مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 438

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف:

الصفحات: 438
المشاهدات: 6957
تحميل: 2084


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 438 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6957 / تحميل: 2084
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

(باب)

(الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.

باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« من أصبح » أي دخل في الصباح« لا يهتم بأمور المسلمين » أي لا يعزم على القيام بها ، ولا يقوم بها مع القدرة عليه ، في الصحاح : أهمني الأمر إذا أقلقك وحزنك ، والمهم الأمر الشديد والاهتمام الاغتمام ، واهتم له بأمره ، وفي المصباح : اهتم الرجل بالأمر قام به« فليس بمسلم » أي كامل الإسلام ، ولا يستحق هذا الاسم وإن كان المراد عدم الاهتمام بشيء من أمورهم لا يبعد سلب الاسم حقيقة ، لأن من جملتها إعانة الإمام ونصرته ومتابعته وإعلان الدين وعدم إعانة الكفار على المسلمين وعلى التقادير المراد بالأمور أعم من الأمور الدنيوية والأخروية ، ولو لم يقدر على بعضها فالعزم التقديري عليه حسنة يثاب عليها كما مر.

١

٢ ـ وبهذا الإسناد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنسك الناس نسكا أنصحهم جيبا ـ وأسلمهم قلبا لجميع المسلمين.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن علي بن محمد القاساني ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول عليك بالنصح

الحديث الثاني : كالأول.

وقال في النهاية :النسك والنسك الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى الله ، والنسك ما أمرت به الشريعة ، والورع ما نهت عنه ، والناسك العابد ، وسئل ثعلب عن المناسك ما هو؟ فقال : هو مأخوذ من النسيكة وهي سبيكة الفضة المصفاة كأنه صفى نفسه لله تعالى ، وقال :النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة غيرها ، وأصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحته ونصحت له ، ومعنى نصيحة الله صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته ، والنصيحة لكتاب الله هو التصديق به والعمل بما فيه ونصيحة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصديق بنبوته ورسالته ، والانقياد لما أمر به ونهى عنه ، ونصيحة الأئمة أن يطيعهم في الحق ، ونصيحة عامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم.

وفي الصحاح :رجل ناصح الجيب أي نقي القلب ، وفي القاموس : رجل ناصح الجيب لا غش فيه ، انتهى.

ونسكا وجيبا تميزان ونسبة الأنسك إلى النسك للمبالغة والمجاز كجد جده« وأسلمهم قلبا » أي من الحقد والحسد والعداوة.

الحديث الثالث : ضعيف.

والنصح لله في خلقه الخلوص في طاعة الله فيما أمر به في حق خلقه من إعانتهم وهدايتهم وكف الأذى عنهم ، وترك الغش معهم ، أو المراد النصح للخلق خالصا

٢

لله في خلقه فلن تلقاه بعمل أفضل منه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن القاسم الهاشمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.

٥ ـ عنه ، عن سلمة بن الخطاب ، عن سليمان بن سماعة ، عن عمه عاصم الكوزي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيت سرورا.

لله« فلن تلقاه » عند الموت أو في القيامة« بعمل » أي مع عمل.

الحديث الرابع : مجهول.

الحديث الخامس : ضعيف ، واللام المفتوحة في« للمسلمين » للاستغاثة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

« الخلق عيال الله » العيال بالكسر جمع عيل كجياد وجيد ، وهم من يمونهم الإنسان ويقوم بمصالحهم ، فاستعار لفظ العيال للخلق بالنسبة إلى الخالق ، فإنه خالقهم والمدبر لأمورهم والمقدر لأحوالهم ، والضامن لأرزاقهم« فأحب الخلق إلى الله » أي أرفعهم منزلة عنده وأكثرهم ثوابا« من نفع عيال الله » بنعمة أو بدفع مضرة أو إرشاد وهداية أو تعليم أو قضاء حاجة وغير ذلك من منافع الدين والدنيا ، وفيه إشعار بحسن هذا الفعل فإنه تكفل ما ضمن الله لهم من أمورهم وإدخال السرور على أهل بيت إما المراد به منفعة خاصة تعم الرجل وأهل بيته وعشائره أو تنبيه على أن كل منفعة توصله إلى أحد من المؤمنين يصير سببا لإدخال السرور على جماعة من أهل بيته.

٣

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة قال حدثني من سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أحب الناس إلى الله قال أنفع الناس للناس.

٨ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن مثنى بن الوليد الحناط ، عن فطر بن خليفة ، عن عمر بن علي بن الحسين ، عن أبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من رد عن قوم من المسلمين عادية [ ماء ] أو نار أوجبت له الجنة.

٩ ـ عنه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي

الحديث السابع : مرسل.

الحديث الثامن : مجهول

قولهعليه‌السلام : عادية ماء ، في القاموس : العدي كغني : القوم يعدون لقتال أو أول من يحمل على الرجالة كالعادية فيهما ، أو هي للفرسان ، وقال : العادية الشغل يصرفك عن الشيء ، وعداه عن الأمر صرفه وشغله ، وعليه وثب ، وعدا عليه ظلمه ، والعادي العدو.

وفي الصحاح دفعت عنك عادية فلان ، أي ظلمه وشره ، انتهى.

وأقول : يمكن أن يقرأ في الخبر بالإضافة أي ضرر ماء أو سيل أو نار وقعت في البيوت بأن أعان على دفعهما و« أوجبت » على بناء المجهول ، وأن يقرأ عادية بالتنوين وماء ونارا أيضا كذلك بالبدلية أو عطف البيان ، ووجبت على بناء المجرد فإطلاق العادية عليهما على الاستعارة بأحد المعاني المتقدمة.

والأول أظهر كما روي في قرب الإسناد بإسناده عن جعفر عن أبيهعليهما‌السلام قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : من رد عن المسلمين عادية ماء أو عادية نار أو عادية عدو مكابر للمسلمين غفر الله له ذنبه.

الحديث التاسع : موثق كالصحيح.

٤

عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً »(١) قال قولوا للناس حسنا ولا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو.

«وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً » قال الطبرسي (ره) اختلف فيه فقيل : هو القول الحسن الجميل والخلق الكريم وهو مما ارتضاه الله وأحبه عن ابن عباس ، وقيل : هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن سفيان ، وقال الربيع بن أنس : أي معروفا وروى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله : «قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً » قال : قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم ، فإن الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش السائل الملحف ويحب الحليم العفيف المتعفف.

ثم اختلف فيه من وجه آخر فقيل : هو عام في المؤمن والكافر على ما روي عن الباقرعليه‌السلام ، وقيل : هو خاص في المؤمن واختلف من قال أنه عام فقال ابن عباس وقتادة : أنه منسوخ بآية السيف ، وقال الأكثرون : أنها ليست بمنسوخة لأنه يمكن قتالهم مع حسن القول في دعائهم إلى الإيمان ، انتهى.

وفي تفسير العسكريعليه‌السلام قال الصادقعليه‌السلام : «قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً » أي للناس كلهم مؤمنهم ومخالفهم ، أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه ، وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان ، فإن بأيسر من ذلك يكف شرورهم عن نفسه وعن إخوانه المؤمنين.

« ولا تقولوا إلا خيرا » إلخ ، قيل : يعني لا تقولوا لهم إلا خيرا ما تعلموا فيهم الخير وما لم تعلموا فيهم الخير ، فأما إذا علمتم أنه لا خير فيهم وانكشف لكم عن سوء ضمائرهم بحيث لا تبقى لكم مرية فلا عليكم أن لا تقولوا خيرا ، و« ما » تحتمل الموصولية والاستفهام والنفي ، وقيل :حتى تعلموا ، متعلق بمجموع المستثنى والمستثنى منه ، أي من اعتاد بقول الخير ، وترك القبيح يظهر له فوائده.

__________________

(١) سورة البقرة : ٨٣.

٥

١٠ ـ عنه ، عن ابن أبي نجران ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في قول الله عز وجل : «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً » قال قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال فيكم.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في قول الله عز وجل : «وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ »(١) قال نفاعا.

أقول : ويحتمل أن يكون حتى تعلموا بدلا أو بيانا للاستثناء أي إلا خيرا تعلموا خيريته إذ كثيرا ما يتوهم الإنسان خيرية قول وهو ليس بخير.

الحديث العاشر : ضعيف.

ويومئ إلى أن المرادبقوله : قولوا للناس ، قولوا في حق الناس لا مخاطبتهم بذلك ، والحديث السابق يحتمل الوجهين.

الحديث الحادي عشر : كالسابق.

«وَجَعَلَنِي مُبارَكاً » قال البيضاوي :نفاعا معلم الخير ، وقال الطبرسي (ره) : أي جعلني معلما للخير عن مجاهد ، وقيل : نفاعا حيثما توجهت والبركة نماء الخير ، والمبارك الذي ينمي الخير به(٢) وقيل : ثابتا دائما على الإيمان والطاعة ، وأصل البركة الثبوت عن الجبائي.

__________________

(١) سورة مريم : ٣١.

(٢) وفي نسخة : يتمنّى الخير به.

٦

(باب)

إجلال الكبير

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا.

باب إجلال الكبير

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« من إجلال الله » أي تعظيم الله فإن تعظيم أو أمره سبحانه تعظيم له ، والشيبة بياض الشعر ، وكان فيه دلالة على أن شعرا واحدا أبيض سبب للتعظيم ، قال الجوهري : الشيب والمشيب واحد ، وقال الأصمعي : الشيب بياض الشعر ، والمشيب دخول الرجل في حد الشيب من الرجال ، والأشيب المبيض الرأس ، وإجلاله تعظيمه وتوقيره واحترامه والإعراض عما صدر عنه بسوء خلقه لكبر سنه وضعف قواه ، لا سيما إذا كان أكثر تجربة وعلما وأكيس حزما وأقدم إيمانا وأحسن عبادة.

الحديث الثاني : مرفوع.

« ليس منا » أي من المؤمنين الكاملين أو من شيعتنا الصادقين ، والمراد بالصغير إما الأطفال فإنهم لضعف بنيتهم وعقلهم وتجاربهم مستحقون للترحم ، ويحتمل أن يرادبالكبر والصغر الإضافيان أي يلزم كل أحد أن يعظم من هو أكبر منه ، ويرحم من هو أصغر منه وإن كان بقليل.

٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن أبان ، عن الوصافي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام عظموا كباركم وصلوا أرحامكم وليس تصلونهم بشيء أفضل من كف الأذى عنهم.

(باب)

(أخوة المؤمنين بعضهم لبعض )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » بنو أب وأم وإذا

الحديث الثالث : حسن كالصحيح ، والوصافي اسمه عبد الله بن الوليد.

باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » كما قال تعالى في كتابه العزيز ، قالوا : أي أخوه في الدين ، أو ينبغي أن يكونوا بمنزلة الأخوة في الترحم والتعاطف ، ثم أكدعليه‌السلام ذلكبقوله : بنو أب وأم ، أي ينبغي أن يكونوا كهذا النوع من الأخوة ، أو نفي لهذا المعنى وبيان أن إخوتهم متأصلة بمنزلة الحقيقة لاشتراكهم في طينة الجنة والروح المختارة المنسوبة إلى الرب الأعلى كما سيأتي ، أو المراد بالأب روح الله الذي نفخ منه في طينة المؤمن ، وبالأم الماء العذب والتربة الطيبة كما مر في أبواب الطينة لا آدم وحواء كما يتبادر إلى بعض الأذهان لعدم اختصاص الانتساب إليهما بالإيمان إلا أن يقال تباين العقائد صار مانعا عن تأثير تلك الأخوة لكنه بعيد.

وقد مر وجه آخر وهو اتحاد آبائهم الحقيقية الذين أحيوهم بالإيمان والعلم ، وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبوهم وخديجة أمهم بمقتضى الآية المتقدمة ، وإخراج غير المؤمنين لأنهم عقوا والديهم بترك ولاية أئمة الحق فهم خرجوا عن حكم

٨

ضرب على رجل منهم عرق سهر له الآخرون.

٢ ـ عنه ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن عمر بن أبان ، عن جابر الجعفي قال تقبضت بين يدي أبي جعفرعليه‌السلام فقلت جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي فقال نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه

الأولاد وانقطعت الأخوة بينهم ، كما أن المنافقات من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرجن بذلك عن كونهم أمهات المؤمنين كما طلق أمير المؤمنين صلوات الله عليه عائشة يوم البصرة ليظهر للناس خروجها عن هذا الحكم على بعض الوجوه ، وإن بقي تحريم نكاحها على المسلمين ، وضرب العرق حركته بقوة والمراد هنا المبالغة في قلة الأذى ، وتعديته هنا بعلى لتضمين معنى الغلبة كما في قوله تعالى : «فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ »(١) في النهاية ضرب العرق ضربا وضربانا إذا تحرك بقوة ، وفي القاموس :سهر كفرح لم ينم ليلا ، انتهى.

والمعنى أن الناس كثيرا ما يذهب عنهم النوم في بعض الليالي من غير سبب ظاهرا ، فهذا من وجع عرض لبعض إخوانهم ، ويحتمل أن يكون السهر كناية عن الحزن للزومه له غالبا.

الحديث الثاني : صحيح.

« تقبضت » التقبض ظهور أثر الحزن ضد الانبساط ، في القاموس : انقبض انضم وضد انبسط ، وتقبض عنه اشمأز ، وفي المحاسن : تنفست أي تأوهت وحزنت من باب علم أو على بناء المجهول من باب نصر فإنه متعد حينئذ ، و« صديقي » عطف على أهلي« من ريح روحه » أي من نسيم من روحه الذي نفخة في الأنبياء والأوصياءعليه‌السلام كما قال : «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي »(٢) أو من رحمة ذاته كما قال الصادقعليه‌السلام

__________________

(١) سورة الكهف : ١١.

(٢) سورة الحجر : ٢٩.

٩

فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد

والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون أو الإضافة بيانية شبه الروح بالريح لسريانه في البدن كما أن نسبة النفخ إليه لذلك ، أي من الروح الذي هو كالريح واجتباه واختاره.

وقد روي عن الباقرعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » كيف هذا النفخ؟ فقال : إن الروح متحرك كالريح ، وإنما سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح وإنما أخرجه على لفظة الروح لأن الروح مجانس للريح وإنما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح كما اصطفى بيتا من البيوت فقال : بيتي ، وقال لرسول من الرسل خليلي وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر ، ويمكن أن يقرأ بفتح الراء أي من نسيم رحمته كما ورد في خبر آخر : وأجرى فيهم من روح رحمته.

« لأبيه وأمه » الظاهر تشبيه الطينة بالأم والروح بالأب ، ويحتمل العكس.

لا يقال : على هذا الوجه يلزم أن يكون المؤمن محزونا دائما؟

لأنا نقول : يحتمل أن يكون للتأثر شرائط أخرى تفقد في بعض الأحيان كارتباط هذا الروح ببعض الأرواح أكثر من بعض ، كما ورد : الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

ويحتمل أن يكون الحزن الدائم للمؤمن أحد أسبابه ذلك كما أن تذكر الآخرة أيضا سبب له ، لكن شدته في بعض الأحيان بحيث يتبين له ذلك بحزن الأرواح المناسبة له ، أو بحزن الأرواح الشريفة العالية المؤثرة في العوالم ، لا سيما في أرواح الشيعة وقلوبهم وأبدانهم ، كما روى الصدوق (ره) في معاني الأخبار بإسناده إلى أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ومعي رجل من أصحابنا ، فقلت له

١٠

من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منها.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا

جعلت فداك يا بن رسول الله إني لأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا؟ فقالعليه‌السلام : إن ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم ، لأنا وإياكم من نور الله تعالى فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة ، ولو تركت طينتكم كما أخذت لكنا وأنتم سواء ، ولكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلو لا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا ، قال : قلت : جعلت فداك فتعود طينتنا ونورنا كما بدء؟ فقال : أي والله يا عبد الله أخبرني عن هذا الشعاع الزاخر من القرص إذا طلع أهو متصل به أم بائن منه؟ فقلت له : جعلت فداك بل هو بائن منه ، فقال : أفليس إذا غابت الشمس وسقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدء منه؟ فقلت له : نعم ، فقال : كذلك والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون ، والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة وإنا لنشفع ونشفع ، والله إنكم لتشفعون فتشفعون ، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله ، وجنة عن يمينه فيدخل أحباؤه الجنة وأعداءه النار ، فتأمل وتدبر في هذا الحديث فإن فيه أسرارا غريبة.

الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

« عينه » أي جاسوسه يدله على المعايب ، أو بمنزلة عينه الباصرة يدله على مكارمه ومعائبه ، وهو أحد معاني قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المؤمن مرآة المؤمن ، وقيل : ذاته مبالغة ، أو بمنزلة عينه في العزة والكرم ، ولا يخفى عدم مناسبته لسائر الفقرات فتفطن« ودليله » أي إلى الخيرات الدنيوية والأخروية« لا يخونه » في مال ولا سرو لا عرض« ولا يظلمه » في نفسه وماله وأهله وسائر حقوقه« ولا يغشه »

١١

يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا منه ـ وجد

في النصيحة والمشورة وحفظ الغيب والإرشاد إلى مصالحه« ولا يعده عدة فيخلفه » يدل على أنه مناف للأخوة الكاملة لا على الحرمة إلا إذا كان النفي بمعنى النهي ، وفيه أيضا كلام ، وبالجملة النفي في جميع الفقرات يحتمل أن يكون بمعنى النهي وأن يكون بمعناه فيدل على أنه لو أتى بالمنفي لم يتصف بالأخوة وكمال الإيمان.

الحديث الرابع : في أعلى مراتب الصحة.

« كالجسد الواحد » كأنهعليه‌السلام ترقى عن الإخوة إلى الاتحاد أو بين أن إخوتهم ليست مثل سائر الأخوات بل هم بمنزلة أعضاء جسد واحد تعلق بها روح واحدة ، فكما أنه يتألم عضو واحد يتألم ويتعطل سائر الأعضاء فكذا يتألم واحد من المؤمنين يحزن ويتألم سائر هم كما مر ، فقوله : كالجسد الواحد تقديره كعضوي الجسد الواحد ، وقوله : إن اشتكى ، الظاهر أنه بيان للمشبه به ، والضمير المستتر فيه وفيوجد راجعان إلى المرء أو الإنسان ، أو الروح الذي يدل عليه الجسد ، وضميرمنه راجع إلى الجسد ، والضميرفي أرواحهما راجع إلى شيئا وسائر الجسد والجمعية باعتبار جمعية السائر ، أو من إطلاق الجمع على التثنية مجازا.

وفي كتاب الاختصاص للمفيد : وإن روحهما من روح واحدة ، وهو أظهر ، والمراد بالروح الواحد إن كان الروح الحيوانية فمن للتبعيض ، وإن كان النفس الناطقة فمن للتعليل فإن روحهما الروح الحيوانية.

هذا إذا كان قوله : وأرواحهما من تتمة بيان المشبه به ، ويحتمل تعلقه

١٢

ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة وإن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن الحارث بن المغيرة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه

بالمشبه فالضمير راجع إلى الأخوين المذكورين في أول الخبر ، والغرض إما بيان شدة اتصال الروحين كأنهما روح واحدة ، أو أن روحيهما من روح واحدة هي روح الإمامعليه‌السلام ، وهي نور الله كما مر في الخبر السابق عن أبي بصير الذي هو كالشرح لهذا الخبر.

ويحتمل أن يكون اشتكى أيضا من بيان المشبه لإيضاح وجه الشبه ، والمراد بروح الله أيضا روح الإمام التي اختارها الله كما مر في قوله : «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي » ويحتمل أن يكون المراد بروح الله ذات الله سبحانه إشارة إلى شدة ارتباط المقربين بجناب الحق تعالى ، حيث لا يغفلون عن ربهم ساعة ويفيض عليهم منه سبحانه العلم والكمالات والهدايات والإفاضات آنا فآنا وساعة فساعة كما سيأتي في الحديث القدسي : فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه ، وسنوضح ذلك بحسب فهمنا هناك إنشاء الله ، وأعرضنا عما أورده بعضهم هيهنا من تزيين العبارات التي ليس تحتها معنى محصل.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« ومرآته » أي يبين محاسنه ليركبها ، ومساويه ليجتنبها كما هو شأن المرآة أو ينظر إلى ما فيه من المعايب فيتركها فإن الإنسان في غفلة عن عيوب نفسه ، وكذا المحاسن وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المؤمن مرآة المؤمن ويجري فيه الوجهان المتقدمان ، قال الراوندي في ضوء الشهاب : المرآة الآلة التي ترى فيها صورة الأشياء ،

١٣

ولا يغتابه.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ودخل عليه رجل فقال لي تحبه فقلت نعم فقال لي ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه

وهي مفعلة من الرؤية ، والمعنى أن المؤمن يحكي لأخيه المؤمن جميع ما يراه فيه ، فإن كان حسنا زينه له ليزداد منه ، وإن كان قبيحا نبهه عليه لينتهي عنه ، انتهى.

وأقول : قد ذهب بعض الصوفية إلى أن المؤمن الثاني هو الله تعالى ، أي المؤمن مظهر لصفاته الكمالية تعالى شأنه كما ينطبع في المرآة صورة الشخص ، والحديث يدل على أنه ليس بمراد من الخبر النبوي ، وقيل : المراد أن كلا من المؤمنين مظهر لصفات الآخر ، لأن في كل منهما صفات الآخر مثل الإيمان وأركانه ولواحقه وآثاره ، والأخلاق والآداب ، ولا يخفى بعده.

« ولا يكذبه » على بناء المجرد أي لا يقول له كذبا ، أو على بناء التفعيل أي لا ينسب الكذب إليه فيما يخبره ، ولا يستلزم ذلك الاعتماد عليه في كل ما يقوله وإن كان يشعر بذلك ، كما ورد في خبر آخر مستدلا عليه بقوله تعالى : «وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ »(١) والظاهر أن المراد بالمسلم هنا المؤمن إيذانا بأن غير المؤمن ليس بمسلم حقيقة.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

« ولم لا تحبه » ترغيب في زيادة المحبة وإدامتها لغيره أيضا بذكر أسبابها وعدم المانع منها« أخوك » أي سماه الله تعالى أخاك أو مخلوق من روحك وطينتك ، ويحتمل أن يكونقوله : وشريكك في دينك تفسيرا للإخوة ، أو يكون في دينك متعلقا بهما على التنازع« على عدوك » من الجن والإنس أو الأخير فقط ، أو الأعم

__________________

(١) سورة التوبة : ٦١.

١٤

على غيرك.

٧ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسين بن الحسن ، عن محمد بن أورمة ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن فضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه لأن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى في صورهم من ريح الجنة فلذلك هم إخوة لأب وأم.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.

٩ ـ أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن رجل ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول المؤمنون خدم بعضهم لبعض قلت وكيف يكونون خدما بعضهم لبعض قال يفيد بعضهم بعضا الحديث.

منهما ومن النفس الأمارة بالسوء ، كما روي : أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.

الحديث السابع : ضعيف.

« من ريح الجنة » أي من الروح المأخوذة من الجنة أو المنسوبة إليها ، لأن مصيرها لاقتضائها العقائد والأعمال الحسنة إليها ، وقد مر مضمونه.

الحديث الثامن : صحيح وقد مر بعينه إلا أنه كان هناك بدل الحجال ابن فضال.

الحديث التاسع : مجهول.

وقوله : الحديث ، أي إلى تمام الحديث إشارة إلى أنه لم يذكر تمام الخبر ، وفهم أكثر من نظر فيه أن « الحديث » مفعول يفيد ، فيكون حثا على رواية الحديث وهو بعيد ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكون المراد به الخبر وأن

١٥

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إسماعيل البصري ، عن فضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن نفرا من المسلمين خرجوا إلى سفر لهم فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفنوا ولزموا أصول الشجر فجاءهم شيخ وعليه ثياب بيض فقال قوموا فلا بأس عليكم فهذا الماء فقاموا وشربوا وارتووا فقالوا من أنت يرحمك الله فقال أنا من الجن الذين بايعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

يكون أمرا في صورة الخبر ، والمعنى أن الإيمان يقتضي التعاون بأن يخدم بعض المؤمنين بعضا في أمورهم ، هذا يكتب لهذا وهذا يشتري لهذا ، وهذا يبيع لهذا إلى غير ذلك ، بشرط أن يكون بقصد التقرب إلى الله ، ولرعاية الإيمان ، وأما إذا كان كان يجر منفعة دنيوية إلى نفسه فليس من خدمة المؤمن في شيء بل هو خدمة لنفسه.

الحديث العاشر : مجهول« فتكفنوا » أي سلموا أنفسهم إلى الموت وقطعوا به ، فلبسوا أكفانهم أو ضموا ثيابهم على أنفسهم بمنزلة الكفن ، وفي القاموس : هم مكفنون ليس لهم ملح ولا لبن ولا إدام ، وفي بعض النسخ فتكنفوا بتقديم النون على الفاء ، أي اتخذ كل منهم كنفا وناحية وتفرقوا ، من الكنف بالتحريك وهو الناحية والجانب أو اجتمعوا وأحاط بعضهم ببعض ، قال في النهاية : في حديث الدعاء مضوا على شاكلتهم مكانفين ، أي يكنف بعضهم بعضا ، وفيه فاكتنفته أنا وصاحبي أي أحطنا به من جانبيه ، وفي القاموس : كنفه صانه وحفظه وحاطه وأعانه كأكنفه والتكنيف الإحاطة واكتنفوا فلانا أحاطوا به كتكنفوه.

قوله : أنا من الجن ، الجن بالكسر جمع الجني وقد ذكر الطبرسي (ره) وغيره أن سبعة من جن نصيبين أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبايعوه ، وروي أكثر من ذلك كما ذكرناه في الكتاب الكبير ، وفي الصحاح حضرة الرجل قربه وفناؤه ، و

١٦

يقول المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن فضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه قال ربعي فسألني رجل من أصحابنا بالمدينة فقال سمعت فضيلا يقول ذلك قال فقلت له نعم فقال فإني سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ـ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يغشه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه.

يدل على أن الجن أجسام لطيفة يمكن تشكلهم بشكل الإنس ورؤيتهم لغير الأنبياء والأوصياءعليه‌السلام أيضا ، ويشعر بجواز رواية الحديث عن الجن.

الحديث الحادي عشر : حسن كالصحيح.

« قال سمعت الفضيل » بصيغة الخطاب بتقدير حرف الاستفهام« فقال إني سمعت » هذا كلام الرجل ، واحتمال الفضيل كما توهم بعيد ، وغرض الرجل أن الذي سمعت منهعليه‌السلام أكثر مما سمعه لا سيما على النسخة التي ليس في الأول ولا يغتابه إلخ ، ولعلهما سمعا في مجلس واحد ، ولذا استبعده« ولا يحرمه » أي من عطائه ، وربما يقرأ« ولا يظلمه » على بناء التفعيل أي لا ينسبه إلى الظلم وهو تكلف ، وفي القاموسخذله وعنه خذلا وخذلانا بالكسر : ترك نصرته ، والظبية وغيرها تخلفت عن صواحبها وانفردت ، أو تخلفت ولم تلحق ، وتخاذل القوم تدابروا.

١٧

(باب)

(فيما يوجب الحق لمن انتحل الإيمان وينقضه)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وسئل عن إيمان من يلزمنا حقه وأخوته كيف هو وبما يثبت وبما يبطل فقال إن الإيمان قد يتخذ على وجهين أما أحدهما فهو الذي يظهر

باب في ما يوجب الحق لمن انتحل الإيمان وينقضه

الانتحال ادعاء أمر بغير حقيقة أو مطلقا ، واتخاذ نحلة ودين ، وقوله : وينقضه عطف على يوجب ، والضمير المستتر فيه راجع إلى ما ، والبارز إلى الحق أي هذا باب في بيان ما يوجب رعاية الحقوق الإيمانية لمن ادعى الإيمان ، وبيان ما ينقض الحق ويسقط وجوب رعايته ، ويحتمل إرجاع الظاهر إلى الإيمان لكن الأول أظهر.

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« وسئل » الواو للحال بتقدير قد ، وإثبات الألف في قوله : بم في الموضعين مع دخول حرف الجر شاذ ، وقوله : فقال ، تكرير وتأكيد لقوله : يقول.

قوله قد يتخذ ، قد هنا للتحقيق ، وإنما اكتفي بذكر أحد وجهي الإيمان مع التصريح بالوجهين ، وكلمة إما التفصيلية المقتضية للتكرار لظهور القسم الآخر من ذكر هذا القسم ، والقسم الآخر هو ما يعرف بالصحبة المتأكدة والمعاشرة المتكررة الموجبة للظن القوي بل اليقين ، وإن كان نادرا ، فإن الإيمان أمر قلبي لا يظهر للغير إلا بآثاره من القول والعمل المخبرين عنه كما مر تحقيقه ، أو القسم الآخر ما كان معلوما بالبرهان القطعي كالحججعليه‌السلام وخواص أصحابهم الذين أخبروا بصحة أيمانهم وكماله كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم رضي الله عنهم ،

١٨

لك من صاحبك فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت حقت ولايته وأخوته إلا أن يجيء منه نقض للذي وصف من نفسه وأظهره لك فإن جاء منه ما تستدل به على نقض الذي أظهر لك خرج عندك مما وصف لك وأظهر وكان لما أظهر لك ناقضا إلا أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية ومع ذلك ينظر فيه فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل [ أن يكون ] قوم سوء ظاهر

ونظير هذا في ترك معادل أما ، قوله تعالى : «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ »(١) إذ ظاهر أن معادله : وأما الذين كفروا بالله ولم يعتصموا به فسيدخلهم جهنم.

« حقت » بفتح الحاء وضمها ، لأنه لازم ومتعد « ولايته » أي محبته و « إخوته » أي في الدين « ومع ذلك ينظر فيه » أي فيه تفصيل « فإن كان » اسمه الضمير الراجع إلى « ما تستدل به » وجملة « ليس » إلخ ، خبره و « ذلك » إشارة إلى الدعوى المذكور في ضمن إلا أن يدعى ، وتفسير مبتدأ « ويتقى » على بناء المجهول بتقدير يتقى فيه ، و « مثل » خبر و « قوم » مضاف إلى السوء بالفتح ، و « ظاهر » صفة السوء وجملة « حكمهم » إلخ صفة للقوم أو « ظاهر » صفة القوم لكونه بحسب اللفظ مفردا أي قوم غالبين و « حكمهم » إلخ جملة أخرى كما مر أو حكمهم فاعل ظاهر أي قوم سوء كون حكمهم وفعلهم على غير الحق ظاهرا ، أو ظاهر مرفوع مضاف إلى حكمهم ، وهو مبتدأ وعلى غير خبره ، والجملة صفة القوم.

وبالجملة يظهر منه أن التقية إنما تكون لدفع ضرر لا لجلب نفع بأن يكون السوء بمعنى الضرر أو الظاهر بمعنى الغالب ، ويشترط فيه عدم التأدي إلى الفساد في الدين كقتل نبي أو إمام أو اضمحلال الدين بالكلية كما أن الحسينعليه‌السلام

__________________

(١) سورة النساء : ١٧٥.

١٩

حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز.

(باب)

(في أن التواخي لم يقع على الدين وإنما هو التعارف)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن حمزة بن محمد الطيار ، عن أبيه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لم تتواخوا على هذا الأمر وإنما

لم يتق للعلم بأن تقيته يؤدي إلى بطلان الدين بالكلية ، فالتقية إنما تكون فيما لم يصر تقيته سببا لفساد الدين وبطلانه كما أن تقيتنا في غسل الرجلين أو بعض أحكام الصلاة وغيرها لا تصير سببا لخفاء هذا الحكم وذهابه من بين المسلمين ، لكن لم أر أحدا صرح بهذا التفصيل ، وربما يدخل في هذا التقية في الدماء وفيه خفاء ، ويمكن أن يراد بالأداء إلى الفساد في الدين أن يسري إلى العقائد القلبية أو يعمل التقية في غير موضع التقية.

ثم اعلم أنه يستفاد من ظاهر هذا الخبر وجوب المؤاخاة وأداء الحقوق بمجرد ثبوت التشيع ، قيل : وهو على إطلاقه مشكل ، كيف ولو كان ذلك كذلك للزم الحرج وصعوبة المخرج إلا أن يخصص التشيع بما ورد من الشروط في أخبار صفات المؤمن وعلاماته.

وأقول : يمكن أن يكون الاستثناء الوارد في الخبر بقوله : إلا أن يجيء منه نقض ، شاملا لكبائر المعاصي بل الأعم.

باب في أن التآخي لا يقع على الدين وإنما هو التعارف

الحديث الأول : ضعيف على المشهور معتبر عندي.

« لم تتواخوا على هذا الأمر » أقول : الخبر يحتمل وجوها

٢٠