حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 189240
تحميل: 3502


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189240 / تحميل: 3502
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

(أحدها) ان يكون عبارة عن جملة من أجزاء العبادة كالاركان في الصلاة مثلا وكان الزائد عليها معتبرا في المأمور به لا في المسمى (وفيه) ما لا يخفى فان التسمية بها حقيقة لا تدور مدارها ضرورة صدق الصلاة مع الاخلال ببعض الاركان، بل وعدم الصدق عليها مع الاخلال بساير الاجزاء والشرائط عند الاعمي - مع انه يلزم أن يكون الاستعمال فيما هو المأمور به باجزائه وشرائطه مجازا عنده وكان من باب استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل لا من باب اطلاق الكلي على الفرد والجزئي - كما هو واضح - ولا يلتزم به القائل بالاعم فافهم " ثانيها " ان تكون موضوعة لمعظم الاجزاء التي تدور مدارها التسمية عرفا فصدق الاسم كذلك يكشف عن وجود المسمى وعدم صدقه عن عدمه " وفيه " - مضافا إلى ما أورد على الاول

______________________________

هناك ذات واحدة معروضة للصحة تارة وللفساد أخرى يتبادل عليها الوصفان تبادل العمى والبصر على ذات الحيوان فتكون تلك الذات هي الجامع بين الصحيح والفاسد ومضافا إلى أنه إذا أمكن تصور الجامع الصحيح بالاشارة إليه بمثل: عنوان الناهي عن الفحشاء، أمكن تصور الجامع الاعم بالاشارة إليه بمثل عنوان: ماله اقتضاء التأثير، الاعم من الفعلية الملازمة للصحيح والشأنية الملازمة للاعم، وعليه فلا حاجة إلى هذه التقريرات الآتية (قوله: أحدها ان يكون عبارة عن جملة) هذا التصوير حكاه في التقريرات عن المحقق القمي (ره) بتفاوت يسير فالمراد من الجملة جملة معينة كالاركان مثلا (قوله: لا في المسمى) يعنى لا في الموضوع له (قوله: حقيقة) هذا جار على مذاق صاحب التصوير لا على مذاق المصنف (ره) (قوله: بل وعدم الصدق) كذا استشكل في التقريرات ولكنه غير ظاهر، بل ربما تصح الصلاة حينئذ فضلا عن أن تكون صلاة (قوله: للجزء في الكل) لان اللفظ موضوع - حسب الفرض - لخصوص الاجزاء الركنية فاستعماله في تمام الاجزاء التي هي عين الكل يكون من استعمال لفظ الجزء في الكل (قوله: لا من باب إطلاق) لان الاركان لا تنطبق في الخارج إلا

٦١

أخيرا، أنه عليه يتبادل ما هو المعتبر في المسمى فكان شئ واحد داخلا فيه تارة وخارجا عنه أخرى بل مرددا بين أن يكون هو الخارج أو غيره عند اجتماع تمام الاجزاء وهو كما ترى، لاسيما إذا لوحظ هذا مع ما عليه العبادات من الاختلاف الفاحش بحسب الحالات (ثالثها) ان يكون وضعها كوضع الاعلام الشخصية كزيد

______________________________

على نفس الاجزاء الركنية والاجزاء الباقية مباينة لها في الخارج فيمتنع ان تكون من أجزاء الفرد حتى يكون من إطلاق الكلي على الفرد (فان قلت): هذا يتم لو كان الموضوع له اللفظ نفس الاركان لا غير أعني (بشرط لا) أما إذا اخذت (لا بشرط) بمعنى أن لو انضم إليها شئ كان داخلا في الموضوع له فلا بد من أن يكون المسمى منطبقا على تمام ما يوجد منضما إلى الاركان " قلت ": الاجزاء الزائدة إما أن تكون داخلة أولا، أو داخلة في حال خارجة في أخرى، والاول خلاف المدعى، والثاني موجب لتوجه الاشكال، والثالث موجب لعدم تشخص معنى اللفظ إلا بملاحظة الانضمام وعدمه بل يكون معناه مختلفا باختلاف حالي الانضمام وعدمه فيكون موضوعا لكل من المعنيين في ظرف غير ظرف الوضع للآخر وهو مستغرب وان كان معقولا (قوله: اخيرا) يعني من كون الاستعمال في التمام من استعمال لفظ الجزء في الكل إذا لا ريب ان المعظم بعض التمام (قوله: انه عليه يتبادل) المراد بالمعظم إما مفهومه، أو مصداقه المعين، أو المردد، أو الموجود في الخارج، فعلى الاول يكون لفظ الصلاة مرادفا للفظ المعظم، وعلى الثاني يرجع الاشكال، وعلى الثالث لا ينطبق على الخارج لان كل ما في الخارج معين لا مردد، وعلى الرابع يرد عليه - مضافا إلى ما اورده المصنف (ره) في المتن من لزوم التبادل في الاجزاء بحيث يكون تارة جملة معينة وأخرى جملة غيرها، بل يكون مرددا بين الجمل المتعينة مع اجتماع جميع الاجزاء، انه لا يصح ان يضاف إليه الوجود إذ لا وجود للموجود بما هو موجود فتأمل (قوله: وهو كما ترى) لوضوح فساد ذلك كله (قوله: لا سيما إذا) فانه

٦٢

فكما لا يضر في التسمية فيها تبادل الحالات المختلفة من الصغر والكبر، ونقص بعض الاجزاء وزيادته كذلك فيها (وفيه) ان الاعلام إنما تكون موضوعة للاشخاص والتشخص إنما يكون بالوجود الخاص، ويكون الشخص حقيقة باقيا ما دام وجوده باقيا وان تغيرت عوارضه من الزيادة والنقصان وغيرهما من الحالات والكيفيات، فكما لا يضر اختلافها في التشخص لا يضر اختلافها في التسمية، وهذا بخلاف مثل الفاظ العبادات مما كانت موضوعة للمركبات والمقيدات ولا يكاد يكون موضوعا له الا ما كان جامعا لشتاتها وحاويا لمتفرقاتها كما عرفت في الصحيح منها (رابعها) أن ما وضعت له الالفاظ ابتداء هو الصحيح التام الواجد لتمام الاجزاء والشرائط إلا أن العرف يتسامحون - كما هو ديدنهم - ويطلقون تلك الالفاظ على الفاقد للبعض تنزيلا له منزلة الواجد

______________________________

لا مجال حينئذ لدعوى كون ارتكاز فساد ذلك ناشئا من غلبة الانضباط لا لمخالفته لوضع اللفظ فتأمل (قوله: وفيه أن الاعلام إنما) توضيح الفرق بين الاعلام وما نحن فيه أن الاعلام موضوعة للحصص الخاصة من الطبيعة المتعينة بوجودها الخاص، ولما كانت العوارض الطارئة عليها غير موجبة لتعدد وجودها فانها على اختلافها طارئة على وجود واحد لم يكن اختلافها موجبا لاختلاف معنى اللفظ فهناك معنى واحد قد وضع له اللفظ بلحاظ جميع الحالات من الزيادة والنقصان وغيرها، وأما ألفاظ العبادات فلا يمكن ان يدعى ذلك في معانيها المركبة المقيدة حيث لا تجد مركبا ومقيدا موجودا في ضمن جميع أفرادها الصحيحة وغيرها، لما عرفت من اخلافها بالاجزاء والشرائط على نحو لا يكون بينها اشتراك في جملة من الاجزاء. هذا ولا يبعد أن يكون المراد من هذا التصوير ما ذكرناه في تصوير الجامع، ويكون غرضه التنظير بالاعلام الشخصية فكما أن الزيادة والنقصان الطارئين على معانيها لا توجب اختلافا في معناها بل يكون أمر واحد معروضا للتمام والزيادة والنقصان كذلك الصحة والفساد الطارئان على الماهيات حسبما عرفت

٦٣

فلا يكون مجازا في الكلمة على ما ذهب إليه السكاكي في الاستعارة، بل يمكن دعوى صيرورته حقيقة فيه بعد الاستعمال فيه كذلك دفعة أو دفعات من دون حاجة إلى الكثرة والشهرة، للانس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة أو المشاركة في التأثير كما في أسامي المعاجين الموضوعة ابتداء لخصوص مركبات واجدة لاجزاء خاصة حيث يصح اطلاقها على الفاقد لبعض الاجزاء المشابه له صورة والمشارك في المهم أثرا تنزيلا أو حقيقة (وفيه) أنه انما يتم في مثل أسامي المعاجين وسائر المركبات الخارجية مما يكون الموضوع فيها ابتداء مركبا خاصا، ولا يكاد يتم في مثل العبادات التي عرفت أن الصحيح منها يختلف حسب اختلاف الحالات وكون الصحيح بحسب حالة فاسدا بحسب حالة اخرى كما لا يخفى فتأمل جيدا

______________________________

فلاحظ (قوله: فلا يكون مجازا) هذا ذكره في التقريرات، لكنه ليس تصويرا للجامع الاعم بل هو تصوير للجامع الصحيح أجنبي عن قول الاعمي (قوله: بعد الاستعمال فيه كذلك) هذا بظاهره يقتضي الاشتراك اللفظي لا المعنوي الذي بصدده الاعمي إلا أن يكون المقصود الاستعمال في الاعم، لكنه يتوقف على فرض جامع أعم ولو فرض فلا حاجة إلى هذا التصوير ثم قد يستشكل في دعوى الوضع التعيني بالاستعمال على مذهب السكاكي من حيث أن اللفظ لم يستعمل الا في معناه ولم يجعل حاكيا الا عنه فكيف تحدث مناسبة بينه وبين معنى آخر ؟ حتى يكون حقيقة فيه (ويندفع) بالنقض بحصوله من استعمال اللفظ الموضوع للكلي في الفرد لا بقيد الخصوصية، وبالحل بأن عدم التصرف في اللفظ لا يمنع من تحقق المناسبة بينه وبين الفرد المجازي المؤدية إلى انسباقه منه انسباق المعنى الحقيقي فتأمل جيدا (قوله: تنزيلا أو حقيقة) يعني إما مجازا على مذهب السكاكي في أول الامر أو حقيقة بعد تحقق الوضع التعيني هذا وقد عرفت أن هذا أجنبي عن مراد الاعمي (قوله: إنما يتم في مثل أسماء المعاجين) يعني لا يصح قياس المقام بالمعاجين لان المعاجين لصحيحة لها أجزاء معينة وليست كذلك في المقام

٦٤

(خامسها) ان يكون حالها حال أسامي المقادير والاوزان مثل المثقال والحقة والوزنة إلى غير ذلك مما لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة، فان الواضع وان لاحظ مقدارا خاصا الا انه لم يضع له بخصوصه بل للاعم منه ومن الزائد والناقص، أو أنه وإن خص به أولا الا أنه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية انهما منه قد صار حقيقة في الاعم ثانيا (وفيه) أن الصحيح كما عرفت في الوجه السابق يختلف زيادة ونقيصة فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد والناقص بالقياس إليه كي يوضع

______________________________

لما عرفت من اختلاف أجزاء الصحيح على نحو تكون كل جملة من الاجزاء صلاة صحيحة بحسب حالة فاسدة بحسب حالة أخرى فكيف يصح دعوى الوضع للصحيح أولا ثم استعماله ثانيا في ما يشابهه صورة حتى يبلغ حد الحقيقة، لكن هذا يتم لو أريد التمثيل باسماء المعاجين بلحاظ جميع الخصوصيات (أما) لو أريد التمثيل بلحاظ الوضع للصحيح - ولو بمعنى الجامع - كما تقدم تصويره في كلام المصنف (ره) ثم الاستعمال فيما يماثل الصحيح بحسب الصورة حيث أن الفاسد مماثل للصحيح في الاجزاء والاختلاف في الصحة والفساد إنما كان بلحاظ الاحوال ولا يعتبر في المشابهة المصححة للادعاء والتنزيل أن تكون فيما هو من خواص الماهية بل يكفي كونه من خواص الفرد (فيصح) إطلاق الانسان على صورة زيد لمشابهتها لزيد في الهيئة التي لا تخص الماهية بل تخص الفرد (قوله: مما لا شبهة في) لم يظهر وجهه ان لم يظهر نفي الشبهة في خلافه، فان ظاهر الفقهاء فيما كان المقدار موضوعا للحكم الشرعي كيلا أو وزنا أو مساحة اعتبار التام اعتمادا على كون اللفظ حقيقة فيه مجازا في الناقص فلاحظ كلماتهم في الطهارة والصلاة والزكاة والكفارات وغيرها (قوله: بل للاعم منه ومن) بهذا يظهر الفرق بين هذا التصوير وما قبله فان الوضع في هذا واحد وفيما قبله متعدد كما عرفت (قوله: أو انه وإن خص به) بهذا يرجع إلى ما قبله، ولا يظهر الفرق بينهما فيرد عليه ما أورد عليه (قوله: يختلف زيادة ونقيصة) كان الاولى التعبير بأنه يختلف أجزاء وليس مما يشترك في اجزاء

٦٥

اللفظ لما هو الاعم فتدبر جيدا (ومنها) ان الظاهر ان يكون الوضع والموضوع له في الفاظ العبادات عامين، واحتمال كون الموضوع له خاصا بعيد جدا لاستلزامه كون استعمالها في الجامع في مثل: الصلاة تنهى عن الفحشاء، و: الصلاة معراج المؤمن، وعمود الدين، و: الصوم جنة من النار، مجازا أو منع استعمالها فيه في مثلها وكل منهما بعيد إلى الغاية كما لا يخفى على اولي النهاية (ومنها) ان ثمرة النزاع اجمال الخطاب على القول الصحيحي وعدم جواز الرجوع إلى اطلاقه

______________________________

معينة حتى يلحظ الزائد والناقص بالقياس اليهما، أما الاختلاف بالزيادة والنقيصة فلا يمنع عن ذلك (ثم) إنه ينبغي الا يراد على هذا التصوير بأنه لو فرض اشتراك افراد الصحيح باجزاء معينة فالمراد من الاعم من الزائد والناقص ان كان الجامع الحقيقي فلا بد حينئذ من تصويره أولا ليترتب عليه هذا البيان ولا يكون هذا تصويرا له، وإن كان المفهوم الاعتباري كان لفظ الصلاة حاكيا عن ذلك المفهوم الاعتباري مرادفا للفظه فتأمل جيدا، ومنه يظهر أنه لا مجال في تصوير الجامع لان يقال: الواضع للفظ الصلاة لاحظ أولا الجامع بين أفراد الصحيح ثم وضع اللفظ للاعم منه ومن الفاسد، فانه مخدوش بما تقدم بعينه (قوله: فيه في مثلها) يعني في الجامع في مثل تلك الامثلة المذكورة

*

(قوله: ثمرة النزاع إجمال) يعني أن الثمرة المترتبة على الخلاف في هذه المسألة أنه على القول بالصحيح تكون الخطابات التى يكون موضوعها العبادة كالصلاة مجملة، وعلى القول بالاعم تكون مبينة (ووجه) ذلك ما تقدم من عدم انضباط أجزاء الصحيح لاختلافها بحسب الحالات والخصوصيات، والجامع بينها وان كان متعينا في نفسه إلا أنه غير متعين عندنا، ومع إجمال الموضوع يسقط الخطاب عن الحجية، لان التمسك به فرع العلم بانطباق موضوعه وهو غير حاصل مع إجماله ولا كذلك على القول بالاعم، ويترتب على ذلك أنه لو شك في جزئية شئ أو شرطيته للصلاة الواجبة مثلا تعذر الرجوع إلى اطلاق قوله تعالى: اقيموا الصلاة، لنفي الشك المذكور على القول بالصحيح

٦٦

في رفع ما إذا شك في جزئية شئ للمأمور به أو شرطيته أصلا لاحتمال دخوله في المسمى كما لا يخفى، وجواز الرجوع إليه في ذلك على القول الاعمي في غير ما احتمل دخوله فيه مما شك في جزئيته أو شرطيته. نعم لابد في الرجوع إليه فيما ذكر من كونه واردا مورد البيان كما لا بد منه في الرجوع إلى ساير المطلقات وبدونه لا مرجع ايضا الا البراءة أو الاشتغال على الخلاف في مسألة دوران الامر بين الاقل والاكثر

______________________________

لما عرفت من عدم العلم بانطباق الصلاة على فاقد الجزء مثلا لاحتمال كونه فاسدا فيمتنع تطبيقه بخلاف القول بالاعم فان فاقد مشكوك الجزئية عليه يكون صلاة قطعا، وحينئذ فاطلاق قوله تعالى: اقيموا الصلاة، يقتضي كون الموضوع نفس الصلاة مطلقا لا مقيدا بمشكوك الجزئية فيلغى به احتمال الجزئية (نعم) يتوقف التمسك به على تمامية مقدمات الحكمة التي هي شرط التمسك بالاطلاق في جميع المقامات ومع فقد المقدمات أو بعضها يسقط الدليل عن المرجعية كما يسقط على القول بالصحيح، ويكون المرجع الاصول العملية من البراءة أو الاشتغال (قوله: رفع ما إذا شك) يعني رفع الشك ولعل أصل العبارة ذلك (قوله: للمأمور به) يعني الذي هو نفس العبادة وأما المأمور به المركب من العبادة وغيرها فلا بأس بالرجوع إلى إطلاق الدليل في نفي جزئيته (مثلا) إذا وجب عمل مركب من صوم وصلاة واحتمل اعتبار شي آخر فيه زائد عليهما فاطلاق دليل وجوبه - لو كان - رافع لجزئيته (قوله: لاحتمال) تعليل للاجمال (قوله: إليه في ذلك) يعني إلى الاطلاق في رفع الشك في الجزئية أو الشرطية (قوله: في غير ما احتمل) يعني قد يكون محتمل الجزئية للمأمور به مما يحتمل كونه مقوما للماهية التي هي الاعم، وحينئذ لا يكون الاطلاق رافعا لاحتمال جزئيته لان احتمال كونه مقوما مانع من العلم بانطباق الماهية على فاقده فيمتنع التمسك بالاطلاق كما يمتنع على القول بالصحيح (قوله: فيه) أي في المسمى (قوله: مما شك) بيان لقوله: غير (قوله: وارادا مورد) يعني يكون الكلام صادرا من المتكلم في مقام بيان

٦٧

الارتباطيين، وقد انقدح بذلك أن الرجوع إلى البراءة والاشتغال في موارد إجمال الخطاب أو إهماله على القولين، فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع إلى البراءة على الاعم والاشتغال على الصحيح، ولذا ذهب المشهور إلى البراءة مع ذهابهم إلى الصحيح، وربما قيل بظهور الثمرة في النذر أيضا (قلت): وإن كان يظهر فيما لو نذر لمن صلى اعطاء درهم

______________________________

تمام الاجزاء والشرائط وهذه إحدى المقدمات التي يتوقف عليها الاطلاق فلا بد من انضمام الباقي إليها ايضا وتخصيصها بالذكر لمزيد الاهتمام (قوله: الارتباطيين) المركب الارتباطي ما لا يمكن التفكيك بين أجزائه في الامتثال (قوله: على القولين) خبر (أن) (قوله: ولذا ذهب) تعليل لقوله: فلا وجه، ثم انه قد يستشكل في الحكم بالاجمال على القول بالصحيح من جهة وجود الاخبار الكثيرة الوافية ببيان تلك الماهيات فيرتفع عنها الاجمال، كما قد يستشكل في الرجوع إلى الاطلاق على القول بالاعم لما دل على امتناع تعلق الوجوب بالفاسد واختصاصه بالصحيح ولا فرق في سقوط الدليل عن المرجعية بين كون المقيد داخلا في نفس المسمى أو داخلا في موضوع الامر فإذا ورد: أكرم العالم، وعلم من الخارج إرادة العادل وشك في اعتبار اجتناب الصغيرة في العدالة لم يجز التمسك بالدليل المذكور (ويندفع) الاول بأن موارد الشك في الجزئية مما لا تدخل تحت عد والتتبع شاهد بذلك - مع أن ذلك لا يمنع من تحقق اجمال الخطاب في نفسه وان كان يندفع بالنظر إلى الاخبار، لكن عليه تكون الثمرة فرضية لا عملية فتأمل (ويندفع) الثاني بأن حكم العقل بأن المأمور به لا بد أن يكون هو الصحيح لا يمنع من التمسك بالاطلاق، بل يكون الاطلاق دالا على أن المطلق هو الصحيح ومنشأ الاشتباه الخلط بين الجهات التقييدية والتعليلية مع وضوح الفرق بينهما فان الاولى تكون قيد الموضوع الاثر الشرعي كالعدالة في المثال المتقدم، والثانية لا تكون كذلك بل تكون داعية إلى تعلق الاثر بالموضوع كمصلحة الفعل التي

٦٨

في البرء فيما لو اعطاه لمن صلى ولو علم بفساد صلاته لاخلاله بما لا يعتبر في الاسم على الاعم وعدم البرء على الصحيح، إلا أنه ليس بثمرة لمثل هذه المسألة، لما عرفت من أن ثمرة المسألة الاصولية هي أن تكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الاحكام الفرعية فافهم (وكيف) كان

______________________________

تكون داعية إلى وجوبه، ولاجل ذلك اختلفت في الاحكام، فالاولى يجب تحصيلها لو كان الاثر الزاميا، والثانية لا يجب تحصيلها، ويكون الشك في الاولى مانعا من التمسك بالاطلاق لانها بحكم نفس الموضوع فكما يكون الشك فيه مانعا عن التمسك به يكون الشك فيها كذلك، ولا يكون الشك في الثانية كذلك بل الاطلاق رافع له، والصحة في المقام من قبيل الثانية لا الاولى إذ منشأ انتزاعها نفس المأمور به واقعا لا أمر زائد عليه حتى تؤخذ قيدا فيه (قوله: في البرء) متعلق بقوله: يظهر (قوله: لاخلاله) متعلق بقوله: فساد (قوله: على الاعم) متعلق بالبرء (قوله، من أن ثمرة) الاولى إسقاط لفظ (ثمرة) فان ثمرة المسألة الاصولية نفس الحكم المستنبط لا وقوع المسألة في طريق استنباطه (قوله: واقعة في طريق) الشك في الحكم الشرعي تارة يكون ناشئا عن عدم الدليل أو اجماله أو تعارض الدليلين، ولابد أن يكون الحكم كليا مثل الشك في حرمة التتن ووجوب الاستعاذة (واخرى) يكون ناشئا من اشتباه الموضوع الخارجي ولا بد أن يكون جزئيا لجزئية موضوعه مثل الشك في حرمة المائع المردد بين الخل والخمر والمسائل الاصولية هي التي تقع في طريق استنباط القسم الاول - كما تقدمت الاشارة إليه في تعريف علم الاصول - أما ما يتوقف على استنباط القسم الثاني فليس من مسائل الاصول، والحكم المشكوك في المثال من قبيل الثاني لان الشك فيه ناشئ عن الشك في كون إعطاء الدرهم للمصلي المذكور، وفاء بالنذر وعدمه، إذ على الاول لا يجب اعطاء شئ على الناذر، وعلى الثاني يجب عليه اعطاء درهم، فما يتوقف عليه استنباط الحكم المذكور ليس من مسائل الاصول وإلا كان البحث عن أكثر

٦٩

فقد استدل للصحيحح بوجوه (أحدها) التبادر ودعوى أن المنسبق إلى الاذهان منها هو الصحيحي، ولا منافاة بين دعوى ذلك وبين كون الالفاظ على هذا القول مجملات فان المنافاة انما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا مبينة وقد عرفت كونها مبينة بغير وجه (ثانيها) صحة السلب عن الفاسد بسبب الاخلال ببعض أجزائه أو شرائطه بالمداقة وان صح الاطلاق عليه بالعناية (ثالثها) الاخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار للمسميات مثل: الصلاة عمود الدين، أو: معراج المؤمن، والصوم جنة من النار، إلى غير ذلك، أو نفي ماهيتها وطبايعها مثل:

______________________________

*

الموضوعات الخارجية من وظائف للاصول فتأمل. نعم وجوب الوفاء بالنذر من الاحكام الكلية فما يتوقف عليه استنباطه يكون من مسائل الاصول (قوله: فقد استدل) القائل بالصحيح في رفاهية عن الاستدلال فانه بعد امتناع الجامع الاعم وتصوير الجامع الصحيح يتعين القول بالصحيح (قوله: أحدها التبادر) دعوى التبادر دعوى وجدانية لا برهانية والانصاف أنه لا يساعدها الوجدان ولا سيما مع إمكان كونه على تقديره ناشئا عن انصراف الذهن إلى الصحيح لكونه موضوع الآثار ومحط الاغراض غالبا بل ما ذكرناه في تصوير الجامع الاعم موجب لحمله على ذلك (قوله: ولا مناقاة) إذ يكفي في التبادر كون المعنى محصلا في الذهن ولو إجمالا (قوله: بغير وجه) يعني أكثر من وجه، والمراد بالوجوه الآثار المتقدم ذكرها المشار بها إليه (قوله: بالمداقة) متعلق بصحة السلب (قوله: الصلاة عمود) تقريب الاستدلال أن الذي هو عمود الدين خصوص الصحيح دون الفاسد فلو كانت موضوعة للاعم لزم التصرف في هذه الالفاظ في هذه المقامات بارادة الخاص من لفظ العام ولو ادعاء وهو خلاف الاصل فيتعين القول بانها موضوعة للصحيح " وفيه " إمكان دعوى كون القضية فيها مهملة لا طبيعية

٧٠

لا صلاة الا بفاتحة الكتاب، ونحوه مما كان ظاهرا في نفي الحقيقة بمجرد فقد ما يعتبر في الصحة شطرا أو شرطا

______________________________

- مضافا إلى ما يأتي منه (ره) في الحاشية على قوله: فافهم (قوله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) قد يشكل الاستدلال بهذه الجملة على القول بالصحيح لعدم تمامية ظاهرها سواء أكان المراد بها نفي الحقيقة أم نفي الصحة لصحة الصلاة بدون الفاتحة في كثير من المقامات كما في الجاهل والناسي بل والمأموم على احتمال، وصلاة الاموات لو كانت صلاة حقيقية، بل من ذلك يظهر الاشكال فيها سواء أكان المراد من الصحيح الشخصي أم النوعي إلا أن تكون القضية مهملة أو مطلقة ولكن قيدت في جملة من المقامات وحينئذ يكون اللازم حملها على نفي الحقيقة ولو بالنظر إلى بعض الحالات فيتم الاستدلال بها (قوله: مما كان ظاهرا في نفي الحقيقة) لا ريب في هذا الظهور، لكنه قد يشكل الاستدلال به لتوقفه على إحراز كون نفي الحقيقة حقيقيا لا ادعائيا وإلا لم ينفع في نفي فردية الفاقد، " فان قلت ": اصالة الحقيقة شأنها إحراز كون النفي حقيقيا لا ادعائيا، " قلت ": نعم لكنه مختص بما إذا كان الشك في المراد وأنه المعنى الحقيقي أو الادعائي لا ما إذا علم المعنى وشك في كونه حقيقيا أو ادعائيا فانه مجرى ما اشتهر من أن الاستعمال أعم من الحقيقة، والمقام من الثاني لكون المعلوم أن المراد من الكلام المذكور نفي الحقيقة عن الفاقد وإنما الشك في أنه نفي حقيقي أو ادعائي، وان شئت قلت: الظاهر من أمثال هذا الكلام - بقرينة صدوره من الشارع - كونه في مقام جعل الآثار والاحكام وبيان خروج الفاقد عن كونه موضوعا واختصاص الحكم بالواجد فلا يصلح لاثبات الفردية أو نفيها. نعم لو كانت قرينة على صدوره في مقام شرح الماهية وتمييز أفرادها عن غيرها كان حجة على ذلك - كما هو كذلك - لو كان صادرا من بعض اللغويين - وكذا الحال في الاثبات

٧١

(وإرادة) خصوص الصحيح من الطائفة الاولى ونفي الصحة من الثانية لشيوع استعمال هذا التركيب في نفي مثل الصحة أو الكمال (خلاف الظاهر) لا يصار إليه مع عدم نصب قرينة عليه، واستعمال هذا التركيب في نفي الصفة ممكن المنع حتى في مثل: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، مما يعلم أن المراد نفي الكمال بدعوى استعماله في نفي الحقيقة في مثله ايضا بنحو من العناية لا على الحقيقة، وإلا لما دل على المبالغة(١) فافهم (رابعها) دعوى القطع بان طريقة الواضعين وديدنهم وضع الالفاظ للمركبات التامة - كما هو قضية

______________________________

كما في قوله عليه السلام: الفقاع خمر استصغره الناس (قوله: وارادة خصوص) هذا نقض لتقريب الاستدلال المبتني على ظهور الالفاظ في الحقيقة من حيث هي فيكون هذا منعا لذلك الظهور لشهرة الاستعمال في خلافه (قوله: المبالغة فافهم) ذكر في الحاشية أنه اشارة إلى بطلان الاستدلال بالاخبار المثبتة من جهة ما عرفت من أن اصالة الحقيقة إنما تكون حجة في اثبات المراد لا في اثبات كون الاستعمال فيه حقيقة أو مجازا بعد العلم به (قوله: دعوى القطع) عهدة هذه الدعوى على مدعيها كيف وقد عرفت أن التمام والنقصان كالصحة والعيب تطرآن على الماهيات المسماة بكذا فيقال: سرير ناقص وسرير تام، وبيت ناقص وبيت تام، وثوب ناقص وثوب تام، كما يقال: انه صحيح وانه معيب، بلا تصرف ولا عناية فلابد من الالتزام بكون المسميات بهذه الاسماء الاعم من التام والناقص الذي يطرأ عليه النقصان كما يطرأ عليه التمام، وكذا الحال فيما نحن فيه. نعم أسماء المقادير وأسماء الاوزان موضوعة للتمام لانها موضوعة لنفس المحدود

______________

(١) اشارة إلى أن الاخبار المثبتة للآثار وان كانت ظاهرة في ذلك لمكان اصالة الحقيقة ولازم ذلك كون الموضوع للاسماء هو الصحيح ضرورة اختصاص تلك الآثار به إلا انه لا يثبت باصالتها كما لا يخفي لاجرائها العقلاء في اثبات المراد لا في انه على نحو الحقيقة أو المجاز فتأمل جيدا. من الماتن قدس سره (*)

٧٢

الحكمة الداعية إليه - والحاجة وإن دعت أحيانا إلى استعمالها في الناقص أيضا إلا انه لا يقتضي أن يكون بنحو الحقيقة، بل ولو كان مسامحة تنزيلا للفاقد منزلة الواجد، والظاهر ان الشارع غير متخط عن هذه الطريقة، ولا يخفى أن هذه الدعوى وان كانت غير بعيدة الا انها قابلة للمنع فتأمل، وقد استدل للاعمي أيضا بوجوه (منها) تبادر الاعم (وفيه) أنه قد عرفت الاشكال في تصوير الجامع الذي لا بد منه فكيف يصح معه دعوى التبادر (ومنها) عدم صحة السلب عن الفاسد (وفيه) منع لما عرفت (ومنها) صحة التقسيم إلى الصحيح والسقيم (وفيه) أنه إنما يشهد على انها للاعم لو لم تكن هناك دلالة على كونها موضوعة للصحيح، وقد عرفتها، فلا بد أن يكون التقسيم بملاحظة ما يستعمل فيه اللفظ ولو بالعناية (ومنها) استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الاخبار

______________________________

بالحد الخاص في قبال ما عداه (قوله: الحكمة الداعية) يعني التفهيم لكن في اقتضائه الوضع لخصوص الصحيح منع كيف والجامع يكون محط الغرض ايضا فالوضع له ربما يكون أفود وأعود وتيسر الاستعمال في الفاسد بنحو العناية - مع أنه لا يمنع من الوضع له لكفاية أدنى غاية ولا يتوقف على الاضطرار إليه - أن غاية ما يقتضيه المنع من الوضع له زائدا على الوضع للصحيح لا من الوضع للجامع كما هو المدعى (قوله: غير بعيدة) بل هي ممنوعة لما عرفت - مضافا إلى انه لا مجال لقياس المقام بالمركبات لما عرفت عند الكلام في تصوير الجامع من امتناع كونه من قبيل المركب موضوعا لنفس الاجزاء على كل من القول الصحيحي والاعمي من جهة عدم الضابط، بل لابد من الالتزام بكونه موضوعا لمفهوم واحد عرضي له مراتب مختلفة، ولعله اشار إليه بقوله: فتأمل

*

(قوله: وقد استدل للاعمي) الصحيحي في رفاهية عن الجواب عن هذه الوجوه بعد تعذر الجامع الاعمي كما سيشير إليه المصنف (ره) (قوله: قد عرفت الاشكال) لكن عرفت التأمل فيه (قوله: لما عرفت) يعني من امتناع تصوير الجامع (قوله: وقد عرفتها)

٧٣

في القاسدة كقوله عليه الصلاة والسلام: بني الاسلام على الخمس، الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية، ولم يناد أحد بشئ كما نودى بالولاية فاخذ الناس باربع وتركوا هذه فلو أن أحدا صام نهاره وقام ليله ومات بغير ولاية لم يقبل له صوم ولا صلاة، فان الاخذ بالاربع لا يكون بناء على بطلان عبادات تاركي الولاية الا إذا كانت اسامي للاعم، وقوله (ع): دعي الصلاة أيام أقرائك، ضرورة أنه لو لم يكن المراد منها الفاسدة لزم عدم صحة النهي عنها لعدم قدرة الحائض على الصحيحة منها (وفيه) أن الاستعمال أعم من الحقيقة - مع ان المراد في الرواية الاولى هو خصوص الصحيح بقرينة أنها مما بني عليها الاسلام ولا ينافي ذلك بطلان عبادة منكري

______________________________

يعني امتناع تصوير الجامع، لكن عرفت التأمل فيه فالاخذ بمقتضى التقسيم لا مفر عنه، ولا وجه لصرفه إلى ما يستعمل فيه اللفظ - مع ان الظاهر كونه بلا عناية ولا تصرف في اللفظ (قوله: في الفاسدة) يعني في الاعم وإرادة الفاسدة لا في الفاسدة بنحو الخصوصية وإلا فهو خلاف المدعى من الوضع للاعم ولا يقتضيه الدليل أيضا وسيشير إليه في آخر التقريب (قوله: فاخذ الناس بأربع) يعني لابد أن يكون المراد من الصلاة وما عطف عليها خصوص الفاسدة إذ لو كان المراد منها الصحيحة لم يصح قوله (عليه السلام): فاخذ الناس بأربع، بل كان اللازم ان يقول: لم يأخذ الناس بشئ منها، لان الاربع التي أخذ الناس بها فاسدة بناء على بطلان عبادة تارك الولاية فلا تكون من الخمس المذكورة في صدر الحديث، وحيث أن الظاهر من الحديث كون ما أخذ به الناس أربعا من الخمس فلا بد أن يكون المراد منها الاعم (قوله: ضرورة أنه لو لم) لعل الاولى في تقريب الاستدلال أن يقال: لو كان المراد الصلاة الصحيحة فاما أن تكون قادرة عليها أولا، فعلى الاول يمتنع النهي لان القدرة عليها تتوقف على مشروعيتها والنهي يضاد المشروعية وكذا على الثاني أيضا لامتناع التكليف بغير المقدور (قوله: مع ان المراد في الرواية) هذا معارضة للدليل يعني يجب حمل الصلاة وما عطف عليها على الصحيح

٧٤

الولاية إذ لعل أخذهم بها انما كان بحسب اعتقادهم لا حقيقة، وذلك لا يقتضي استعمالها في الفاسد أو الاعم، والاستعمال في (قوله: فلو أن احدا صام نهاره... الخ) كان كذلك أي بحسب اعتقادهم، أو للمشابهة والمشاكلة، وفى الرواية الثانية النهي للارشاد إلى عدم القدرة على الصلاة وإلا كان الاتيان بالاركان وساير ما يعتبر في الصلاة بل بما يسمى في العرف بها، ولو أخل بما لا يضر الاخلال به بالتسمية عرفا محرما على الحائض ذاتا وان لم تقصد به القربة، ولا اظن أن يلتزم به المستدل بالرواية فتأمل جيدا

______________________________

لانه الذي بني عليه الاسلام ويتعين التصرف في قوله (عليه السلام): فاخذ الناس بأربع، بارادة غير الاربع من الخمس وجعلها أربعا من الخمس جريا على اعتقاد الناس لا على الواقع فيكون دليلا على القول بالصحيح " ويمكن " أن يناقش بان بناء الاسلام على الاربع الصحيحة لا يقتضي استعمال الفاظها في خصوص الصحيح بل يجوز ان يكون المستعمل فيه الاعم وارادة خصوص الصحيح تكون من ارادة الفرد من الكلي نظير قوله تعالى: وجاء رجل من أقصى المدينة، فلا تجوز فيه ولا في الاربع فيتم الاستدلال من أنه لو كان الوضع للصحيح لزم التصرف في لفظ الاربع (قوله: في قوله (عليه السلام): فلو أن احدا) هذا الذيل ينبغي أن يتمسك به المستدل على دعوى الوضع للاعم في قبال الاستدلال بالصدر، ولهذا تعرض المصنف (ره) في الجواب عنه بما ذكر (قوله: وفى الرواية الثانية) معطوف على قوله: في الرواية الاولى، يعنى المراد من النهي في الرواية الثانية الارشاد إلى مانعية حدث الحيض الموجب لسلب قدرة الحائض على الصلاة حينئذ فالمراد من الصلاة الصحيحة لانها التي يمنع عنها الحدث (قوله: وإلا كان) يعني وإن لم يكن النهي للارشاد بل كان مولويا موضوعه الاعم من الصحيح والفاسد كان مقتضاه حرمة فعل ما يسمى صلاة صحيحا كان أو فاسدا (قوله: أن يلتزم به المستدل) فان المصنف (ره) وان التزم أن حرمة العبادة على الحائض ذاتية لا

٧٥

(ومنها) انه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه وحصول الحنث بفعلها ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة لا يكاد يحصل به الحنث اصلا لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها كما لا يخفى بل يلزم المحال فان النذر حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها

______________________________

تشريعية، وربما نسب إلى ظاهر المشهور الا أن موضوع التحريم العبادة التامة الاجزاء والشرائط حتى حيثية التقرب لا مطلق المسمى ولو كانت ناقصة (أقول): يمكن توجيه هذا الاشكال بعينه على المصنف حيث التزم بالحرمة الذاتية استنادا إلى نصوص المنع عن العبادة الظاهرة في المولوية فيقال: المراد من العبادة المنهي عنها اما الصحيحة أو الاعم والاول ممتنع لما ذكره المستدل من عدم القدرة، والثاني يوجب الالتزام بحرمة ما يسمى عبادة عرفا، فان اجاب بان ظاهر تلك النصوص حرمة العبادة على النحو الذي يؤتى بها في حال الطهر كان بعينه جوابا عن الاشكال المذكور هنا إلا أن يكون غرضه إلزام المستدل فتأمل جيدا وسيأتى في الدليل الآتي بعض الكلام (قوله: لا شبهة في صحة) يعني مع إمكان الصلاة في غيره من الامكنة وإلا فلا ينبغي التأمل في البطلان (ثم) إنه قد يشكل تصحيح النذر من جهة ان كراهة العبادة لا تقتضي مرجوحيتها بالاضافة ولا يكفي في صحة نذر ترك شئ أن يكون مرجوحا بالاضافة وان كان راجحا في نفسه الا أن يكون مقصود الناذر تضييق دائرة الامتثال فيرجع إلى نذر الامتثال في غيره من الافراد " وفيه " أنه ليس معنى كراهة العبادة المرجوحية بالاضافة وإلا كانت الصلاة في المسجد مكروهة بالاضافة إلى الصلاة في الحرم، بل معنى الكراهة وجود منقصة حقيقية فيها غاية الامر انها لا توجب رجحان الفعل على الترك مطلقا وإنما تقتضي رجحانه عليه في ظرف امتثال التكليف بغيره من الافراد وحيث أن فيها مرجوحية حقيقة كان نذر تركها في محله وللكلام مقام آخر (قوله: وشبهه) يعني العهد واليمين (قوله: وحصول) معطوف على قوله: صحة (قوله: لا يكاد) يعنى فلا يكون المنذور تركها خصوص الصحيحة (قوله: يلزم المحال) يعني من

٧٦

ولا تكاد تكون معه صحيحة وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال (قلت): لا يخفى انه لو صح ذلك لا يقتضي الا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح لا عدم وضع اللفظ له شرعا - مع أن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقه فلا يلزم من فرض وجودها عدمها، ومن هنا انقدح ان حصول الحنث انما يكون

______________________________

كون المنذور تركها خصوص الصحيحة (قوله: ولا تكاد تكون معه صحيحة) يعني لا يمكن ان تكون الصلاة الصحيحة المنذور تركها صحيحة بعد تعلق النذر بها لان مقتضى نفوذ النذر وصحته حرمة المنذور تركه، وإذا حرمت الصلاة كانت فاسدة لان حرمة العبادة تقتضي فسادها ولازم عدم صحة الصلاة بتعلق النذر عدم تعلق النذر بترك الصحيح فيلزم من فرض تعلق النذر بترك الصحيح عدم تعلقه بترك الصحيح، وإن شئت قلت: يلزم من فرض صحة العبادة الماتي بها عدمها لان صحتها توجب تعلق النذر بتركها وهو يقتضي عدم صحتها، وإن شئت قلت: يلزم من تحقق الحنث بها عدمه لان تعلق الحنث بها يوجب فسادها وهو يوجب عدم تحقق الحنث بها لان الحنث إنما يكون بفعل الصحيح المنذور تركه ثم إن ظاهر العبارة أن مراد المصنف (ره) التقريب الاول لكن ظاهر قوله: في الجواب: وما يلزم... الخ إرادة التقريب الثاني (قوله: محال) لانه يكون موجودا ومعدوما في زمان واحد (قوله لا عدم وضع) إلا أن يكون المقصود التمسك باصالة كون الاستعمال حقيقة التي يذهب إليها السيد المرتضى لكن عرفت أن التحقيق كون الاستعمال أعم (قوله: مع ان الفساد من قبل) يعني لا ريب في أن الصلاة في الحمام لولا نذر تركها صحيحة كسائر الصلوات فإذا نذر ترك الصلاة في الحمام فهذه الصلاة التي وقعت موضوعا للنذر هي تلك الصلاة الصحيحة التي هي كالصلاة في المسجد غاية الامر أنها بتوسط طروء عنوان النذر تكون فاسدة لكن الفساد الآتي من قبل النذر ليس ماخوذا في موضوع النذر لامتناع أخذ ما يأتي من قبل الحكم

٧٧

لاجل الصحة لولا تعلقه

______________________________

في موضوعه، فليس موضوع النذر إلا الصلاة الصحيحة في نفسها (وبالجملة) ذات الصلاة في رتبة سابقة على النذر مصداق للصلاة الصحيحة لا غير، كما أنها في الرتبة اللاحقة للنذر مصداق للصلاة الفاسدة لا غير، وهكذا حال سائر الموضوعات التي تتوارد عليها العناوين الثانوية، مثلا شرب النجس حرام فإذا اضطر إليه صار حلالا فتراه في رتبة سابقة على الاضطرار حراما، وفي رتبة لاحقة له حلالا ولاجل ذلك يصح ان يقال: الاضطرار كان إلى شرب الحرام، فلفظ الصلاة الواقع في حيز النذر لا يحكي الا عن صلاة هي مصداق الصحيح فليس الاستعمال إلا فيه، ومن ذلك يظهر اندفاع جميع تقريرات الاستحالة المتقدمة المبنية على خلط إحدى الرتبتين بالاخرى فان عدم الصحة بملاحظة النذر إذا كانت لا تنافي الصحة بملاحظة ما قبله لم يتم ما ذكر في التقرير الاول من ان لازم عدم صحة... الخ ولا ما في التقرير الثاني من قوله: وهو يقتضي عدم صحتها، ان كان المراد به عدم كونها مصداقا للصحيح قبل النذر، وان كان المراد عدم كونها مصداقا للصحيح بعده فليس ذلك من لزوم الشئ لعدمه، ولا ما في التقرير الثالث من قوله: وهو يوجب عدم تحقق الحنث، لان الفساد الآتي من قبل الحنث يمتنع أن يكون موجبا لعدم الحنث وكون الحنث بفعل الصحيح مسلم إلا أن المراد به الصحيح بالنظر إلى ذاته (قوله: لاجل الصحة) يعنى لاجل كونها مصداقا للصحيح في رتبة سابقة على النذر إذ النذر لم يتعلق الا بما هو كذلك ثم ان من هنا يظهر لك الجواب عن الاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله: دعي الصلاة أيام أقرائك، فان النهي لو حمل على المولوي لم يتعلق إلا بالصحيح المقدور، وكون الصحيح غير مقدور إنما هو بملاحظة كونه منهيا عنه وإلا فنفس الفعل الذي هو معروض للنهي ومصداق للصحيح مقدور لم يخرج بالنهي عن كونه مقدورا وإن خرج عن كونه مصداقا للصحيح، وكأن المصنف (ره) إنما لم يجب بذلك بناء على كون النهي مولويا من جهة ان صلاة الحائض ليست صحيحة من جهة مانعية حدث الحيض ولو في رتبة قبل النهي، وإلا

٧٨

نعم لو فرض تعلقه بترك الصلاة المطلوبة بالفعل(١) لكان منع حصول الحنث بفعلها بمكان من الامكان

______________________________

فلو بني على عدم مانعيته وضعا وإنما يقتضي التحريم فلا مانع من كون النهي واردا على ما هو مصداق الصحيح فلاحظ (قوله: نعم لو فرض تعلقه) يعني لو كان مقصود الناذر نذر ترك الصلاة المطلوبة بعد النذر منعنا قول المستدل: انه لا شبهة في حصول الحنث، بل اللازم القول بعدم حصول الحنث بفعل الصلاة لعدم كونها مطلوبة (أقول): إذا لم يحصل الحنث بها لا بد من القول بكونها مطلوبة إذ لا مانع من تعلق الطلب بها إلا كونها محرمة لانها مما نذر تركها وإذا كانت مطلوبة كان الحنث حاصلا بفعلها فيلزم من فرض عدم الشئ وجوده وهو محال كالعكس (فالاولى) في الجواب أن يقال (أولا) لا يعقل ان يتعلق النذر بترك الصلاة المطلوبة بالفعل حتى بلحاظ النذر لان الطلب بلحاظ النذر متاخر رتبة عنه فلا يؤخذ في موضوعه (وثانيا) أن الصلاة المطلوبة حتى بلحاظ النذر خارجة عن اختيار المكلف لامتناعها بعد ما كان دليل نفوذ النذر موجبا لعدم كونها مطلوبة فلا معنى لنذر تركها كنا اشار المصنف (ره) في حاشيته على المتن فلا يتم حينئذ قول المستدل: لا شبهة في صحة تعلق... الخ (فان قلت): قد تقدم أن الصلاة المنذور تركها صحيحة بالفعل ولازمه أنها مطلوبة كذلك (قلت): لا شك في أنها فرد من الصحيح في رتبة سابقة على النذر - كما تقدم - كما لا نشك في أنها مطلوبة أيضا لكن النذر كما يرفع صحتها وتكون به فاسدة يرفع مطلوبيتها وتكون به محرمة نظير الكسر الوارد على الاناء الصحيح الذي له قيمة فانه يصير مكسورا بعد ما كان صحيحا كما يخرجه عن كونه ذا قيمة بعد ما كانت له قيمة. ثم يمكن أن يورد على المستدل - مضافا إلى ما ذكر - بالنقض بما لو صرح

______________

(١) اي ولو مع النذر ولكن صحته كذلك مشكل لعدم كون الصلاة معه صحيحة مطلوبة فتأمل جيدا من الماتن قدس سره (*)

٧٩

(بقي أمور الاول) ان أسامي

______________________________

بالصحة فنذر أن لا يصلي صلاة صحيحة فان صححه المستدل لم يتم له الدليل، وان أبطله فلا مانع من القول بالبطلان في المقام، وبانه يلزم القول بالحنث ولو صلى صلاة فاسدة إذا كانت صلاة عرفا كما تقدم من المصنف (ره) في الجواب على الدليل السابق فتأمل

*

(قوله: الاول أن أسامي المعاملات) الكلام في المقام يقع في أمور (الاول) ابتناء النزاع في كون الفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو للاعم على كونها اسماء للاسباب لا للمسببات، وحاصل الكلام فيه أنك قد عرفت أن صفتي الصحة والفساد تطرآن على ذات واحدة ذات مراتب مختلفة كما أو كيفا فيكون التمام منها صحيحا والناقص فاسدا وهذا المعنى ينطبق على الاسباب أعني الانشاءات الخاصة فان انشاء مثل البيع أو الصلح أو الاجارة أو غيرها يمكن أن يكون صحيحا جامعا لجميع ما يعتبر فيه في ترتب الاثر عليه ونفوذه كما يمكن أن يكون فاسدا فاقدا لما له الدخل في ترتب الاثر عليه فالاول مثل البيع الصادر من البالغ السلطان على التصرف مع العلم بالعوضين وكونه باللفظ العربي، والثاني مثل بيع الصبي أو المجنون أو العبد أو الواقع على مجهول أو باللفظ الفارسي فحينئذ يصح أن يقع النزاع في أن لفظ البيع أو غيره من الالفاظ موضوعة للصحيح أو للاعم منه ومن الفاسد ولا ينطبق هذا المعنى على المسببات أعني الآثار المترتبة عليها مثل علقة البدلية في البيع والزوجية في النكاح وغيرهما في غيرهما فان هذه الآثار ليست مختلفة كما أو كيفا بحيث يكون التام مؤثرا في أثر كذا والناقص ليس مؤثرا فيه لتتصف بالصحة والفساد، بل هي في ظرف وجود السبب تكون موجودة وفى ظرف عدمه تكون معدومة فهي إما موجودة أو معدومة فلا معنى للنزاع في وضع الفاظها للصحيح أو الاعم (الثاني) في تنقيح المبنى المذكور وحاصل الكلام فيه أنك قد عرفت فيما سبق أن الانشاء والخبر موضوعان لمعنى واحد وان الفرق بينهما بمجرد قصد الحكاية والانشاء فلفظ البيع والصلح والاجارة والملكية والمبادلة موضوعة للمعاني المنشأة بلفظ (بعت)

٨٠