّاقة لفعل الخير؛ إذ خلع لباس الدّنيا واتّزر لباسا أبيض غير مخيط، لباس مودّع لها مقبل على آخرته، قد رجم شيطان نفسه ونحر شهواتها، وسعى بين المروة والصفا، على خطى الأنبياء... يذكر ذلك بما يردعه من مقارفة حرام، ويزيده طاعة لمولاه. وذكر عليّ عليه‌السلام مقرون بذكر أخيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله تعالى أمير المؤمنين بذكر النبيّ والصّلاة عليه وتعظيمه، والنبيّ نهى عن الصلاة المبتورة، فذكر عليّ والصّلاة عليه عبادة. (1)

وكيع عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله «ذكر عليّ بن أبي طالب عبادة». (2)

____________________

= وبألفاظ عدّة، فنذكر مصادره من غير ألفاظه فمن شاء رجع إليها؛ كتاب الفضائل لأحمد بن حنبل - فضائل الحسنين - حديث 55؛ المعرفة والتاريخ للفسويّ 1: 538 و 296؛ المعارف: لابن فيتبة 252؛ تفسير ابن كثير 4: 114 ذيل آية المودّة؛ المستدرك على الصحيحين 3: 150 و 163؛ علل الدار قطنيّ 6: 226؛ المعجم الأوسط للطبرانيّ 6: 186 / 5386؛ المعجم الصغير 1: 22؛ مناقب ابن المغازليّ 132 ح 173 و 133 ح 175 و 134 ح 177؛ ميزان الاعتدال حديث 1826؛ تاريخ بغداد 12: 19؛ الكنى والأسماء للدولابيّ 1: 137 ترجمة 241.

(1) ينابيع المودّة: 7، عن جواهر العقدين والصّواعق المحرقة: روي عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟

قال: تقولون: اللّهمّ صلّ على محمّد وتسكتون، بل قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد).

وأخرج الفسويّ عن إسرائيل عن جابر عن محمّد بن عليّ عن أبي مسعود قال: لو صلّيت صلاةً لا أصلّي على آل محمّد لرأيت صلاتي لا تتمّ. المعرفة والتاريخ: للفسويّ 1: 296.

(2) المناقب للخوارزميّ: 362؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 206؛ كفاية الطّالب: 161؛ الجامع الصغير للسيوطيّ 1: 583؛ البداية والنهاية 7: 357؛ منتخب كنز العمّال 5: 30.

٤٤

عليّ زينة المجالس

لكلّ مجلس زينة، وزينة مجالس المؤمنين ذكر علي عليه‌السلام .

جعفر بن برقان، قال: بلغني أنّ عائشة كانت تقول: زيّنوا مجالسكم بذكر عليّ. (1)

عليّ عليه‌السلام ، نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وعليّ هو نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نصّ على ذلك الوحي المبين، كما في آية المباهلة:

( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (2) .

والشواهد قائمة على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام لمباهلة النّصارى، فغلبهم بهم. ولو علم الله أنّ في الأرض أكرم منهم لأمر رسوله أن يباهلهم بهم. فكان الحسن والحسين ابني رسول الله، وفاطمة نساءه، وعليّ نفسه. (3)

____________________

(1) مناقب الإمام عليّ: 211؛ ذخائر العقبى: 95؛ الرياض النضرة 2: 219.

(2) آل عمران / 61.

(3) مسند أحمد 1: 185؛ صحيح مسلم 7: 120 - 121؛ الجامع الصحيح للترمذيّ 4: 293 - 294؛ أسباب النزول: 68؛ دلائل النبوّة لأبي نعيم: 124؛ تذكرة الخواصّ: 17؛ الإصابة 2: 519؛ مصابيح البغويّ 2: 277؛ المستدرك للحاكم 3: 150؛ كفاية الطّالب: 142؛ تفسير الطبريّ 3: 212؛ الصّواعق: 72؛ شواهد التنزيل 1: 128؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 263؛ تفسير ابن كثير 1: 371؛ فتح القدير 1: 316؛ الدرّ المنثور 2: 38 - 39؛ جامع الأصول لابن الأثير 9: 469؛ البداية والنهاية 5: 53؛ الرياض النضرة 2: 248؛ تيسير فرات: 29؛ سعد السعود لابن طاووس: 91 - 92؛ تفسير مقاتل بن سليمان «80 - 150 هـ) 1: 174؛ كتاب الولاية لابن عقدة 186 ومواضع اُخرى؛ تفسير الثعلبيّ «الكشف والبيان» 3: 85؛ مناقب عليّ بن أبي طالب: لابن مردويه 226 - 228 ح 320 - 322؛ الطرائف في معرفة الطوائف: لابن طاووس 45؛ أحكام القرآن: لابن العربيّ 1: 321؛ تاريخ الإسلام للذهبيّ 3: 627.

٤٥

عليّ من معاجز النّبيّ

لقد كانت المباهلة بالوجوه المقدّسة عند الله تعالى: عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين؛ أوقع في قلوب نصارى نجران وأبلغ في الإعجاز لهم من المباهلة بكتاب الله المجيد، فأظهروا العجز عن المباهلة وأقرّوا بالخراج، فكان أهل البيت عليهم‌السلام معجزة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ وبذلك قاموا مقام القرآن في الإعجاز الذي هو دليلنا على تصديق الأنبياء من قبل، ومن ثمّ تصديق الكتب التي جاؤوا بها ولو لا أنّ القرآن ذكرهم وصدّق كتبهم لما كان يلزمنا ذلك. ولما كان أهل البيت دلالة على تصديق نبوّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ القرآن من عند الله سبحانه، فكانوا بذلك بمقام الأنبياء رتبة ورفعة، لا وحياً ونبوّة. وهم مفتاح الرّحمة؛ عنعبد الله بن عبّاس: سئل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه (1) ، قال: «سأله بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب عليه» (2) . فلو وقع لآدم من العلم أنّ السؤال بغيرهم أوجب أو أنّه يقوم مقام ذلك لفعله، فات سببهم حينئذ أوثق ومنزلتهم أعلى.

النّبي والوصيّ في منازل الطّاعة

ولما كانت نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشرف نفس وأعظم قدر، وجب لعليّ عليه‌السلام من الشرف والإعظام ما وجب لرسول الله، وحقّ له من الطّاعة ما وجب لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعضّد ذلك إضافة لما تقدّم، قوله تعالى: ( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (3) ، وهي خاصّة بعليّ. (4)

____________________

(1) وذلك قوله تعالى ( فَتَلَقّى‏ آدَمُ مِنْ رَبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ) الآية. «البقرة / 37».

(2) مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 63؛ الدرّ المنثور 1: 60؛ ينابيع المودّة: 97.

(3) المائدة: 55.

(4) تفسير الطبريّ 6: 165؛ مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ 311؛ البداية والنهاية 7: 35؛ المناقب للخوارزميّ: 187؛ شواهد التنزيل: 233؛ كنز العمّال 6: 405؛ تذكرة الخواصّ: 207؛ مجمع البيان 2: 210 =

٤٦

وعليّ عليه‌السلام تجب طاعته، كذلك لأنّه داخل في الصّراط المستقيم الذي لا تقبل من مسلم صلاة إلاّ إذا دعا ربّه بالهداية إليه ( اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) (1) . فمن هذا شأنه، ليس كثيرا عليه ردّ الشمس له.

ومن يتوقّف فيه، فإمّا أن يكون توقّفه من حيث الإمكان، أو من حيث الواقع. والأوّل باعتبار أنّه خروج على النظام وسنّة الله تعالى في مخلوقاته، وهذا مردود من حيث إنّه غيرخارج عن سنن الله الكونيّة، بل هو جارٍ وفق إرادة الله سبحانه وحكمته، وتحقيقاً للمصالح الواقعة في مشيئته عزّ وجلّ. أمّا من حيث الواقع، فقد جرت أمور خارقة لطبائع الأشياء لأنبياء وغير أنبياء، بما في ذلك توقّف الشّمس وانشقاق القمر؛ فقد حبس الله تعالى الشّمس لأحد أنبيائه بعد أن دعاه وهو في حال جهاد، كما حبسها ليوشع عليه‌السلام . وانشقّ القمر يوم ولد رسول الله، وضربت النّجوم بعضها بعضاً، وغيض ماء بحيرة ساوة، ونبع الماء من بين أصابعه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانفلق البحر لموسى عليه‌السلام ، فسلكه ومن معه، فلمّا جاوزه انطبق على فرعون وجنده فكانوا من المغرقين.

____________________

= عن الثعلبيّ، الدرّ المنثور 2: 294؛ ذخائر العقبى: 102؛ الرياض النضرة 2: 302؛ جامع الأصول لابن الأثير 9: 478؛ أنساب الأشراف 2: 150؛ أسباب النزول: 148؛ تفسير الحبريّ: 438، تفسير فرات 38؛ مناقب أمير المؤمنين للكوفيّ 1: 175 / 85؛ التفسير الكبير للرازيّ 3: 431؛ فرائد السّمطين 1: 189؛ العمدة: ابن البطريق 119؛ لباب النقول 90 و 91؛ الأمالي الخميسيّة 1: 138؛ تفسير ابن كثير 2: 71؛ فتح القدير 2: 50؛ كفاية الطّالب 250؛ معرفة علوم الحديث للحاكم 102؛ غاية المرام 104، 109 ومواضع أخرى، البداية والنهاية 7: 357؛ الذّرّيّة الطّاهرة: الدولابيّ (224 - 310  هـ): 109 / 114؛ تفسير القرطبيّ 9: 336؛ سعد السعود: 70؛ أمالي الطوسيّ 1: 58؛ تفسير غرائب القرآن للنيسابوريّ 6: 167؛ مجمع البيان: الطبرسيّ 2: 210؛ نظم درر السّمطين 87؛ تفسير العيّاشيّ 1: 327؛ كتاب الولاية: ابن عقدة 253 - 254؛ مطالب السؤول 31؛ شرح نهج البلاغة للمعتزليّ 3: 275؛ الفصول المهمّة  123؛ الصواعق المحرقة 24؛ ينابيع المودّة 212؛ نور الأبصار 77؛ أحكام القرآن للجصّاص 2: 542؛ معالم التنزيل: الفرّاء الشافعيّ - بهامش تفسير الخازن - 2: 55؛ الكشّاف: الزمخشريّ الحنفيّ 1: 422؛ تفسير النسفيّ بهامش الخازن 1: 496؛ تفسير الخازن 1: 496؛ تفسير البحر المحيط: أبو حيّان الأندلسيّ 3: 514؛ التسهيل في علوم التنزيل 1: 181؛ تفسير البيضاويّ الشافعيّ 1: 345.

(1) التمس معنى الصراط المستقيم، ومصادر ذلك في معرض ردّنا على ابن القيّم، من هذا البحث.

٤٧

وأوتي سليمان عليه‌السلام من الآيات الباهرات وخوارق العادات ما لا يحصى. وكانت النّار الّتي أوقدها نمرود برداً وسلاماً على إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، وهذا مخالف للسنّة الكونيّة بما جعل للنّار من طبيعة الإحراق.

ثمّ إنّ ردّ الشّمس أو حبسها هنا قد يكون معجزةً للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو كرامة لعليّ عليه‌السلام ، وعليّ ليس أقلّ شأناً من يوشع؛ لقوّة إيمانه ويقينه، ولعظم آصرته وقرابته القريبة من رسول الله، وأنّه نفسه، ومعجزته في تصديق نبوّته، كما في حديث المباهلة.

وتظافر الرّوايات، يعضّد بعضها الآخر، دليل صدق على وقوع ردّ الشّمس. وللحافظ الگنجي كلام لطيف في ذلك، قال: «نعتضد بالله ونقول: منكر ذلك إمّا أن ينكره من حيث الإمكان، أو من حيث صحّة النقل من عدالة الرّواة. أمّا القسم الأوّل، فإنّ المتكلّم فيه أحد رجلين: إمّا أن يثبت الشّرائع أو ينفيها. فأمّا نفاتها كالدّهريّة والفلاسفة والمنجّمين فلا كلام معهم. وأمّا مثبتوها فلا يتمكّنون من ذلك؛ للحديث الّذي خرّجه مسلم في صحيحه في حبس الشّمس. عن أبي هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (غزانبيّ من الأنبياء حين صلاة العصر أو قريباً من ذلك فقال للشّمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللّهمّ احبسها ليّ شيئاً، فحبست عليه حتّى فتح الله عليه).

قلتُ - أي الگنجيّ -: هذا حديث متّفق على صحّته، رواه البخاريّ في الغلول، وأخرجه مسلم في الجهاد، كما سقناه. (1)

قال: ورواه أحمد بن حنبل في مسنده (2) ، وقال: إنّ الشّمس حبست ليوشع بن نون عليه‌السلام . ورواه الطبرانيّ في معجمه. ولا يخلو إمّا أن يكون ذلك معجزةً لموسى عليه‌السلام أو ليوشع عليه‌السلام ح فإن كان لموسى عليه‌السلام فنبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل وعليّ عليه‌السلام أقرب إليه من يوشع إلى موسى. وإن كان معجزةً ليوشع عليه‌السلام فإن كان نبيّاً فعليّ مثله، وإنلم يكن نبيّاً فعليّ أفضل منه، إذ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل» وفي لفظ آخر أنبياء بني إسرائيل

____________________

(1) صحيح البخاري ج 2 حديث 119؛ صحيح مسلم 2: 49؛ مسند أحمد 2: 318؛ كفاية الطّالب: 382، حديث 1058.

(2) مسند أحمد بن حنبل 2: 318.

٤٨

وحذف الكاف لقوّة المشابهة».

والمعنى: إنّ أنبياء بني إسرائيل دعاة إلى الله سبحانه، بالوعظ والزّجر والتحذير والترغيب والترهيب. وعلماء أمّته صلى‌الله‌عليه‌وآله قائمون في هذا المقام، منخرطون في سلك هذا النظام وعليّ عليه‌السلام أولى النّاس بهذا النصّ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أقضاكم عليّ». (1)

وأمّا القسم الثاني، وهو الإنكار من حيث العدالة من نقل ذلك وذكره في كتابه فقد عّه جماعة من العلماء في معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنهم ابن سبع ذكره في «شفاء الصدور» وحكم بصحّته، ومنهم القاضي عياض ذكره في «الشفا بتعريف حقوق المصطفى 240»، وحكى فيه عن الطحاويّ أنّه ذكر ذلك في «مشكل الآثار 2: 8 و 4: 388».

وكان أحمد بن صالح - شيخ البخاريّ - يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء بنت عميس في ردّ الشّمس؛ لأنّه من علامات نبوّة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح الموصليّ في جمع طرقه في كتاب مفرد، ورواه الحافظ أبو عبد الله الحاكم...» (2) .

____________________

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 2: 339؛ أنساب الأشراف للبلاذريّ 2: 97؛ المستدرك على الصحيحين 3: 135؛ ذخائر العقبى: 83؛ المناقب للخوارزميّ: 81؛ فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 58؛ سنن ابن ماجة 2: 774، مناقب الكوفي 2: 505 / 1129؛ مناقب الخوارزميّ 83: 71؛ فرائد السمطين 1: 167 / 141 باب 35؛ الجامع لابن وهب: 66 ح 130 و 70 ح 136؛ تاريخ الإسلام 3: 638؛ المعيار والموازنة: الإسكافيّ: 300 - 304؛ تاريخ الخلفاء: السيوطيّ 171؛ الاستيعاب 3: 40؛ حلية الأولياء 1: 65؛ نهاية الأرب 20: 6 مقتل الحسين للخوارزميّ: 45.

علماً أنّ المصادر الّتي ذكرناها قد أوردت الحديث في أكثر من موضع.

وللحديث ألفاظ اُخرى نذكر بعضها: ابن عبّاس قال: «إذا حدّثنا ثقة بفتيا عن عليّ لم نتجاوزها». تاريخ الإسلام 3: 638؛ طبقات ابن سعد 2: 338؛ الاستيعاب 3: 40؛ تاريخ الخلفاء 171.

وقال ابن مسعود: «كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة عليّ». طبقات ابن سعد 2: 339؛ مستدرك الحاكم 3: 135؛ تاريخ الإسلام 3: 638. ابن عبّاس قال: قال عمر: «عليّ أقضانا، وأبيّ أقرؤنا». الذهبيّ 3: 638، ابن سعد 2: 339؛ حلية 1: 65؛ الاستيعاب 3: 39 و 41. سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد بن المسيّب قال: سمعت عمر يقول: اللّهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها عليّ بن أبي طالب حيّاً». مقتل الحسين: 45.

(2) كفاية الطّالب: 387.

٤٩

المثبتون لحديث ردّ الشّمس

وقائمة العلماء المحقّقين الأثبات ممّن كتبوا في حديث ردّ الشّمس لعليّ عليه‌السلام وذكروا هذه الواقعة على أنّها من معجزات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ كرامة وفضيلة لأخيه عليّ عليه‌السلام ، تدحض أفائك ابن تيميّة وتكذيبه لهذا الحديث الّذي صار أشهر من إشراق الشّمس دليلاً عليها، وتقمع ابن القيّم الّذي قفا نفس الأثر لنفسِ علل وأسقام شيخه. ونذكر هنا بعضاً من هذا الجمع الجمّ:

يوسف بن فرغليّ بن عبد الله البغداديّ سبط أبي الفرج عبد الرّحمن بن الجوزيّ الحنفيّ له ردّ على جدّه في تكذيبه للحديث جاء فيه:... فإن قيل فقد قال جدّك في «الموضوعات»: هذا حديث موضوع بلا شكّ، وروايته مضطربة؛ فإنّ في إسناده أحمد بن داود وليس بشيء، وكذا فيه فضل بن مرزوق وهو ضعيف، وجماعة منهم عبد الرّحمن بن شريك ضعّفه أبو حاتم؛ وقال جدّك: أنا لا أتّهم به إلاّ ابن عقدة فإنّه كان رافضيّاً. ولو سلّم فصلاة العصر صارت قضاء بغيبوبة الشّمس، فرجوع الشّمس لا يفيد لأنّها - أي الصّلاة - لا تصير أداءً. قالوا: وفي الصحيح أنّ الشّمس لم تحبس على أحدٍ إلاّ على يوشع بن نون.

والجواب: إنّ قول جدّي: «هذا حديث موضوع» بلا شكّ دعوى بلا دليل؛ لأنّ قدحه في رواته الجواب عنه ظاهر؛ لأنّا ما رويناه إلاّ عن العدول الثقات الّذين لا مغمز فيهم وليس في إسناده أحدٌ ممّن ضعّفه. وقد رواه أبو هريرة أيضاً، أخرجه عنه ابن مردويه، فيحتمل أنّ الّذين أشار إليهم في طريق أبي هريرة. وكذا قول جدّي «أنا لا أتّهم به إلاّ ابن عقدة من باب الظنّ والشّكّ، لا من باب القطع واليقين. وابن عقدة مشهور بالعدالة، كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها ولا يتعرّض للصّحابة بمدحٍ ولا بذمٍّ، فنسبوه إلى الرّفض.

وقوله: «صارت صلاة العصر قضاءً» قلنا: أرباب العقول السليمة والفطر الصحيحة لا يعتقدون أنّها غابة ثمّ عادت، وإنّما وقفت عن سيرها المعتاد. ولو ردّت على الحقيقة لم يكن عجباً؛ لأنّ ذلك يكون معجزةً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرامةً لعليٍّ عليه‌السلام ، وقد حبست بالإجماع ليوشع، ولا يخلو إمّا أن يكون ذلك معجزةً لموسى أو كرامة ليوشع؛ فإن كان

٥٠

لموسى فنبيّنا أفضل منه، وإن كان ليوشع فعليّ أفضل منه. قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل». وهذا في حقّ الآحاد، فما ظنّك بعليّ؟! والدليل عليه أيضاً ما ذكر أحمد في الفضائل: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الصّدّيقون ثلاثه: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار وهو مؤمن آل ياسين، وعليّ بن أبي طالب، وهو أفضلهم» (1) وحزقيل كان نبيّاً من أنبياء

____________________

(1) ذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق ترجمة الإمام عليّ عليه‌السلام 2: 282 حديث 805»، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، ولكن قال: حزبيل - بالباء - بدلاً من حزقيل. وأخرجه أبو نعيمفي كتاب معرفة الصحابة، ترجمة امير المؤمنين عليه‌السلام ص 22.

ورواه ابن المغازليّ بنفس السند في مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ص 245 - 246 حديث 293، وفيه: «حبيب ابن موسى النّجّار مؤمن آل يس، وخربيل - بالرّاء من غير نقطة - مؤمن آل فرعون، وعليّ بن أبي طالب، وهو أفضلهم».

وبسندٍ آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «الصّدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار مؤمن آل يس الّذي قال: ( يَا قَوْمِ اتّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) [ سورة يس: 20 ] وخربيل مؤمن آل فرعون الّذي قال: ( أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّيَ اللّهُ ) [ غافر: 28 ] وعليّ بن أبي طالب، وهو أفضلهم». نفس المصدر ص 246 - 247 حديث 294. وأخرجه الحسكانيّ في «شواهد التنزيل» 2: 224 ط 1 - بطرقٍ كثيرة. وأخرجه أحمد بن حنبل في «المناقب» ص 156 حديث 193 وص 194 حديث 239. وأخرجه القندوزيّ عن أحمد، وأبي نعيم، وابن المغازليّ؛ بالإسناد عن أبي ليلى وعن أبي أيّوب الأنصاريّ، في «ينابيع المودّة» الباب الثاني والأربعون ص 124. وأخرجه عن كتاب «المناقب» لأحمد حنبل، في الباب السادس والخمسين من ينابيعه ص 202، قال: وقد روى أحمد بن حنبل في كتاب المناقب أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «الصّدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار مؤمن آل يس الّذي قال: يا قوم اتّبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون الّذي قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربّي الله، وعليّ بن أبي طالب وهو أفضلهم». وأخرجه عن أحمد: المحبّ الطبريّ في «ذخائر العقبى ص 59» وابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة 2: 451» والمتّقيّ الهنديّ في «منتخب كنز العمّال 5: 31».

وفي كفاية الطّالب، الباب 24 ص 123: «سبّاق الأمم ثلاثة، وهم الصّدّيقون»، وفي السّيرة الحلبيّة 1: 270: «سبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار صاحب ياسين، وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم». وفي «العرائس» للثعلبيّ ص 99: قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «سبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار صاحب يس، وعليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه بالجنّة، وهو أفضلهم». ونفس المصدر صفحة 107: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «سبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين:...، وعليّ مؤمن آل محمّد، وهو أفضلهم». وفي صفحة 228: أخبرنا أبوبكر الخمشاويّ بإسناده عن ابن أبي ليلى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «سبّاق الأمم...، وعليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وهو =

٥١

بني إسرائيل مثل يوشع؛ فدلّ على فضل عليّ على أنبياء بني إسرائيل، وفي وقوف الشّمس يقول الصّاحب بن عبّاد كافي الكفاة:

من كمولاي عليّ

والوغى تحمي لظاها

من يصيد الصّيد فيها

بالظّبى حين انتضاها

من له في كل يوم

وقعات لا تضاها

كم وكم حرب ضروس

سدّ بالمرهف فاها

اذكروا أفعال بدر

لست أبغي ما سواها

اذكروا غزوة أحد

إنّه شمس ضحاها

اذكروا حرب حنين

إنّه بدر دجاها

اذكروا الأحزاب قدما

إنّه ليث شراها

اذكروا مهجة عمرو

كيف أفناها شجاها

اذكروا أمر براءة

واصدقوني من تلاها

اذكروا من زوجه الز

هراء قد طاب ثراها

حاله حالة هارون

لموسى، فافهماها

أعلى حبّ عليّ لا

مني القوم سفاها

أوّل النّاس صلاةً

جعل التقوى حلاها

ردّت الشّمس عليه

بعدما غاب سناها

وفي الباب حكاية عجيبة حدّثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق، قالوا: شاهدنا أبا منصور المظفّر بن أردشير العباديّ الواعظ، وقد جلس بالتاجيّة مدرسة بباب أبرز، محلة ببغداد وكان بعد العصر، وذكر حديث ردّ الشمس لعليّ عليه‌السلام ، وطرّزه بعبارته ونمّقه بألفاظه،

____________________

= أفضلهم». وعن معاذة العدويّة، قالت: سمع عليّاً على المنبر يقول: أنا الصّدّيق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر» «أنساب الأشراف 2: 146 حديث 146، وينابيع المودّة ص 202، وحديث 88 من تاريخ ابن عساكر.

٥٢

ثمّ ذكر فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، فنشأت سحابة غطّت الشّمس حتّى ظنّ النّاس أنّها قد غابت، فقام أبو منصور على المنبر قائماً وأومى إلى الشّمس وأنشد:

لا تغربي يا شمس حتّى ينتهي

مدحي لآل المصطفى ولنجله

واثني عنانك إن أردت ثناءهم

أنسيت إن كان الوقوف لأجله

إن كان للمولى وقوفك فليكن

هذا الوقوف لخيله ولرجله

قالوا: فانجاب السحاب عن الشّمس، وطلعت. (1)

ما أبين المذهبين وما هذا البون الشاسع بين الرجلين! كأن لم تجمعهما وشيجة، وكأنّهما مشرق ومغرب! فابن الجوزيّ عرف عنه النّصب، فكذّب الحديث وأنكره، ودليله: التشكيك في رواته وتضعيفهم واتّهام ابن عقدة بالرّفض! وما ذنب ابن عقدة إلاّ أنّه يروي فضائل أهل البيت عليهم‌السلام . إلاّ أنّ سبطه قاده دليل العقل والفطرة السليمة إلى بطلان دعوى جدّه، وثبت له بعد التحرّي وثاقة رواة حديث الشّمس وعدالتهم، فدافع عن صحّة مذهب ومنهج ابن عقدة. وكذلك قاده استدلاله المنطقيّ إلى فضل عليّ على أنبياء بني إسرائيل، وكما أنّ الشّمس حبست ليوشع، فعليّ أولى بذلك. وممّن ذكره فأثبته:

الموفّق بن أحمد المكّيّ الخوارزميّ المعروف بأخطب خوارزم، المتوفّى سنة 568 هـ، في كتابه المناقب ص 306 حديث 301 و 302، من طريقين، عن أسماء بنت عميس. كما أفرد لذلك كتاباً سمّاه: ردّ الشّمس لأمير المؤمنين.

الحافظ أحمد بن صالح المصريّ - شيخ البخاريّ - المتوفّى سنة 248 هـ رواه بطريقين، عن أسماء بنت عميس، وقال: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء. وقد رواه الطحاويّ في: مشكل الآثار - سيأتي -، والقاضي عياض في «الشفا بتعريف حقوق المصطفى ص 240» من طريق الطحاويّ بالسندين اللّذين في «مشكل الآثار». وكذلك السيوطيّ في «اللاّلئ 1: 339».

الحافظ جلال الدّين السّيوطيّ، المتوفّى سنة 991 هـ ذكره في كتابه «الخصائص الكبرى 2: 137»، باب ردّ الشّمس بعد غروبها لعليّ رضى الله عنه» حديث أسماء عن ابن منده،

____________________

(1) تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزيّ: 53 - 56. وذكرها الشبلنجيّ مع اختلاف نذكره في محلّه.

٥٣

وابن شاهين، والطبرانيّ، وقال: صحيح. وعن ابن مردويه، عن أبي هريرة، وبسندٍ عن جابر، وقال: قال الطبرانيّ فيه: حسن.

وللسيوطيّ «كشف اللّبس عن حديث ردّ الشّمس»، تكلّم فيه عن الحديث بتوسّع وإفاضة.

وفي الجزء الأوّل من كتابه «اللاّلي المصنوعة» ذكره بطرقه المتعدّدة، وحكم بصحّتها متناً وسنداً، وأنّ الحديث من أعلام النّبوّة والكرامة لأمير المؤمنين عليه‌السلام . ذكره في ص 336 عن فضيلبن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عن فاطمة بنت الحسن عن أسماء بنت عميس. ونفس الصفحة عن فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب عن أسماء. ونفس الصفحة عن أبي هريرة. وفي ص 337 عن الحسين بن عليّ. وفي ص 338 عن أبي هريرة، وفي ص 340 عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام . وفي ص 341 عن أبي ذرّ في حديث الشورى....

المناشدة يوم الشّورى

ناشد اميرالمؤمنين عليّ عليه‌السلام ، الجماعة الذين عيّنهم عمر بن الخطّاب ليختاروا من بينهم خليفة، وقد ذكرها جمع من الحفّاظ. وقد ذكر بعضهم شطراً منها، كما في الاستيعاب 3: 35، وميزان الاعتدال 1: 441، ولسان الميزان 2: 157، وتهذيب التهذيب 3: 304 و كفاية الطّالب للگنجيّ الشافعيّ 386، وأخطب خوارزم في: المناقب 301؛ من طريق أبي ذرّ.

وذكرها بطولها الجوينيّ في كتابه: فرائد السمطين 1: 319، الباب الثامن والخمسون، حديث 251، ذكرها عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. ومن طرق عدّة تنتهي بالصحابيّ عامر بن واثلة الكنانيّ، ذكرها جميعاً ابن عقدة (ت 332  هـ) كما في كتاب الولاية 163 - 178 وكذلك ذكره الفقيه ابن المغازليّ الشّافعيّ، في كتابه: مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : 112 - 118، حديث 155.

وآثرنا جمع فقرات المناشدة في طرقها المتعدّدة، فكان من ذلك ما رواه الصّحابيّ الجليل أبوذرّ الغفاريّ، والصّحابيّ أو الطّفيل عامر بن واثلة:

٥٤

قال عليّ عليه‌السلام : لأحتجّنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم يغيّر ذلك. ثمّ قال: أنشدكم بالله أيّها النّفر جميعاً! أفيكم أحد وحّد الله قبلي؟ قالوا: اللّهمّ لا. (1)

قال: فأنشدكم بالله، هل فيكم أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري، إذ آخى بين المؤمنين، فآخى بيني وبين نفسه، وجعلني منه بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّي لست بنبيّ؟ قالوا: اللّهمّ لا. (2)

____________________

(1) تكلّمنا عن سابقة أمير المؤمنين عليّ إلى الإسلام، فيما سبق بما فيه كفاية.

(2) ولقد كذّب شيخ ابن القيّم وأستاذه: ابن تيمية، حديث مؤاخاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام . قال: «إنّ أحاديث المؤاخاة لعليّ كلّها موضوعة! والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يؤاخ أحداً». منهاج السنّة: ابن تيمية 4: 96. وكذّبه في الجزء الثالث صفحة 17. ولم يقم دليلا واحداً في تكذيب أحاديث المؤاخاة لعليّ؛ ولم يذكر مع من قد آخى؟!

قال ابن إسحاق: وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال فيما بلغنا، ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل: «تآخوا في الله أخوين أخوين» ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال: «هذا أخي». فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد المرسلين وإمام المتّقين  ورسول ربّ العالمين الّذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين. «السّيرة النبويّة لابن هشام 2: 151؛ السيرة النبويّة لابن كثير 2: 324؛ السّيرة الحلبيّة 101؛ البداية والنهاية 3: 226 ح الفتاوى الحديثيّة لابن حجر 42». وكم كان دقيقاً ابن إسحاق، يقضاً! إذ أورد هذه العبارة الحذرة: «فيما بلغنا، ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل» ليؤكّد أمراً في منتهى الأهمّيّة «المؤاخاة». وثمّة أمر آخر: إنّ ابن كثير من تلامذة ابن تيميّة، معاصر له ومتأثّر بأفكاره، ومع ذلك فقد ذكره في كتابيه السّيرة، والبداية والنهاية.

ومن طرق عدّة: آخى رسول الله بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر و عمر، وفلان وفلان، فجاء عليّ رضي الله عنه فقال: آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال رسول الله: «أنت أخي في الدنيا والآخرة». جامع الترمذيّ 2: 213؛ الاستيعاب 3: 35؛ المستدرك على الصحيحين 3: 15 / 4288؛ الرياض النضرة 2: 167 وقال صفحة 212: ومن أدلّ دليل على عظم منزلة عليّ عليه‌السلام من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، صنيعه في المؤاخاة فإنّه جعل يضمّ الشكل إلى الشكل يؤلّف بينهما، إلى أن آخى بين أبي بكر وعمر... الحديث.

وعن سعد بن حذيفة بن اليمان، قال: آخى رسول الله بين أصحابه الأنصار والمهاجرين، فكان يؤاخي بين الرجل ونظيره، ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال: «هذا أخي». قال حذيفة: رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد المسلمين وإمام المتّقين ورسول ربّ العالمين الّذي ليس له في الأنام شبيه ولا نظير، وعليّ بن أبي طالب أخوان.

أمالي الشيخ الطوسيّ 23؛ مناقب ابن المغازليّ 38؛ البداية والنهاية 3: 226؛ ينابيع المودّة 57.

ولحديث المؤاخاة طرق كثيرة وألفاظ عديدة، ورواته علية الصّحابة وأعيان التّابعين، هذه طائفة منهم: =

٥٥

____________________

= امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، الحسن والحسين ابنا عليّ بن أبي طالب، أبو بكر، ومعاذ بن جبل، عثمان بن عفّان، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن مسعود، أبوذرّ الغفاريّ، أبو سعيد الخدري، سلمان الفارسيّ، عبد الله بن عبّاس، أسماء بنت عميس (اُخت ميمونة زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . هاجرت الهجرتين وصلّت القبلتين. روى عنها عمر بن الخطّاب، وأبو موسى الأشعريّ، وعروة بن الزبير...). «الاستيعاب 4: 236؛ الاصابة 4: 231؛ رجال الطوسيّ 34». أم سلمة زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليلى الغفاريّة «كانت تخرج مع النبيّ في غزواته تداوي الجرحى وتقوم على المرضى «اسد الغابة 7: 259». أبو الطفيل عامر بن واثلة، عباد بن عبد الله، زيد بن ابي أوفى، عبد الله بن أبي أوفى، عكرمة مولى ابن عبّاس، عمر بن عليّ بن أبي طالب، حذيفة بن أسيد، زيد بن وهب، عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشميّ، محمّد الباقر، جعفر الصادق، عليّ بن موسى الرضا، سعيد بن جبير، سعيد بن المسيّب، الحسن البصريّ، زيد بن عليّ، مجاهد....

طائفة من حديث المؤاخاة بألفاظه المختلفة:

* زيد بن أبي أوفى، قال: لما آخى النبيّ بين أصحابه قال عليّ: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري؛ فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة. فقال رسول الله: «والّذي بعثني بالحقّ ما أخّرتك إلاّ لنفسي، وأنت منّي بمنزلة هارون من مسوى، غير أنّه لا نبيّ بعدي ح وأنت أخي ووارثي». قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: «ما ورث الأنبياء من قبلي». قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟ قال: «كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي. ثمّ تلا رسول الله ( إِخْوَاناً عَلَى‏ سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) الحجر: 47. الرياض النضرة 2: 209؛ كنز العمّال 6: 390؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 312 وسمّاه: زيد بن أبي أوفى.

عبد الله بن أبي أوفى. ولفظه مثل لفظ أخيه زيد بن أبي أوفى، إلاّ أنّ فيه «... وإنّك وابنيك معي في قصري في الجنّة». مناقب أمير المؤمنين: محمّد بن سليمان الكوفي 1: 373 / 239؛ تفسير فرات ح 304.

عبد الله بن عمر: عثمان بن أبي شيبة بنسده عن جميع بن عمير التيميّ، عن عبد الله بن عمر قال: آخى رسول الله بين أصحابه: آخى بين أبي بكر و عمر، وبين عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفّان، وبين طلحة والزبير. قال: فقال عليّ: يا رسول الله! قد آخيت بين أصحابك، فمن أخي؟ قال: يا عليّ أما ترضى أن أكون أخاك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فأنت أخي في الدنيا والآخرة. (مناقب الكوفي 1: 365 / 228؛ الترمذي في الحديث 9 من مناقب عليّ من كتاب المناقب 5: 300.

عن الحسن البصريّ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله: «عليّ أخي عليّ أخي». مناقب الكوفي =

٥٦

____________________

= 1: 388 / 258.

- عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: بينا أنا مع رسول الله في نخل بالمدينة وهو يطلب عليّاً إذ انتهى إلى حائط فأطلع فيه فنظر إلى عليّ وهو يعمل في الأرض وقد اغبرّ فقال: ما ألوم الناس أن يكنّوك بأبي تراب. قال ابن عمر: فلقد رايت عليّاً تمعّر وجهه وتغيّر لونه واشتدّ ذلك عليه، فقال النبيّ: ألا أرضيك يا عليّ؟ قال: بلى يا رسول الله؛ قال: أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، تقضي ديني وتبرئ ذمّتي. من أحبّك في حياة منّي فقد قضى نحبه، ومن أحبّك في حياة منك بعدي فقد ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه الله يوم الفزع الأكبر. ومن مات وهو يبغضك يا عليّ مات ميتةً جاهليّةً يهوديّا أو نصرانيّا ويحاسبه الله بما عمل في الإسلام. ثمّ قال ابن عمر: لقد سمّاهالله في أكثر من ثلاثين آية سمّاه فيها كلّها مؤمناً. مناقب الكوفي 1: 377 / 245. ومثله متناً وسنداً في المعجم الكبير للطبرانيّ 12: 321 / 13549؛ مجمع الزوائد 9: 121. وقريب منه في فضائل عليّ، من فضائل أحمد 170 ح 240؛ مسند أبي يعلى الموصليّ 1: 402 / 268. - وبسندٍ عن ابن عمر قال: حين آخى رسول الله بين أصحابه جاء عليّ تدمع عيناه فقال: ما لي لم تؤاخ بيني وبين أحد من إخواني؟ فقال: «أنت أخي في الدنيا والآخرة». سنن الترمذيّ 2: 299؛ مستدرك الصحيحين 3: 14؛ مناقب ابن المغازليّ 37؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 312. وقريب منه في كفاية الطّالب 194، وقال: هذا حديث حسن عالٍ صحيح. فإذا أردت أن تعلم قرب منزلته من رسول الله، تأمّل صنعه في المؤاخاة بين الصحابة، جعل يضمّ الشكل إلى الشكل والمثل غلى المثل، فيؤلّف بينم غلى أن آخى بين أبي بكر وعمر، وادّخر عليّاً لنفسه واختصّه بأخوّته. وناهيك بها من فضيلة وشرف.

مصابيح السنّة للبغويّ 4: 173 / 4769؛ الترمذيّ 5: 336 / 3721؛ اللفظ له، المستدرك على الصحيحين 3: 130؛ الكامل لابن عديّ 2: 588؛ كنز العمّال 13: 167 / 36507.

- أيضاً عن عبد الله بن عمر قال: إنّ رسول الله قال في مرضه: ادعوا لي أخي، فدعي له عثمان فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا لي أخي: فدعي له عليّ بن أبي طالب، فستره بثوب وانكبّ عليه، فلمّا خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علّمني ألف باب، يفتح كلّ باب ألف باب.

مختصر تاريخ دمشق 18: 18؛ البداية والنهاية 8: 360. والأحاديث عن ابن عمر في مؤاخاة النبيّ لعليّ كثيرة نكتفي بما ذكرناه.

ابن عبّاس: أخرج ابن أبي شيبة، قال: حدّثنا عبد الله بن نمير عن حجّاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عبّاس أنّ النبيّ قال لعليّ:

«أنت أخي وصاحبي». المصنّف: ابن أبي شيبة 7: 508. =

٥٧

____________________

= * أبو رافع مولى رسول الله. قال: آخى رسول الله بين المسلمين ذات يوم فقال: يؤاخي كلّ واحد منكم أخاه، فإن تقف دابّته في سفره أو عقرت أردفه وأعان بعضهم بعضاً. فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين ابن مسعود وأبي ذرّ، وبين سلمان وحذيفة...، وضرب بيده إلى عليّ وقال: «أنا أخوك وأنت أخي». فكان عليّ إذا أعجبه شيء قال: أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يدّعيها إلاّ كاذب. مناقب الكوفي 1: 391 / 264. وله شواهد من أحاديث علي عليه‌السلام .

بسندٍ عن جابر قال: قال رسول الله: (مكتوب على باب الجنّة: محمّد رسول الله، عليّ أخو رسول الله، قبل أن تخلق السماوات والأرض». مناقب الكوفي 1: 415 / 285؛ موضّح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغداديّ 1: 441؛ تاريخ بغداد 7: 387؛ الفضائل لأحمد 262؛ شواهد التنزيل 299 و 300 و 303 و 304؛ مختصر تاريخ دمشق حديث 926 و 864؛ المناقب للخوارزميّ 87؛ تذكرة الخواصّ 14؛ حلية الأولياء 7: 256؛ مجمع الزوائد 9: 111؛ كنز العمّال 6: 399؛ مقتل الحسين للخوارزميّ 1: 38؛ المعجم الأوسط 6: 234 / 5494؛ المناقب لابن المغازليّ 91 / 134؛ أمالي الصدوق، المجلس 18 حديث 1، الخصال له 638 حديث 11. وله شاهد من حديث ابن عبّاس وأنس وأبي الحمراء، لاحظ شواهد التنزيل 299 و 300 و 303 و 304؛ وحديث 926 و 864 من مختصر تاريخ دمشق.

- عن جابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيّب، قالا: إنّ رسول الله آخى بين أصحابه، فبقي رسول الله، وأبو بكر وعمر و عليّ، فآخى بينأبي بكر وعمر و قال لعليّ: «أنت أخي وأنا أخوك، فإنناكرك أحد فقل: أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يدّعيها بعدك إلاّ كذّاب» مختصر تاريخ دمشق 18: 20؛ الرياض النضرة 2: 209؛ كنز العمّال 6: 390.

ومثله عن يعلى بن مرّة بن وهب الثقفيّ الصحابي الجليل. مختصر تاريخ دمشق 17: 1316.

ولابن عبد البرّ القرطبيّ المالكيّ كلام في الحديث قال: آخى رسول الله بين المهاجرين ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كلّ واحدة منهما لعليّ: «أنت أخي في الدنيا والآخرة» وآخى بينه وبين نفسه، ولذلك قال عليّ: «أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يقولها أحد غيري إلاّ كذّاب». وبذلك احتجّ على عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد، وذلك حينما جعلها عمر شورى، فقال لهم: أنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه إذ آخى بين المسلمين غيري؟» قالوا: اللّهمّ لا، الاستيعاب: ابن عبد البرّ 3: 35.

في حديث طويل عن ابن عبّاس وفيه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ: «أنت أخي وصاحبي». مسند أحمد 1: 381 / 2041 - مسند ابن عبّاس. - عبد الرزّاق عن معمر عن أيّوب عن عكرمة: أنّ أسماء بنت عميس قالت: =

٥٨

____________________

= لما أهديت فاطمة إلى عليّ لم نجد في بيته إلاّ رملاً مبسوطا ووسادة حشوها ليف وجرّة وكوزاً، فأرسل النبيّ إلى عليّ: «لا تحدثن حدثا حتّى آتيك». فجاء النبيّ فقال: «أثمّ أخي؟». فقالت أمّ أيمن: يا نبيّ الله، هو أخوك وزوّجته؟ وكان نبيّ الله آخى بين أصحابه وآخى بين عليّ ونفسه؛ فقال: «إنّ ذلك يكون يا أمّ أيمن». المصنّف: عبد الرزاق الصنعانيّ «126 - 11 هـ) 5: 337 / 9844؛ أنساب الأشراف 2: 378. وله شاهد من حديث امير المؤمنين: محمّد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه عمر بن عليّ، عن عليّ قال: جاء رسول الله ذات ليلة يطلبني فقال: يا أمّ أيمن أين أخي؟ فقالت له: من أخوك؟ قال: عليّ قال: أخوك وتزوّجه ابنتك؟ قال: نعم، أما والله لقد زوّجتها كفوا شريفاً في الدنيا والآخرة، ومن المقرّبين «مناقب الكوفي 1: 368 / 231».

- عن عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن سماك، عن عكرمة عن ابن عبّاس: أنّ عليّاً قال في حياة النبيّ: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: ( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ ) - آل عمران: 144 -، والله لا ننقلب على أعقابنا أبداً بعد أن هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت، والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارثه، فمن أحقّ به منّي؟!

مناقب الكوفي 1: 396 / 268؛ خصائص النّسائيّ 130 ح 65؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 314؛ المستدرك على الصحيحين 3: 126؛ المعجم الكبير للطبرانيّ 1: 107 / 176، وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة 1: 23؛ فرائد السمطين 1: 244 باب 44؛ الفضائل لأحمد، حديث 232؛ أمالي الطوسيّ ح 1099؛ مرسلاً: تفسير فرات ح 80؛ الرياض النضرة 2: 300؛ بشارة المصطفى 7: 208؛ الاحتجاج حديث 110.

عن أبي الزبير عن جابر قال: كنّا عند النبيّ فاقبل عليّ بن أبي طالب، فأقبل النبيّ علينا وقال: قد جاءكم أخي، ثمّ التفت إلى عليّ فضربه بيده وقال: والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثمّ قال: إنّه أوّلكم إيماناً وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعيّة وأقسمكم بالسويّة وأعظمكم عند الله مزيّة، فنزل قوله تعالى: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) * - البيّنة: 7.

تفسير الحبري 539 ح 3؛ تفسير الطبريّ 30: 146؛ حلية الأولياء 1: 66؛ مناقب الخوارزميّ 111 - 112؛ الصواعق المحرقة 96؛ كفاية الطالب 244 - 245؛ الدرّ المنثور 6: 379؛ تفسير فرات 219؛ أمالي الطوسيّ 257؛ كتاب الأربعين ح 28؛ البرهان 4: 491؛ الفضائل لأحمد ح 72؛ أنساب الأشراف 1: 358.

زيد بن أرقم: المدائنيّ بسنده عن أبي حرب بن أبي الأسود - الدؤليّ - عن أبيه عن زيد بن أرقم قال: «آخى رسول الله بين أصحابه فقال عليّ: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك وتركتني؟ فقال: أنت أخي، أما ترضى أن تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتدخل الجنّة إذا دخلت؟» قال: بلى يا رسول الله. (أنساب الأشراف =

٥٩

____________________

= 2: 378)

سلمان الفارسي (المحمدي): عن أنس قال: كنّا لا نجترئ أن نسأل النبيّ: إلى من يسند أمرنا ممن بقي بعده، فلمّا نزلت ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ ) - الفتح: 1، قلنا لسلمان: سل النبي إلى من تسند أمرنا بعدك؟ فسأله، فسكت عنه أياما ثم قال: يا سلمان ألا أخبرك عما سألتني؟ قال: بلى فداك أبي وأمّي. قال: «إن عليّاً أخي ووزيري وخير من أترك من بعدي، ينجزموعودي ويقضي ديني». مناقب الكوفي1: 399 / 270؛ شواهد التنزيل 1: 373 / 515، مسند سلمان الفارسي من المعجم الكبير 6: 271؛ الفضائل لأحمد 118 ح 174 ن المؤتلف والمختلف 103؛ مختصر تاريخ دمشق 17: 314؛ الكامل لابن عدي 6: 397. ومثل الحديث السابق: عن عبيد الله بن موسى العبشي، عن مطر، عن أنس بن مالك، شواهد التنزيل 1: 373 / 516.

حديث العشيرة:

لما نزل قوله تعالى: ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) - الشعراء: 214.

فبسند عن أبي عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ: أن رجلا قال لعلي: يا امير المؤمنين لم ورثتابن عمّك دون عمك؟ قال: جمع رسول الله بني عبد المطلب، كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق. قال: فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتّى شبعوا، وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمسّ ولم يشرب. فقال: يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة،وقد رأيتم من هذه الآية ما رايتم، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم غليه أحد. قال: فقمت - وكنت أصغر القوم سنّا - فقال: اجلس. قال: ثمّ قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم غليه، فيقول لي: اجلس، حتّى كانت الثالثة، ضرب يده على يدي.

فقال: فلذلك ورثت ابن عمي دون عمي.

ويرد الحديث بطرق اخرى وألفاظ اخرى وفيها: «أخي وصاحبي وخليفتي...».

تفسير الحبري: 347 / 85؛ دلائل النبوة للبيهقي 401؛ مسند أحمد 1 / 111؛ الفضائل لأحمد: 91؛ تفسير الطبري 19: 74 - 75؛ الكامل لابن الأثير 2: 41؛ خصائص النسائي 86؛ صحيح مسلم 1: 118 ح 355؛ تاريخ الطبري 2: 63؛ تفسير البغوي (معالم التنزيل) 5: 105؛ شواهد التنزيل 1: 542؛ كفاية الطالب 177؛ تفسير الثعلبيّ 7: 182؛ التفسير الكبير 12: 26؛ مناقب ابن المغازليّ 261؛ الولاية لابن عقدة 161؛ شرح المعتزلي لنهج البلاغة 13: 210؛ نظم درر السمطين 82؛ عيون أخبار الرضا: ابن بابويه 2: 209، مجمع البيان 4: 206، أمالي الطوسيّ 582 - المجلس 24، مناقب أل أبي طالب: ابن شهر اشوب 2: 31، العمدة لابن البطريق 76 ن تذكرة الخواص 38، الصواعق المحرقة 157، تفسير القمي 2: 124، أسرار الامامة، الحسن بن علي الطبري 281، منهاج الكرامة، العلامة الحلي 147، 148، كنز العمال 6: 396، بحار الأنوار 18: 178؛ =

٦٠