The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya]

The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya]0%

The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya] Author:
Translator: Aloys Sprenger
Publisher: www.alhassanain.org/english
Category: Islamic Philosophy

The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya]

This book is corrected and edited by Al-Hassanain (p) Institue for Islamic Heritage and Thought

Author: Najm al-Din ’Umar al-Qazwni al-Katibi
Translator: Aloys Sprenger
Publisher: www.alhassanain.org/english
Category: visits: 8527
Download: 4051

Comments:

The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya]
search inside book
  • Start
  • Previous
  • 11 /
  • Next
  • End
  •  
  • Download HTML
  • Download Word
  • Download PDF
  • visits: 8527 / Download: 4051
Size Size Size
The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya]

The Logic of the Arabians And Its Arabic Text [Al-Risala al-Shamsiyya]

Author:
Publisher: www.alhassanain.org/english
English

This book is corrected and edited by Al-Hassanain (p) Institue for Islamic Heritage and Thought

The Arabic Text of Al-Risala al-Shamsiyya

بسم الله الرحمن الرحيم

متن الرسالة الشمسيّة

الرسالة الشمسية في القواعد المنطقية

لنجم الدّين عمر بن عليّ القزوينيّ المعروف بالكاتبي

الحمد لله الذي أبدع نظام الوجود، واخترع ماهيات الأشياء بمقتضى الجود، وأنشأ بقدرته أنواع الجواهر العقلية، وأفاض برحمته محركات الأجرام الفلكية، والصلاة على ذوات الأنفس القدسية، المنزهة عن الكدورات الإنسية، خصوصاً على سيدنا محمد صاحب الآيات والمعجزات، وعلى آله وأصحابه التابعين للحجج والبينات.

وبعدك فلما كان باتفاق أهل العقل، وإطباق ذوي الفضل: أن العلوم سيما اليقينية أعلى المطالب، وأبهى المناقب، وأن صاحبها أشرف الأشخاص البشرية، ونفسه أسرع اتصالاً بالعقول الملكية، وكان الاطلاع على دقائقها، والإحاطة بكنه حقائقها لا يمكن إلا بالعلم الموسوم بالمنطق، إذ به يعرف صحتها من سقمها، وغثها من سمينها، فأشار إليّ من سعد بلطف الحق، وامتاز بتأييده من بين كافة الخلق، ومال إلى جنابه الداني والقاصي، وأفلح بمتابعته المطيع والعاصي، وهو المولى الصدر الصاحب المعظم، العالم الفاضل المقبول المنعم، المحسن الحسيب النسيب، ذو المناقب والمفاخر: شمس الملة والدين، بهاء الإسلام والمسلمين، قدوة الأكابر والأماثل، ملك الصدور والأفاضل، قطب الأعالي، فلك المعالي: محمد بن المولى الصدر المعظم الصاحب الأعظم، دستور الآفاق، آصف الزمان، ملك وزراء الشرق والغرب، صاحب ديوان الممالك، بهاء الحق والدين، ومؤيد علماء الإسلام والمسلمين، قطب الملوك محمد. أدام الله ظلالهما، وضاعف جلالهما، الذي مع حداثة سنه فاق بالسعادات الأبدية والكرامات السرمدية، واختص بالفضائل الجميلة، والخصائل الحميدة، بتحرير كتاب في المنطق، جامع لقواعده، حاو لأصوله وضوابطه، فبادرت إلى مقتضى إشارته، وشرعت في ثبته وكتابته مستلزماً أن لا أخلّ بشيء يعتدّ به من القواعد والضوابط، مع زيادات شريفة، ونكت لطيفة، من عندي غير تابع لأحد من الخلائق، بل للحق الصريح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسميته:بالرسالة الشمسية في القواعد المنطقية

ورتبته على مقدمة، وثلاث مقالات وخاتمة: معتصماً بحبل التوفيق من واهب العقل، ومتوكلاً على جوده المفيض للخير والعدل، إنه خير موفق ومعين.

أما المقدمة ففيها بحثان

البحث] الأوّل في ماهية المنطق وبيان الحاجة إليه]

العلم إما تصور فقط: وهو حصول صورة الشي في العقل، وإما تصوّر معه حكم. وهو إسناد أمر إلى آخر إيجاباً أو سلباً. ويقال للمجموع تصديق. وليس الكل من كلّ منهما بديهياً، وإلا لما جهلنا شيئاً، ولا نظرياً، وإلا لدار أو تسلسل. بل البعض من كلّ منهما بديهيّ، والبعض الآخر نظريّ يحصّل بالفكر. وهو ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول. وذلك الترتيب ليس بصواب دائماً لمناقضة بعض العقلاء بعضاً في مقتضى أفكارهم، بل الإنسان الواحد يناقض نفسه في وقتين، فمسّت الحاجة إلى قانون يفيد معرفة طرق اكتساب النظريات من الضروريات، والإحاطة بالصحيح والفاسد من الفكر الواقع فيها، وهو المنطق. ورسموه بأنه: آلة قانونية تعصم الذهن عن الخطأ في الفكر. وليس كلّه بديهياً، وإلا لاستغني عن تعلّمه، ولا نظرياً وإلا لدار أو تسلسل، بل بعضه بديهيّ وبعضه نظريّ مستفاد منه.

البحث الثاني] في موضوع المنطق]

موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه التي تلحقه لما هو هو: أي لذاته ولما يساويه أو لجزئه. فموضوع المنطق المعلومات التصورية والتصديقية. لأن المنطقيّ يبحث عنها من حيث إنها توصل إلى مجهول تصوريّ أو تصديقيّ، ومن حيث إنها يتوقف عليها الموصل إلى التصوّر ككونها كليّة وجزئية وذاتية وعرضية وجنساً وفصلاً وعرضاً وخاصّة، ومن حيث إنها يتوقف عليها الموصل إلى التصديق: إما توقفاً قريباً ككونها قضية وعكس قضية ونقيض قضية، وإما توقفاً بعيداً ككونها موضوعات ومحمولات.

وقد جرت العادة بأن يسمى الموصل إلى التصور قولاً شارحاً، والموصل إلى التصديق حجة. ويجب تقديم الأول على الثاني وضعاً لتقدم التصور على التصديق طبعاً، لأن كلّ تصديق لا بدّ فيه من تصوّر المحكوم عليه إما بذاته، أو بأمر صادق عليه، والمحكوم به كذلك، والحكم. لامتناع الحكم ممن جهل أحد هذه الأمور.

وأما المقالات فثلاث:

المقالة الأولى] في المفردات]

وفيها أربعة فصول:

الفصل الأول] في الألفاظ]

دلالة اللفظ على المعنى بتوسط الوضع له مطابقة، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق. وبتوسطه لما دخل فيه ذلك المعنى تضمن، كدلالته على الحيوان وعلى الناطق فقط. وبتوسطه لما خرج عنه التزام، كدلالته على قابل العلم وصنعة الكتابة.

ويشترط في الدلالة الالتزامية كون الخارج بحالة يلزم من تصوّر المسمى في الذهن تصوّره، وإلا لامتنع فهمه من اللفظ. ولا يشترط فيها كونه بحالة يلزم من تحقق المسمى في الخارج نحققه فيه كدلالة لفظ العمى على البصر، مع عدم الملازمة بينهما في الخارج.

والمطابقة لا تستلزم التضمّن كما في البسائط. وأما استلزامها الالتزام فغير متيقّن، لأنّ وجود لازم ذهنيّ لكلّ ماهية يلزم من تصوّرها تصوّره غير معلوم، وما قيل إن تصوّر كلّ ماهية يستلزم تصوّر أنها ليست غيرها فممنوع. ومن هذا نتبين عدم استلزام التضمن الالتزام. وأما هما فلا يوجدان إلا مع المطابقة لاستحالة وجود التابع من حيث إنه تابع بدون المتبوع.

والدالّ بالمطابقة إن قصد بجزئه الدلالة على جزء معناه فهو المركّب، كرامي الحجارة، وإلا فهو المفرد. وهو إن لم يصلح أن يخبر به وحده، فهو الأداة كفي ولا؛ وإن صلح لذلك، فإن دلّ بهيئته على زمان معيّن من الأزمنة الثلاثة فهو الكلمة، وإن لم يدلّ فهو الاسم.

وحينئذ إما أن يكون معناه واحداً أو كثيراً. فإن كان الأوّل فإن تشخّص ذلك المعنى سمّي علماً، وإلا فمتواطئاً إن استوت أفراده الذهنية والخارجيّة فيه كالإنسان والشمس، ومشكّكاً إن كان حصوله في البعض أولى وأقدم وأشدّ من الآخر كالوجود بالنسبة للواجب والممكن. وإن كان الثاني فإن كان وضعه لتلك المعاني على السويّة فهو المشترك كالعين، وإن لم يكن كذلك، بل وضع لأحدهما أولاً ثم نقل إلى الثاني.

وحينئذٍ إن ترك موضوعه الأوّل يسمى لفظاً منقولاً: عرفيّاً: إن كان الناقل هو العرفَ العامَّ كالدّابة، وشرعيّاً: إن كان الناقل هو الشرعَ كالصلاة والصوم، واصطلاحياً: إن كان هو العرفَ الخاصَّ كاصطلاح النحاة والنظار، وإن لم يترك موضوعه الأوّل بالنسبة إلى المنقول عنه حقيقةً، وبالنسبة إلى المنقول عنه مجازاً: كالأسد بالنسبة إلى الحيوان المفترس والرجل الشجاع.

وكلّ لفظ فهو بالنسبة إلى لفظ آخر مرادف له إن توافقا في المعنى، ومباين له إن اختلفا فيه.

وأما المركّب فهو إمّا تامّ: وهو الذي يصحّ السكوت عليه، أو غير تامّ. والتامّ إن احتمل الصدق والكذب فهو الخبر والقضيّة، وإن لم يحتمل فهو الإنشاء. فإن دلّ على طلب الفعل دلالة أوّليّة: أي وضعيّة فهو مع الاستعلاء أمر، كقولنا: اضرب أنت، ومع الخضوع سؤال ودعاء، ومع التساوي التماس؛ وإن لم يدلّ فهو تنبيه يندرج فيه التمنّي والترجّي والتعجب والقسم والنداء. وأمّا غير التامّ فهو إمّا تقييديّ كالحيوان الناطق، وإما غير تقييديّ كالمركب من اسمٍ وأداة، أو كلمة وأداة.

الفصل الثاني] في المعاني المفردة]

كلّ مفهوم فهو جزئيّ إن منع نفس تصوّره من وقوع الشركة فيه، وكلّيّ إن لم يمنع. واللفظ الدالّ عليهما يسمّى كلّياً وجزئيّاً بالعرض.

والكليّ إما أن يكون تمام ماهيّة ما تحته من الجزئيّات وداخلاً فيها، أو خارجاً عنها، والأوّل هو النّوع الحقيقيّ سواء كان متعدّد الأشخاص، وهو المقول في جواب ما هو بحسب الشركة والخصوصيّة معاً كالإنسان، أو غير متعدّد الأشخاص، وهو المقول في جواب ما هو بحسب الخصوصيّة المحضة كالشمس، فهو إذن كلّيّ مقول على واحد أو على كثيرين متّفقين بالحقائق في جواب ما هو.

وإن كان الثاني، فإن كان تمام الجزء المشترك بينهما وبين نوع آخر فهو المقول في جواب ما هو بحسب الشركة المحضة، ويسمّى جنساً، ورسموه بأنه كلّيّ مقول على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو. وهو قريب إن كان الجواب عن الماهية وعن بعض ما يشاركها فيه عينَ الجواب عنها وعن بعض ما يشاركها فيه كالحيوان بالنسبة للإنسان، وبعيد إن كان الجواب عنها وعن بعض ما يشاركها فيه غيرَ الجواب عنها وعن بعض آخر. ويكون هناك جوابان إن كان بعيداً بمرتبة واحدة، الجسم النامي بالنسبة للإنسان، وثلاثة أجوبة إن كان بعيداً بمرتبتين كالجسم، وأربع أجوبة إن كان بعيداً بثلاث مراتب كالجوهر، وعلى هذا القياس.

وإن لم يكن تمام المشترك بينهما وبين نوع آخر، فلا بدّ إمّا أن لا يكون مشتركاً بين الماهيّة وبين نوع آخر أصلاً كالناطق بالنسبة إلى الإنسان، أو يكون بعضاً من تمام المشترك مساوياً له كالحساس، وإلا لكان مشتركاً بين الماهيّة وبين نوع آخر؛ ولا يجوز أن تمام المشترك بالنسبة إلى ذلك النوع لأنّ المقدّر خلافه بل بعضه، ولا يتسلسل بل ينتهي إلى ما يساويه فيكون فصل جنس، وكيفما كان يميز الماهيّة عن مشاركها في جنس أو في وجود فكان فصلاً. ورسموه بأنه كليّ يحمل على الشيء في جواب أيّ شيء هو في جوهره، فعلى هذا لو تركّبت حقيقة من أمرين متساويين أو أمور متساوية كان كلّ منها فصلاً لها لأنه يميزها عن مشاركها في الوجود.

والفصل المميز للنوع عن مشاركه في الجنس قريب إن ميّزه عنه في جنس قريب كالناطق للإنسان، وبعيد إن ميّزه عنه في جنس بعيد كالحساس للإنسان.

وأما الثالث فإن امتنع انفكاكه عن الماهيّة فهو اللازم، وإلا فهو العرض المفارق، واللازم قد يكون لازماً للوجود الخارجيّ كالسواد للحبشيّ، وقد يكون لازماً للماهيّة كالزوجيّة للأربعة، وهو إما بيّن وهو الذي يكون تصوّر ملزومه كافياً في جزم الذهن باللزوم بينهما كالانقسام بمتساويين للأربعة، وإما غير بيّنٍ وهو الذي يفتقر جزم الذهن باللزوم بينهما إلى وسط كتساوي الزوايا الثلاث لقائمتين للمثلث، وقد يقال البيّنُ على اللازم الذي يلزم من تصوّر ملزومه تصوّرُه، والأوّل أعمّ. والعرض المفارق إما سريع الزوال كحمرة الخجل وصفرة الوجل، وإما بطيئة الزوال كالشيب والشباب.

وكلّ من اللازم والمفارق إن اختصّ بأفراد حقيقة واحدة فهو الخاصّة كالضاحك، وإلا فهو العرض العامّ كالماشي. وترسم الخاصّة بأنها كليّة مقولة على ما تحت حقيقة واحدة فقط قولاً عرضياً. والعرض العامّ بأنه كليّ مقول على أفراد حقيقة واحدة وغيرها قولاً عرضيّاً. فالكليّات إذن خمس: نوع، وجنس، وفصل، وخاصّة، وعرض عامّ.

الفصل الثالث] في مباحث الكلّيّ والجزئيّ]

وهي خمسة:

]الأول] الكلّيّ قد يكون ممتنع الوجود في الخارج لا لنفس مفهوم اللفظ كشريك الباري عزّ اسمه، وقد يكون ممكن الوجود لكن لا يوجد كالعنقاء، وقد يكون الموجود منه واحداً فقط مع امتناع غيره كالباري عزّ اسمه، أو مع إمكانه كالشمس، وقد يكون الموجود منه كثيراً: إما متناهياً كالكواكب السبعة السيارة، أو غير متناهٍ كالنفوس الناطقة عند بعضهم.

]الثاني] إذا قلنا للحيوان مثلاً بأنه كلّيّ، فهنالك أمور ثلاثة: الحيوان من حيث هو هو، وكونه كلّيّاً، والمركّب منهما، والأوّل يسمّى كليّاً طبيعيّاً، والثاني يسمى كليّاً منطقياً، والثالث يسمى كليّاً عقليّاً. والكليّ الطبيعيّ موجود في الخارج لأنه جزء من هذا الحيوان الموجود في الخارج، وجز الموجود موجود في الخارج، وأمّا الكليّان الآخران ففي وجودهما خلاف، والنظر فيه خارج المنطق.

[الثالث] الكليّان: متساويان: إن صدق كلّ واحد منهما على كلّ ما صدق عليه الآخر كالإنسان والناطق. وبينهما عموم وخصوص مطلق: إن صدق أحدهما على كلّ ما صدق عليه الآخر من غير عكس كالحيوان والإنسان. وبينهما عموم وخصوص من وجه: إن صدق كلّ منهما على بعض ما صدق عليه الآخر فقط كالحيوان والأبيض. ومتباينان: إن لم يصدق شيء منهما على شيء مما يصدق عليه الآخر كالإنسان والفرس.

ونقيضا المتساويين متساويان، وإلا لصدق أحدهما على ما كذب عليه الآخر، فيصدق أحد المتساويين على ما كذب عليه الآخر وهو محال، ونقيض الأعمّ من شيء مطلقاً أخصّ من نقيض الأخصّ مطلقاً، لصدق نقيض الأخص على كل يصدق عليه نقيض الأعمّ من غير عكس. أما الأول فلأنه لولا ذلك لصدق عين الأخصّ على بعض ما صدق عليه نقيض الأعمّ، وذلك مستلزم لصدق الأخصّ بدون الأعمّ وإنه محال. وأما الثاني فلأنه لولا ذلك لصدق نقيض الأعمّ على كلّ ما يصدق عليه نقيض الأخصّ، وذلك مستلزم لصدق الأخصّ على كلّ الأعمّ وهو محال، والأعمّ من شيء من وجه ليس بين نقيضيهما عموم أصلاً لتحقق مثل هذا بين الأعمّ مطلقاً ونقيض الأخصّ مع التباين الكليّ بين نقيض الأعمّ مطلقاًَ وعين الأخصّ.

ونقيضا المتباينين متباينان تبايناً جزئياً، لأنهما إن لم يصدقا معاً أصلاً على شيء كاللاوجود واللاعدم كان بينهما تباين كليّ، وإن صدقا معاً كاللاإنسان واللافرس كان بينهما تباين جزئيّ، ضرورة صدق أحد المتباينين مع نقيض الآخر فقط، فالتباين الجزئيّ لازم جزماً.

]الرابع] الجزئيّ كما يقال على المعنى المذكور المسمّى بالحقيقّي، فكذلك يقال على كلّ أخصّ تحت الأعمّ ويسمى الجزئيّ الإضافيّ، وهو أعمّ من الأوّل، لأنّ كلّ جزئيّ حقيقيّ فهو جزئيّ إضافيّ دون العكس. أمّا الأوّل: فلاندراج كلّ شخص تحت الماهيّات المعرّاة عن المشخّصات. وأمّا الثاني: فلجواز كون الجزئيّ الإضافيّ كليّاً، وامتناع كون الجزئيّ الحقيقيّ كذلك.

]الخامس] النوع كما يقال على ما ذكرناه، ويقال له النوع الحقيقيّ، فكذلك يقال على كلّ ماهيّة يقال عليها وعلى غيرها الجنس في جواب ما هو قولاً أوّليّاً. ويسمّى النوع الإضافيّ.

ومراتبه أربع، لأنّه إمّا أعمّ الأنواع: وهو النوع العالي كالجسم، أو أخصّها: وهو النوع السافل كالإنسان ويسمى نوع الأنواع، أو أعمّ من السافل وأخصّ من العالي: وهو النّوع المتوسّط كالحيوان والجسم النامي، أو مباين للكلّ: وهو النوع المفرد كالعقل إن قلنا إن الجوهر جنس له.

ومراتب الأجناس أيضاً هذه الأربع، لكن العالي كالجوهر في مراتب الأجناس يسمى جنس الأجناس، لا السافل كالحيوان، ومثال المتوسّط فيها الجسم النامي، ومثال المفرد العقل إن قلنا الجوهر ليس بجنس له.

والنوع الحقيقيّ موجود بدون الإضافيّ كالأنواع المتوسّطة، والحقيقيّ موجود بدون الإضافيّ كالحقائق البسيطة، فليس بينهما عموم وخصوص مطلق، بل كلّ منهما أعمّ من الآخر من وجه لصدقهما على النوع السافل.

وجز المقول في جواب ما هو إن كان مذكوراً بالمطابقة يسمّى واقعاً في طريق ما هو، كالحيوان والناطق بالنسبة إلى الحيوان الناطق المقول في جواب السؤال بما هو عن الإنسان، وإن كان مذكوراً بالتضمّن يسمّى داخلاً في جواب ما هو: كالجسم والنامي والحساس والمتحرّك بالإرادة الدالّ عليها الحيوان بالتضمّن.

والجنس العالي جاز أن يكون له فصل يقوّمه لجواز تركّبه من أمرين متسوايين، أو أمور متساوية، ويجب أن يكون له فصل يقسمه. والنوع السافل يجب أن يكون له فصل يقوّمه، ويمتنع أن يكون له فصل يقسمه. والمتوسّطات يجب أن يكون لها فصول تقسمها وفصول تقوّمها. وكلّ فصل يقوّم العالي فهو يقوّم السافل من غير عكسّ كليّ. وكلّ فصل يقسّم السافل فهو يقسّم العالي من غير عكس.

الفصل الرابع] في التعريفات]

المعرّف للشيء، وهو الذي يستلزم تصوّره تصوّر ذلك الشيء وامتيازه عن كلّ ما عداه، وهو لا يجوز أن يكون نفس الماهيّة لأنّ المعرِّف معلوم قبل المعرَّف، والشيء لا يعلم قبل نفسه؛ ولا أعمّ لقصوره عن إفادة التعريف؛ ولا أخصّ لكونه أخفى؛ فهو مساوٍ لها في العموم والخصوص.

ويسمّى حدّاً تامّاً إن كان بالجنس والفصل القريبين، وحدّاً ناقصاً إن كان بالفصل القريب وحده أو به وبالجنس البعيد، ورسماً تامّاً إن كان بالجنس القريب والخاصّة، ورسماً ناقصاً إن كان بالخاصّة وحدها أو بها وبالجنس البعيد.

ويجب الاحتراز عن تعريف الشيء بما يساويه في المعرفة والجهالة كتعريف الحركة بما ليس بسكون، والزوج بما ليس بفرد، وعن تعريف الشيء بما لا يعرف إلا به سواء كان بمرتبة واحدة، كما يقال: الكيفيّة ما بها يقع المشابهة، ثمّ يقال المشابهة اتفاق في الكيفيّة، أو بمراتب، كما يقال: الاثنان زوج أوّل، ثمّ يقال الزوج الأوّل هو المنقسم بمتساويين، ثمّ يقال: المتساويان هما الشيئان اللذان لا يفضل أحدهما على الآخر. ثم يقال: الشيئان هما الاثنان. ويجب أن يحترز عن استعمال ألفاظ غريبة وحشيّة غير ظاهرة الدلالة بالقياس إلى السامع لكونه مفوّتاً للغرض.

المقالة الثانية] في القضايا وأحكامها]

وفيها مقدّمة وثلاثة فصول:

أما [المقدّمة] ففي تعريف القضية وأقسامها الأوليّ

القضية قول يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب. وهي حمليّة إن انحلّت بطرفيها إلى مفردين، كقولك: زيد عالم، زيد ليس بعالم. وشرطية إن لم تنحلّ.

والشرطيّة إما: متصلة: وهي التي حُكم فيها بصدق قضيّة أوْ لا صدقها على تقدير صدق قضيّة أخرى، كقولنا: إن كان هذا إنساناً فهو حيوان، وليس إن كان هذا إنساناً فهو جماد؛ وإما منفصلة: وهي التي يحكم فيها بالتنافي بين القضيّتين في الصّدق والكذب معاً، أو في أحدهما فقط، أو بنفيه، كقولنا إما أن يكون هذا العدد زوجاً أو فرداً، وليس إمّا أن يكون هذا الإنسان حيواناً أو أسود.

الفصل الأوّل] في الحمليّة]

وفيه أربعة مباحث:

البحث الأوّل] في أجزائها وأقسامها]

الحمليّة إنما تتحقّق بأجزاء ثلاثة: محكوم عليه ويسمّى موضوعاً، ومحكوم به ويسمى محمولاً، ونسبة بينهما بها يرتبط المحمول بالموضوع. واللفظ الدّال عليها يسمّى رابطة، كهو في قولنا: زيد هو عالم. وتسمّى القضيّة حينئذٍ ثلاثيّة. وقد تحذف الرابطة في بعض اللغات لشعور الذهن بمعناها، والقضية تسمّى حينئذٍ ثنائية.

وهذه النسبة إن كانت نسبة بها يصحّ أن يقال إن الموضوع محمول، فالقضية موجبة، كقولنا: الإنسان حيوان. وإن كانت نسبة بها يصحّ أن يقال: إن الموضوع ليس بمحمول، فالقضيّة سالبة،كقولنا: الإنسان ليس بحجر.

وموضوع الحمليّة إن كان شخصاً معيّناً سميّت مخصوصة وشخصيّة، وإن كان كليّاً: فإن بيّن فيها كميّة أفراد ما صدق عليه الحكم:

ويسمى اللفظ الدالّ عليها سوراً سميّت محصورة ومسوّرة. وهي أربع؛ لأنّه إن بُيّن فيها أن الحكم على كلّ الأفراد فهي الكليّة، وهي إما: موجبة وسورها كلّ، كقولنا: كلّ نار حارّة؛ وإما سالبة وسورها لا شيء ولا واحد، كقولنا: لا شيء أو لا واحد من الناس بجماد. وإن بُيّن فيها أن الحكم على بعض الأفراد فهي الجزئيّة، وهي غما موجبة، وسورها بعض أو واحد، كقولنا: بعض الحيوان أو واحد من الحيوان إنسان. وإما سالبة وسورها ليس كلّ وليس بعض وبعضٌ ليس، كقولنا: ليس كلّ حيوان إنساناً، وليس بعض الحيوان بإنسان، وبعض الحيوان ليس بإنسان.

وإن لم يبيّن فيها كميّة الأفراد:

فإن لم تصلح لأن تصدق كليّة وجزئية، سميّت القضيّة طبيعية، كقولنا: الحيوان جنس والإنسان نوع. لأن الحكم فيها على نفس الطبيعة، وإن صلحت لذلك سمّيت مهملة، كقولنا: الإنسان في خسر. والإنسان ليس في خسر. وهي في قوّة الجزئية، لأنه متى صدق الإنسان في خسر، صدق بعض الإنسان في خسر، وبالعكس.

البحث الثاني] في تحقيق المحصورات الأربع]

قولنا كلّ (ج ب) يستعمل تارة بحسب: الحقيقة، ومعناه أن كلّ ما لو وجد كان (ج) من الأفراد الممكنة فهو بحيث لو وجد كان (ب)، أي كلّ ما هو ملزوم (ج) هو ملزم (ب). وتارة بحسب: بحسب الخارج، ومعناه كلّ (ج) في الخارج سواء كان حال الحكم أو قبله أو بعده فهو (ب) في الخارج.

والفرق بين الاعتبارين ظاهر. فإنه لو لم يوجد شيء من المربعات في الخارج يصحّ أن يقال: كل مربّع شكل باعتبار الأوّل دون الثاني، ولو لم يوجد شيء من الأشكال في الخارج إلا المربّع، يصحّ أن يقال: كلّ شكل مربّع بالاعتبار الثاني دون الأوّل. وعلى هذا فقس المحصورات الباقية.

البحث الثالث] في العدول والتحصيل]

حرف السلب إن كان جزءاً من الموضوع، كقولنا: اللاحيّ جماد، أو من المحمول كقولنا: الجماد لاعالِم، أو منهما جميعاً سميّت القضية معدولة موجبة كانت أو سالبة. وإن لم يكن جزءَ الشيء منهما سميّت محصَّلة إن كانت موجبة، وبسيطة إن كانت سالبة.

والاعتبار بإيجاب القضية وسلبها بالنسبة الثبوتيّة أو السلبيّة لا بطرفي القضية؛ فإن قولنا: كلّ ما ليس بحيّ فهو لا عالم، موجبة مع أن طرفيها عدميّان. وقولنا: لا شيء من المتحرّك بساكن، سالبة مع أن طرفيها وجوديّان.

والسالبة البسيطة أعمّ من الموجبة المعدولة المحمولة، لصدق السّلب عند عدم الموضوع دون الإيجاب. فإن الإيجاب لا يصلح إلا على موجود محقّق، كما في الخارجيّة الموضوع، أو مقدرٍ كما في الحقيقية الموضوع. أما إذا كان الموضوع موجوداً فإنهما متلازمتان، والفرق بينهما في اللفظ. أما في الثلاثية: فالقضيّة موجبة، إن قدّمت الرابطة على حرف السّلب، وسالبة إن أخّرت عنها. وأما في الثنائية: فبالنيّة أو بالاصطلاح على تخصيص لفظ غير أوْ لا بالإيجاب المعدول، ولفظ ليس بالسلب البسيط أو بالعكس.

البحث الرابع] في القضايا الموجّهة]

لا بدّ لنسبة المحمولات إلى الموضوعات من كيفيّة، إيجابيّة كانت النسبة أو سلبيّة، كالضرورة والدّوام، واللاضرورة واللادوام. وتسمى تلك الكيفية مادّة القضيّة، واللفظ الدالّ عليها يسمى جهة القضيّة.

والقضايا الموجّهة التي جرت العادة بالبحث عنها وعن أحكامها ثلاث عشرة قضية، منها بسيطة: وهي التي حقيقتها إيجاب فقط أو سلب فقط، ومنها مركّبة: وهي التي حقيقتها تركّبت من إيجاب وسلب معاً. أما البسائط فستُّ:

الأولى الضرورية المطلقة: وهي التي يُحكم فيها بضرورة ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه ما دامت ذاتُ الموضوع موجودةً، كقولنا: بالضرورة كلّ إنسان حيوان، وبالضرورة لا شيء من الإنسان بحجر.

الثانية الدائمة المطلقة: وهي التي يحكم فيها بدوام ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه ما دامت ذات الموضوع موجودة. مثالها إيجاباً وسلباً ما مرّ.

الثالثة المشروطة العامّة: وهي التي يحكم فيها بضرورة ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه بشرط وصف الموضوع، كقولنا: بالضرورة كلّ كاتب متحرّك الأصابع ما دام كاتباً، وبالضرورة لا شيء من الكاتب بساكن الأصابع ما دام كاتباً.

الرابعة العرفيّة العامّة: وهي التي يحكم فيها بدوام ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه بشرط وصف الموضوع، ومثالها إيجاباً وسلباً ما مرّ.

الخامسة المطلقة العامة: وهي التي يحكم فيها بثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه بالفعل، كقولنا: بالإطلاق العام كلّ إنسان متنفّس، وبالإطلاق العام لا شيء من الإنسان بمتنفّس.

السادسة الممكنة العامّة: وهي التي يحكم فيها بارتفاع الضرورة المطلقة عن الجانب المخالف للحكم، كقولنا: بالإمكان العامّ كلّ نار حارّة، والإمكان العام لا شيء من النار ببارد.

وأما المركبات فسبع:

الأولى المشروطة الخاصّة: وهي المشروطة العامّة مع قيد اللادوام بحسب الذات،وهي إن كانت موجبة كقولنا: بالضرورة كلّ كاتب متحرك الأصابع ما دام كاتباً لا دائماً، فتركيبها من موجبة مشروطة عامّة وسابة مطلقة عامّة. وإن كانت سالبة كقولنا: بالضرورة لا شيء من الكاتب بساكن الأصابع ما دام كاتباً لا دائماً، فتركيبها من سالبة مشروطة عامّة وموجبة مطلقة عامّة.

الثانية العرفيّة الخاصّة: وهي العرفيّة العامّة مع قيد اللادوام بحسب الذات؛ وهي إن كانت موجبة فتركيبها من موجبة عرفية عامّة وسالبة مطلقة عامّة، وإن كانت سالبة فتركيبها من سالبة عرفيّة عامّة وموجبة مطلقة عامّة، ومثالها إيجاباً وسلباً ما مرّ.

الثالثة الوجوديّة اللاضروريّة: وهي المطلقة العامّة مع قيد اللاضرورة بحسب الذات، وهي إن كانت موجبة كقولنا: كلّ إنسان ضاحك بالفعل لا بالضرورة، فتركيبها من موجبة مطلقة عامّة، وسالبة ممكنة عامّة، وإن كانت سالبة كقولنا لا شيء من الإنسان بضاحك بالفعل لا بالضرورة، فتركيبها من سالبة مطلقة عامّة وموجبة ممكنة عامّة.

الرابعة الوجوديّة اللادائمة: وهي المطلقة العامّة مع قيد اللادوام بحسب الذات، وهي سواء كانت موجبة أو سالبة، فتركيبها من مطلقتين عامّتين: إحداهما موجبة، والأخرى سالبة، ومثالها إيجاباً وسلباً ما مرّ.

الخامسة الوقتيّة: وهي التي يحكم فيها بضرورة ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه في وقت معيّن من أوقات وجود الموضوع مع قيد اللادوام بحسب الذات، وهي إن كانت موجبة كقولنا: بالضرورة كلّ قمر منخسف وقت حيلولة الأرض بينه وبين الشمس لا دائماً، فتركيبها من موجبة وقتية مطلقة وسالبة مطلقة عامّة، وإن كانت سالبة كقولنا: بالضرورة لا شيء من القمر بمنخسف وقت التربيع لا دائماً، فتركيبها من سالبة وقتية مطلقة وموجبة مطلقة.

السادسة المنتشرة: وهي التي حكم فيها بضرورة ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه في وقت غير معيّن أوقات وجود الموضوع مقيّداً باللادوام بحسب الذات، وهي إن كانت موجبة كقولنا: بالضرورة كلّ إنسان متنفّس في وقت ما لا دائماً، فتركيبها من موجبة منتشرة مطلقة وسالبة مطلقة عامّة، وإن كانت سالبة كقولنا: بالضرورة لا شيء من الإنسان بمتنفّس في وقت ما لا دائماً، فتركيبها من سالبة منتشرة مطلقة وموجبة مطلقة عامّة.

السابعة الممكنة الخاصّة: وهي التي حكم فيها بارتفاع الضرورة المطلقة عن جانبي الوجود والعدم جميعاً، وهي سواء كانت موجبة كقولنا: بالإمكان الخاصّ كلّ إنسان كاتب، أو سالبة كقولنا: بالإمكان الخاص لا شيء من الإنسان بكاتب، فتركيبها من ممكنتين عامّتين: إحداهما موجبة والأخرى سالبة.

والضابط فيها أن اللادوام إشارة إلى مطلقة عامّة، واللاضرورة إشارة إلى ممكنة عامّة، مخالفتي الكيفيّة موافقتي الكميّة للقضيّة المقيّدة بهما.

الفصل الثاني] في أقسام الشرطية]

الجزء الأول منها يسمى مقدّماً والثاني تالياً. وهي إما متصلة أو منفصلة.

أما المتصلة:

فإما لزوميّة: وهي التي يكون فيها صدق التالي على تقدير صدق المقدّم، لعلاقة بينهما توجب ذلك، كالعليّة والتضايف.

وإما اتفاقية: وهي التي يكون فيها ذلك بمجرّد توافق الجزأين على الصدق، كقولنا: إن كان الإنسان ناطقاً والحمار ناهق.

وأما المنفصلة:

فإما حقيقية: وهي التي يحكم فيها بالتنافي بين جزأيها في الصدق والكذب معاً، كقولنا: إما أن يكون هذا العدد زوجاً أو فرداً؟

وإما مانعة الجمع: وهي التي يحكم فيها بالتنافي بين الجزأين في الصدق فقط، كقولنا: إما أن يكون هذا الشيء حجراً أو شجراً.

وإما مانعة الخلوّ: وهي التي يحكم فيها بالتنافي بين الجزأين في الكذب فقط، كقولنا: إما أن يكون زيد في البحر أو لا يغرق.

وكلّ واحدة من هذه الثلاثة إما عنادية: وهي التي يكون التنافي فيها لذات الجزأين كما في الأمثلة المذكورة، وإما اتفاقية: وهي التي يكون فيها التنافي بمجرد الاتفاق، كقولنا: الأسود اللاكاتب:

إما أن يكون هذا أسود أو كاتباً حقيقية. أو لا أسود أو كاتباً مانعة الجمع، أو أسود أو لاكاتباً مانعة الخلوّ.

وسالبة كلّ واحدة من هذه القضايا الثمان هي التي يرفع فيها ما حكم به في موجباتها، فسالبة اللزوم تسمى سالبة لزوميّة، وسالبة الناد تسمى سالبة عنادية، وسالبة الاتفاق تسمى سالبة اتفاقية.

والمتصلة الموجبة تصدق عن صادقين وعن كاذبين وعن مجهولي الصدق والكذب، وعن مقدّم كاذب وتال صادق دون عكسه، لامتناع استلزام الصادق الكاذب. وتكذب عن جزأين كاذبين، وعن مقدّم كاذب وتال صادق، وبالعكس، وعن صادقين، هذا إذا كانت لزومية.

وأما إذا كانت اتفاقية فكذبها عن صادقين محال.

والمنفصلة الموجبة الحقيقية تصدق عن صادق وكاذب، وتكذب عن صادقين وكاذبين. ومانعة الجمع تصدق عن كاذبين وعن صادق وكاذب، وتكذب عن صادقين. ومانعة الخلوّ تصدق عن صادقين وعن صادق وكاذب، وتكذب عن كاذبين. والسالبة تصدق عمّا تكذب عنه الموجبة، وتكذب عمّا تصدق عنه الموجبة.

وكليّة الشرطية الموجبة أن يكون التالي لازماً أو معانداً للمقدّم على جميع الأوضاع التي يمكن حصوله عليها، وهي الأوضاع التي تحصل له بسبب اقتران الأمور التي يمكن اجتماعها معه. والجزئية أن يكون كذلك على بعض هذه الأوضاع. والمخصوصة أن يكون كذلك على وضع معيّن.

وسور الموجبة الكليّة في المتصلة كلّما ومهما ومتى. وفي المنفصلة دائماً. وسور السالبة الكليّة فيهما ليس البتّة. وسور الموجبة الجزئية فيهما قد يكون، والسالبة الجزئية فيهما قد لا يكون وبإدخال حرف السلب على سور الإيجاب الكليّ. والمهملة بإطلاق لفظ لو وإن وإذا في المتصلة، وإما وأو في المنفصلة.

والشرطية قد تتركب عن حمليّتين، وعن متّصلتين، وعن منفصلتين، وعن حمليّة ومتّصلة، وعن حمليّة ومنفصلة، وعن متّصلة ومنفصلة. وكلّ واحدة من هذه الثلاثة الأخيرة في المتّصلة تنقسم إلى قسمين لامتياز مقدّمها عن تاليها بالطبع، بخلاف المنفصلة، فإن مقدّمها يتميز عن تاليها بالوضع فقط. فأقسام المتّصلات تسعة، والمنفصلات ستّة. وأما الأمثلة فعليك باستخراجها من نفسك.

الفصل الثالث] في أحكام القضايا]

وفي أربعة مباحث:

البحث الأول] في التناقض]

وحدّوه بأنه اختلاف قضيّتين بالإيجاب والسلب بحيث يقتضي لذاته أن يكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة.

ولا يتحقق التناقض في المخصوصتين إلا عند اتحاد الموضوع، ويندرج فيه وحدة الشرط والجزء والكلّ، وعند اتحاد المحمول، ويندرج فيه اتحاد الزمان والمكان والإضافة والقوّة والفعل. وفي المحصورتين لا بد مع ذلك من الاختلاف بالكمّيتين لصدق الجزئيتين وكذب الكلّيتين في كلّ مادة فيها الموضوع أعمّ من المحمول. ولا بدّ في الموجّهتين مع ذلك من اختلاف الجهة لصدق الممكنتين وكذب الضروريتين في مادة الإمكان.

فنقيض الضرورية المطلقة الممكنة العامّة، لأن سلب الضرورة مع الضرورة مما يتناقضان جزماً، ونقيض الدائمة المطلقة المطلقة العامة العامّة، لأن السلب في كلّ الأوقات ينافيه الإيجاب في البعض والعكس، ونقيض المشروطة العامّة الحينيّة الممكنة، أعني التي حكم فيها برفع الضرورة بحسب الوصف عن الجانب المخالف، كقولنا: كلّ من به ذات الجنب يمكن أن يسعل في بعض أوقات كونه مجنوباً. ونقيض العرفيّة العامّة الحينيّة المطلقة، أعني التي حكم فيها بثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه في بعض أحيان وصف الموضوع، ومثالها ما مرّ.

وأما المركبات:

فإن كانت كليّة: فنقيضها أحد نقيضي جزئيها، وذلك جليّ بعد الإحاطة بحقائق المركبات ونقائض البسائط، فإنك إذا تحققت أن الوجودية اللادائمة تركيبها من مطلقتين عامّتين: إحداهما موجبة، والأخرى سالبة، وأن نقيض المطلقة هو الدائمة، تحققت أن نقيضها إما الدائمة المخالفة أو الدائمة الموافقة.

وإن كانت جزئية: فلا يكفي في نقيضها ما ذكرنا، لأنه يكذب: بعض الجسم حيوان لا دائماً، مع كذب كلّ واحد من نقيضي جزأيها، بل الحق أن يردّد بين نقيضي الجزأين لكلّ واحد واحد؛ أي: كلّ واحد واجد لا يخلو عن نقيضيهما، فيقال كلّ واحد واحد من أفراد الجسم إما حيوان دائماً أو ليس بحيوان دائماً.

وأما الشرطيّة: فنقيض الكليّة منها الجزئيّة الموافقة لها في الجنس والنوع والمخالفة في الكيف وبالعكس.

البحث الثاني] في العكس المستوي]

وهو عبارة عن جعل الجزء الأوّل من القضيّة ثانياً، والثاني أوّلاً مع بقاء الصدق والكيف بحالهما.

أما السوالب، فإن كانت كليّة:

فسبع منها وهي: الوقتيتان، والوجوديّتان، والممكنتان، والمطلقة العامّة لا تعكس لامتناع العكس في أخصّها، وهي الوقتيّة، لصدق قولنا: بالضرورة لا شيء من القمر بمنخسف وقت التربيع لا دائماً، وكذب قولنا: بعض المنخسف ليس بقمر بالإمكان العام الذي هو أعمّ الجهات، لأن كلّ منخسف فهو قمر بالضرورة، وإذا لم ينعكس الأخصّ لم ينعكس الأعمّ، إذ لو انعكس الأعمّ لانعكس الأخصّ، لأن لازم الأعمّ لازم الأخصّ ضرورة.

وأما الضرورية والدائمة المطلقتان فينعكسان دائمة كليّة، لأنه إذا صدق: بالضرورة أو دائماً لا شيء من (ج ب) فيصدق دائماً لا شيء من (ب ج)، وإلا فبعض (ج ب) بالإطلاق العام، وهو مع الأصل ينتج بعض (ب) ليس (ب) في بعض الضروريّة، ودائماً في الدائمة، وهو محال.

وأما المشروطة والعرفيّة العامّتان فتنعكسان عرفيّة عامّة كليّة، لأنه إذا صدق: بالضرورة أو دائماً لا شيء من (ج ب) فدائماً لا شيء من (ب ج) ما دام (ب)، وإلا فبعض (ب ج) حين هو (ب)، وهو مع الأصل ينتج بعض (ب) ليس (ب) حين هو (ب) وهو محال.

وأما المشروطة والعرفيّة الخاصّتان فتنعكسان عرفيّة عامّة لا دائمة في البعض. أما العرفيّة العامّة فلكونها لازمة للعامّتين. وأما اللادوام في البعض فلأنه لو كذب: بعض (ب ج) بالإطلاق العامّ لصدق لا شيء من (ب ج) دائماً، فينعكس إلى لا شيء من (ج ب) دائماً، وقد كان كلّ (ج ب) بالفعل، هذا خلف.

وإن كانت جزئيّة:

فالمشروطة والعرفيّة الخاصّتان تنعكسان عرفيّة خاصّة، لأنه إذا صدق: بالضرورة أو دائماً بعض (ج) ليس (ب) ما دام (ج) لا دائماً، صدق: ليس بعض (ب ج) ما دام (ب) لا دائماً، لأنا نفرض ذات الموضوع، وهو (ج د فـ د ج) بالفعل، و (د ب) أيضاً بحكم اللادوام، وليس (د ج) ما دام (ب) وإلا لكان (د ج) حين هو (ب فـ ب) حين هو (ج)، وقد كان ليس (ب) ما دام (ج)، هذا خلف. وإذا صدق (ج) و (ب) على (د) وتنافيا فيه، صدق: بعض (ب) ليس (ج) ما دام (ب) لا دائماً، وهو المطلوب.

وأما البواقي فلا تنعكس، لأنه يصدق: بالضرورة بعض الحيوان ليس بإنسان، وبالضرورة ليس بعض القمر بمنخسف في وقت التربيع لا دائماً مع كذب عكسها بالإمكان العام وهو أعمّ الجهات، لكن الضروريّة أخصّ البسائط، والوقتيّة أخصّ من المركبات الباقيّة، ومتى لم تنعكسا لم ينعكس شيء منها لما عرفت أن انعكاس العام مستلزم لانعكاس الخاص.

وأما الموجبة كليّة كانت أو جزئيّة فلا تنعكس كليّة أصلاً لاحتمال كون المحمول أعمّ من الموضوع، كقولنا: كلّ إنسان حيوان. وأما في الجهة فالضروريّة والدائمة والعامّتان تنعكس حينيّة مطلقة، لأنه إذا صدق: كلّ (ج ب) بإحدى الجهات الأربع المذكورة، فبعض (ب ج) حين هو (ب)، وإلا فلا شيء من (ب ج) ما دام (ب)، وهو مع الأصل ينتج لا شيء من (ج ج) دائماً في الضروريّة والدائمة، وما دام (ج) في العامّتين، وهو محال.

وأما الخاصّتان فتنعكسان حينيّة مطلقة مقيّدة باللادوام. أما الحينيّة المطلقة فلكونها لازمة لعاميّتها.

وأما قيد اللادوام في الأصل الكليّ: فلأنه لو كذب: بعض (ب) ليس (ج) بالفعل، لصدق كلّ (ب ج) دائماً، فنضمّه إلى الجزء الأوّل من الأصل وهو قولنا: بالضرورة أو دائماً كلّ (ج ب) ما دام (ج) ينتج كلّ (ب ب) دائماً، ونضمّه إلي الجزء الثاني أيضاً وهو قولنا: لا شيء من (ج ب) بالإطلاق العام، ينتج لا شيء من (ب ب) بالإطلاق العام، فيلزم اجتماع النقيضين وهو محال. وأما في الجزئيّ: فيفرض الموضوع (د) فهو ليس (ج) بالفعل، وإلا لكان (ج) دائماً (فـ ب) دائماً لدوام الباء بدوام الجيم، لكنّ اللازم باطل لنفيه الأصل باللادوام. وأما الوقتيّتان والوجوديّتان والمطلقة العامّة فتنعكس مطلقة عامّة، لأنّه إذا صدق: كل (ج ب) بإحدى الجهات الخمس المذكورة فبعض (ب ج) بالإطلاق العام، وإلا لصدق: لا شيء من (ب ج) دائماً وهو مع الأصل ينتج: لا شيء من (ج ج) دائماً، وهو محال.

وإن شئت عكست نقيض العكس في الموجبات، ليصدق نقيض الأصل، أو الأخصّ منه.

وأما الممكنتان فحالهما في الانعكاس وعدمه غير معلوم، لتوقف البرهان المذكور للانعكاس فيهما على انعكاس السالبة الضرورية كنفسها، أو على إنتاج الصغرى الممكنة مع الكبرى الضرورية في الشكل الأول والثالث اللذين كلّ واحد منهما غير محقّق، ولعدم الظفر بدليل يوجب الانعكاس وعدمه.

وأما الشرطيّة فالمتّصلة الموجبة تنعكس موجبة جزئية، والسالبة الكليّة سالبة كليّة، إذ لو صدق نقيض العكس لانتظم مع العكس قياساً منتجاً للمحال. وأما السالبة الجزئية فلا تنعكس، لصدق قولنا: قد لا يكون إذا كان هذا حيواناً فهو إنسان مع كذب العكس. وأما المتصلة فلا يتصوّر فيها العكس، لعدم الامتياز بين جزئيها بالطبع.

البحث الثالث] في عكس النقيض]

وهو عبارة عن جعل الجزء الأول من القضية نقيض الثاني، والثاني عين الأول، مع مخالفة الأصل في الكيف وموافقته في الصدق.

وأما الموجبات، فإن كانت كليّة:

فسبع منها، وهي التي لا تنعكس سوالبها بالعكس المستوي لا تنعكس بعكس النقيض، لأنه يصدق: بالضرورة كل قمر فهو ليس بمنخسف وقت التربيع لا دائماً دون عكسه لما عرفت، وتنعكس الضروريّة والدائمة دائمة كليّة، لأنه إذا صدق: بالضرورة أو دائماً كلّ (ج ب)، فدائماً لا شيء مما ليس (ب ج)، وإلا فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) بالفعل، وهو مع الأصل ينتج: بعض ما ليس (ب) فهو (ب) بالضرورة في الضروريّة، ودائماً في الدائمة، وهو محال.

وأما المشروطة والعرفيّة العامّتان، فتنعكسان عرفيّة عامّة كليّة، لأنه إذا صدق:بالضرورة أو دائماً كلّ (ج ب) ما دام (ج)، فدائماً لا شيء مما ليس (ب ج) ما دام ليس (ب)، وإلا فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) حين هو ليس (ب). وهو مع الأصل ينتج: بعض ما ليس (ب) فهو (ب) حين هو ليس (ب)، وهو محال.

وأما الخاصّتان فتنعكسان عرفيّة عامّة لا دائمة في البعض، أما العرفيّة العامّة فلاستلزام العامّتين إياها، وأما اللادوام في البعض فلأنه يصدق: بعض ما ليس (ب) فهو (ج) بالإطلاق العام، وإلا فلا شيء مما ليس (ب ج) دائماً، فتنعكس إلى: لا شيء من (ج) ليس (ب) دائماً، وقد كان لا شيء من (ج ب) بالفعل بحكم اللادوام، ويلزمه كلّ (ج) فهو ليس (ب) بالفعل، لوجود الموضوع، هذا خلف.

وإن كانت جزئيّة:

فالخاصّتان تنعكسان عرفيّة خاصّة، لأنه إذا صدق: بالضرورة أو دائماً بعض (ج ب) ما دام (ج) لا دائماً، وجب أن يصدق: بعض ما ليس (ب) ليس (ج) ما دام ليس (ب) لا دائماً. لانّا نفرض ذات الموضوع، وهو (ج د فـ د) ليس بالفعل (ب) للادوام لا ثبوت الباء له، وليس (ج) ما دام ليس (ب)، وإلا لكان (ج) حين هو ليس (ب) فليس (ب) حين هو (ج)، وقد كان (ب) ما دام (ج)، هذا خلف. و(د ج) بالفعل، وهو ظاهر، فبعض ما ليس (ب) ليس (ج) ما دام ليس (ب) لا دائماً، وهو المطلوب.

وأما البواقي فلا تنعكس، لصدق قولنا: بعض الحيوان هو ليس بإنسان بالضرورة المطلقة، وبعض القمر هو ليس بمنخسف بالضرورة الوقتيّة، دون عكسهما بأعمّ الجهات، ومتى لم تنعكسا لم ينعكس شيء منها، لما عرفت في العكس المستويّ.

وأما السوالب كليّة كانت أو جزئيّة، فلا تنعكس كليّة لاحتمال كون نقيض المحمول أعمّ من الموضوع. وتنعكس الخاصّتان حينيّة مطلقة، لأنه إذا صدق: بالضرورة أو دائماً لا شيء من (ج ب) ما دام (ج) لا دائماً، فبعض ما ليس (ب ج) حين هو ليس (ب) بفرض الموضوع (د) فهو ليس (ب) بالفعل، و(ج) في بعض أوقات كونه ليس (ب) لأنه ليس (ب) في جميع أوقات كونه (ج). فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) في بعض أحيان ليس (ب)وهو المدّعى.

وأما الوقتيّتان الوجوديّتان فتنعكس مطلقة عامّة لأنه إذا صدق: لا شيء من (ج ب) بإحدى هذه الجهات المذكورة، فبعض ما ليس (ب ج) بالإطلاق العام بفرض الموضوع (د) فهو ليس (ب)، و(ج) بالفعل لوجود الموضوع، فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) بالفعل، وهو المطلوب. وهكذا بين عكوس جزئيّاتها.

وأما بواقي السّوالب، والشّرطيّات موجبة كانت أو سالبة فغير معلومة الانعكاس، لعدم الظّفر بالبرهان.

المبحث الرابع] في تلازم الشّرطيّات]

أما المتصلة الموجبة الكليّة فتستلزم منفصلة مانعة الجمع من عين المقدّم ونقيض التالي، ومانعة الخلّو من نقيض المقدّم وعين التالي متعاكسين عليها، وإلا لبطل اللزوم والاتصال. والمنفصلة الحقيقيّة تستلزم أربع متّصلات: مقدّم اثنين عين أحد الجزأين، وتاليهما نقيض الآخر، ومقدّم الآخرين نقيض أحد الجزأين، وتاليهما عين الآخر. وكلّ واحدة من غير الحقيقيّة مستلزمة للأخرى مركّبة من نقيض الجزأين.

المقالة الثالثة] في القياس ]

وفيه خمسة فصول:

الفصل الأوّل] في تعريف القياس وأقسامه]

القياس قول مؤلّف من قضايا متى سلّمت لزم عنها لذاتها قول آخر.

وهو استثنائيّ إن كان عين النتيجة أو نقيضها مذكوراً فيه بالفعل، كقولنا: إن كان هذا جسماً فهو متحيّز، لكنّه جسم، ينتج أنه متحيّز، وهو بعينه مذكور فيه. ولو قلنا لكنه ليس بمتحيّز ينتج أنه ليس بجسم، ونقيضه مذكور فيه.

واقترانيّ إن لم يكن كذلك، كقولنا كلّ جسم مؤلف، وكلّ مؤلف حادث، ينتج كلّ جسم حادث، وليس هو ولا نقيضه مذكوراً فيه بالفعل.

وموضوع المطلوب فيه يسمّى أصغراً، ومحموله أكبر، والقضية التي جعلت جزء القياس تسمّى مقدّمة، والمقدمة التي فيها الأصغر الصغرى، والتي فيها الأكبر الكبرى، والمكرر بينهما حدّاً أوسط، واقتران الصغرى بالكبرى يسمى قرينة وضربا، والهيئة الحاصلة من كيفية وضع الحد الأوسط عند الحدّين الآخرين تسمّى شكلاً، وهو أربعة؛ لأن الحد الأوسط إن كان محمولاً في الصغرى وموضوعاً في الكبرى فهو الشكل الأوّل، وإن محمولاً فيهما فهو الشكل الثاني، وإن كان موضوعاً فيهما فهو الشكل الثالث، وإن كان موضوعاً في الصغرى محمولاً في الكبرى فهو الشكل الرّابع.

أما الشكل الأوّل

فشرط إنتاجه إيجاب الصغرى، وإلا لم يندرج الأصغر في الأوسط، وكليّة الكبرى وإلا لاحتمل أن يكون البعض المحكوم عليه بالأكبر غير البعض المحكوم به على الأصغر، وضروبه الناتجة أربعة: الأوّل من موجبتين كليّتين ينتج موجبة كليّة، كقولنا: كل (ب ج) وكل (ب أ) فكل (ج أ). الثاني من كليّتين: الصغرى موجبة والكبرى سالبة ينتج سالبة كليّة، كقولنا: كلّ (ج ب) ولا شيء من (ب أ) فلا شيء من (ج أ). والثالث من موجبتين والصغرى جزئيّة ينتج موجبة جزئية، كقولنا: بعض (ج ب) وكلّ (ب أ) فبعض (ج أ). والرابع من موجبة جزئية صغرى وسالبة كليّة كبرى، ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا بعض (ج أ) ولا شيء من (ب ج) فبعض (ج) ليس (ب). ونتائج هذا الشكل بيّنة بذاتها.

أما الشكل الثاني

فشرطه اختلاف مقدّمتيه بالكيف، وكليّة الكبرى، وإلا لحصل الاختلاف الموجب لعدم الإنتاج، وهو صدق القياس مع إيجاب النتيجة تارة ومع سلبها أخرى.

وضروبه الناتجة أيضاً أربعة: الأوّل من كلّيتين والصغرى موجبة، ينتج سالبة كليّة، كقولنا: كلّ (ج ب) ولا شيء من (أ ب) فلا شيء من (ج أ) بالخلف: وهو ضمّ نقيض النتيجة إلى الكبرى لينتج نقيض الصغرى، وبانعكاس الكبرى ليرتدّ إلى الشكل الأوّل. الثاني من كلّيتين والكبرى موجبة كليّة، ينتج سالبة كليّة، كقولنا: لا شيء من (ج ب) وكلّ (أ ب) فلا شيء من (ج أ)، بالخلف، وبعكس الصّغرى وجعلها كبرى، ثمّ عكس النتيجة. الثالث من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كليّة كبرى، ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا: بعض (ج ب) ولا شيء من (أ ب) فليس بعض (ج أ). بالخلف، وبعكس الكبرى ليرجع إلى الأوّل، وبفرض موضوع الجزئيّة (د)، فكلّ (د ب) ولا شيء من (أ ب) فلا شيء من (د أ)، ثمّ نقول: بعض (ج د) ولا شيء من (د أ) فبعض (ج) ليس (أ). والرابع من سالبة جزئيّة صغرى، وموجبة كليّة كبرى، ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا: بعض (ج) ليس (ب)، وكلّ (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ)، بالخلف، والافتراض إن كانت السالبة مركّبة.

وأمّا الشكل الثالث

فشرطه إيجاب الصغرى وإلا لحصل الاختلاف، وكليّة إحدى مقدّمتيه، وإلا لكان البعض المحكوم عليه بالأصغر غير البعض المحكوم عليه بالأكبر، فلم تجب التعدية. وضروبه الناتجة ستة: الأوّل من موجبتين كلّيتين ينتج موجبة جزئيّة، كقولنا: كلّ (ب ج) وكلّ (ب أ) فبعض (ج أ)، بالخلف، وهو ضمّ نقيض النتيجة إلى الصغرى لينتج نقيض الكبرى، وبالردّ إلى الأوّل بعكس الصغرى. الثاني من كلّيتين، والكبرى سالبة ينتج سالبة جزئية، كقولنا: كلّ (ب ج) ولا شيء من (ب أ) فبعض (ج) ليس (أ)، بالخلف، وبعكس الصغرى. الثالث من موجبتين والكبرى كليّة ينتج موجبة جزئيّة، كقولنا: بعض (ب ج) وكلّ (ب أ) فبعض (ج أ)، بالخلف وبعكس الصغرى، وبفرض موضوع الجزئيّة (د)، فكلّ (د ب)، وكلّ (ب أ) فكلّ (د أ)، ثمّ نقول: كلّ (د ج) وكلّ (د أ) فبعض (ج أ) وهو المطلوب. والرابع من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كليّة كبرى ينتج سالبة جزئية، كقولنا: بعض (ب ج) ولا شيء من (ب أ) فبعض (ج) ليس (أ)، بالخلف، وبعكس الصغرى والافتراض. الخامس من موجبتين والصغرى كليّة ينتج موجبة جزئيّة، كقولنا: كل (ب ج) وبعض (ب أ) فبعض (ج أ)، بالخلف، وبعكس الكبرى وجعلها صغرى، ثمّ عكس النتيجة والافتراض. السادس من موجبة كليّة صغرى، وسالبة جزئيّة كبرى، ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا: كل (ب ج) وبعض (ب) ليس (أ)، فبعض (ج) ليس (أ)، بالخلف والافتراض إن كانت السالبة مركّبة.

وأما الشكل الرابع

فشرطه بحسب الكمّية والكيفيّة إيجاب المقدّمتين مع كليّة الكبرى، أو اختلافهما بالكيف مع كليّة إحداهما، وإلا يحصل الاختلاف الموجب لعدم الإنتاج. وضروبه الناتجة ثمانية. الأوّل من موجبتين كليّتين ينتج موجبة جزئية، كقولنا: كل (ب ج) وكل (أ ب) فبعض (ج أ)، بعكس الترتيب ثمّ عكس النتيجة. الثاني من موجبتين والكبرى جزئيّة ينتج موجبة جزئيّة، كقولنا: كلّ (ب ج) وبعض (أ ب) فبعض (ج أ) لما مرّ. الثالث من كلّيتين والصّغرى سالبة ينتج سالبة كليّة، كقولنا: لا شيء من (ب ج) وكلّ (أ ب) فلا شيء من (ج أ) لما مرّ. الرابع من كليّتين والصغرى موجبة، ينتج سالبة جزئية كقولنا: كلّ (ب ج) ولا شيء من (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ) بعكس المقدّمتين. الخامس من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كليّة كبرى، ينتج سالبة جزئية كقولنا: بعض (ب ج) ولا شيء من (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ) لما مرّ. السادس من سالبة جزئيّة صغرى وموجبة كليّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا: بعض (ب) ليس (ج) وكلّ (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ)، بعكس الصغرى ليرتدّ إلى الثاني. السابع من موجبة كليّة صغرى وسالبة جزئيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا: كلّ (ب ج) وبعض (أ) ليس (ب) فبعض (ج) ليس (أ)، بعكس الكبرى ليرتد إلى الثالث. والثامن من سالبة كليّة صغرى وموجبة جزئيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة، كقولنا: لا شيء من (ب ج)، وبعض (أ ب) فبعض (د) ليس (أ) بعكس الترتيب، ثمّ عكس النتيجة.

ويمكن بيان الخمسة الأوَل بالخلف، وهو ضمّ نقيض النتيجة إلى إحدى المقدّمتين لينتج ما ينعكس إلى نقيض الأخرى، والثاني والخامس بالافتراض. ولنبيّن ذلك في الثّاني ليقاس عليه الخامس، وليكن البعض الذي هو (أ ب د) فكلّ (د أ) وكلّ (ب د)، فنقول: كلّ (ب ج) وكلّ (ب د) فبعض (ج د)، ثمّ نقول: بعض (ج د) وكلّ (د أ) فبعض (ج أ)، وهو المطلوب.

والمتقدّمون حصروا الضّروب الناتجة في الخمسة الأُوَل، وذكروا لعدم إنتاج الثلاثة الأخيرة الاختلاف في القياس من بسيطتين، ونحن نشترط كون السالبة فيها من إحدى الخاصّتين فيسقط ما ذكروه من الاختلاف.

الفصل الثاني[في المختلطات]

أما الشكل الأوّل: فشرطه بحسب الجهة فعليّة الصغرى. والنتيجة فيه كالكبرى إن كانت غير الشرطيّتين والعرفيّتين، وإلا فكالصّغرى محذوفاً عنها قيد اللادوام واللاضرورة، والضرورة المخصوصة بالصغرى إن كانت الكبرى إحدى العامتين، وبعد ضمّ اللادوام إليها إن كانت إحدى الخاصّتين.

وأما الشكل الثاني: فشرطه بحسب الجهة أمران: أحدهما صدق الدوام على الصغرى، أو كون الكبرى من القضايا المنعكسة السوالب. والثاني أن لا تستعمل الممكنة إلا مع الضرورية المطلقة، أو مع الكبريين المشروطتين. والنتيجة دائمة إن صدق الدوام عن إحدى مقدّمتيه، وإلا فكالصغرى محذوفاً عنها اللادوام واللاضرورة أية ضرورة كانت.

وأما الشكل الثالث: فشرطه فعليّة الصغرى، والنتيجة كالكبرى إن كانت غير الأربع، وإلا فكعكس الصغرى محذوفاً منها اللادوام إن كانت الكبرى إحدى العامّتين، ومضموماً إليها إن كانت إحدى الخاصّتين.

وأما الشكل الرابع: فشرط إنتاجه بحسب الجهة أمور خمسة: الأوّل كون القياس فيه من الفعليّات. الثاني انعكاس السالبة المستعملة فيه. الثالث صدق الدّوام على صغرى الضرب الثالث أو العرفيّ العامّ على كبراه. الرابع كون الكبرى في السادس من المنعكسة السوالب. الخامس كون الصغرى في الثامن من إحدى الخاصّتين والكبرى مما يصدق عليها العرفيّ العام. والنتيجة في الضربين الأوّلين بعكس الصغرى إن صدق الدوام عليها، أو كان القياس من الستّ المنعكسة السوالب، وإلا فمطلقة عامّة. وفي الضرب الثالث دائمة إن صدق الدوام على إحدى مقدّمتيه وإلا فبعكس الصغرى، وفي الضرب الرابع والخامس دائمة إن صدق الدوام على الكبرى، وإلا فعكس الصغرى محذوفاً اللادوام، وفي السادس كما في الشكل الثاني بعد عكس الصغرى، وفي السابع كما في الشكل الثالث بعد عكس الكبرى، وفي الثامن كعكس النتيجة بعد عكس الترتيب.

الفصل الثالث] في الاقترانيات الكائنة من الشرطيّات]

وهي خمسة أقسام،

القسم الأوّل: ما يتركب من المتصلات، والمطبوع منه ما كانت الشركة في جزء تام من المقدّمتين، وتنعقد الأشكال الأربعة فيه لأنه:

إن كان تالياً في الصغرى مقدّماً في الكبرى فهو الشكل الأوّل.

وإن كان تالياً فيهما فهو الشكل الثاني.

وإن كان مقدّماً فيهما فهو الشكل الثالث.

وإن كان مقدّماً في الصغرى وتالياً في الكبرى فهو الشكل الرابع.

وشرائط الإنتاج وعدد الضروب والنتيجة في الكميّة والكيفيّة في كلّ شكل كما في الحمليّات من غير فرق. مثال الضرب الأوّل من الشكل الأوّل: كلّما كان (أب فـ ج د) وكلّما كان (ج د فـ هـ ز) ينتج كلّما كان (أب فـ هـ ز).

القسم الثاني: ما يتركّب من المنفصلتين، والمطبوع منه ما كانت الشركة في جزء غير تامّ من المقدّمتين: كقولنا: دائماً إما كلّ (أب) أو كلّ (ج د)، ودائماً إما كلّ (د هـ) أو كلّ (و ز) ينتج دائماً إما كلّ (أب) أو كل (ج هـ) أو كلّ (و ز)، لامتناع خلوّ الواقع عن مقدّمتي التأليف وعن إحدى الأخريين، فينعقد فيه الأشكال الأربعة، والشرائط المعتبرة بين الحمليّتين معتبرة ههنا بين المشاركين.

القسم الثالث: ما يتركب من الحمليّة والمتّصلة. والمطبوع منه ما كانت الحمليّة كبرى، والشركة مع تالي المتّصلة، ونتيجته متّصلةٌ مقدّمُها مقدّمُ المتّصلة، وتاليها نتيجة التأليف بين التالي والحمليّة، كقولنا: كلّما كان (أب فـ ج د) وكلّ (د هـ) ينتج كلّما كان (أب) فكلّ (ج هـ).وينعقد فيه الأشكال الأربعة، والشرائط المعتبرة بين الحمليّتين معتبرة ههنا بين التالي والحمليّة.

القسم الرابع: ما يتركّب من الحمليّة والمنفصلة، وهو قسمين:

الأوّل: أن يكون عدد الحمليّات بعدد أجزاء الانفصال، لتشارك كلّ واحدة منها واحداً من أجزاء الانفصال لتشارك كلّ واحدة منها واحداً من أجزاء الانفصال، إمّا مع اتحاد التآليف في النتيجة، كقولنا: كلّ (ج) إما (ب) وإما (د) وإما (هـ)، وكلّ (ب ط) وكلّ (د ط) وكلّ (هـ ط) ينتج كلّ (ج ط) لصدق أحد أجزاء الانفصال مع ما يشاركه من الحمليّة، وإما مع اختلاف التآليف في النتيجة كقولنا: كلّ (ج) إما (ب) وإما (د) وإما (هـ)، وكلّ (ب ج) وكلّ (د ط) وكلّ (هـ ز) ينتج كلّ (ج) إما (ج) وإما (ط) وإما (ز) لما مرّ. الثاني أن تكون الحمليّات أقلّ من أجزاء الانفصال، ولتكن الحمليّة ذات جزء واحد والمنفصلة ذات جزأين، والمشاركة مع أحدهما كقولنا: إما كلّ (أ ط) أو كلّ (ج ب) وكلّ (ب د)، ينتج إما (أ ط) أو كلّ (ج د) لامتناع خلوّ الواقع عن مقدّمتي التأليف وعن الجزء الغير المشارك.

القسم الخامس: ما يتركّب من المتّصلة والمنفصلة، والاشتراك إما في جزء تامّ من المقدّمتين أو غير تامّ منهما، وكيفما كان فالمطبوع منه ما تكون المتّصلة صغرى والمنفصلة كبرى موجبة. مثال الأوّل قولنا: كلّما كان (أب فـ ج د) ودائماً إما كلّ (ج د) أو (هـ ز) مانعة الجمع، ينتج دائماً إما أن يكون (أب) أو (هـ ز) مانعة الجمع، لاستلزام امتناع الاجتماع مع اللازم دائماً، أو في الجملة امتناعه مع الملزوم دائماً، أو في الجملة ومانعة الخلوّ ينتج: قد يكون إذا لم يكن (أب فـ هـ ز) لاستلزام نقيض الأوسط للطرفين استلزاماً كليّاً، واستلزام ذلك المطلوب من الثالث. ومثال الثاني: كلّما كان (أب فـ ج د) ودائماً إما كلّ (د هـ) أو (هـ ز) مانعة الخلوّ، ينتج كلّما كان (أب) فإما كلّ (ج هـ) أو (هـ ز). والاستقصاء في هذه الأقسام إلى الرّسائل التي عملناها في علم المنطق.

الفصل الرابع] في القياس الاستثنائي]

وهو المركّب من مقدّمتين: إحداهما شرطيّة

والأخرى وَضْعٌ لأحد جزئيها أو رَفعُه ليلزم وضع الآخر أو رفعه، ويجب إيجاب الشرطيّة، ولزوميّة المتّصلة، وعناديّة المنفصلة، وكلّيتها أو كليّة الوضع أو الرفع إن لم يكن وقت الاتصال والانفصال، وهو بعينه وقت الوضع والرّفع.

والشرطيّة الموضوعة فيه إن كانت متّصلة: فاستثناء عين المقدّم ينتج التالي، واستثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدّم، وإلا لبطل اللزوم دون العكس في شيء منهما، لاحتمال كون التالي أعمّ من المقدّم.

وإن كانت منفصلة: فإن كانت حقيقية فاستثناء عين أيّ جزء كان ينتج نقيض الآخر لاستحالة الجمع، واستثناء نقيض أي جزء كان ينتج عين الآخر لاستحالة الخلوّ، وإن كانت مانعة الجمع ينتج القسم الأوّل فقط لامتناع الاجتماع دون الخلوّ، وإن كانت مانعة الخلوّ ينتج القسم الثاني فقط لامتناع الخلوّ دون الجمع.

الفصل الخامس] في لواحق القياس]

وهي أربعة:

الأوّل القياس المركّب: وهو ما تركّب من مقدّمات ينتج بعضها نتيجة يلزم منها ومن مقدّمات أخرى نتيجة، وهلمّ جرّاً إلى أن يحصل المطلوب. وهو إما موصول النتائج، كقولنا: كل (ج ب) وكلّ (ب د) فكلّ (ج د)، ثمّ كلّ (ج د) وكلّ (د أ) فكلّ (ج أ)، ثمّ كلّ (ج أ) وكلّ (أ هـ) فكلّ (ج هـ). وإما مفصول النتائج، كقولنا: كلّ (ج ب) وكلّ (ب د) وكل (د أ) وكل (أ هـ) فكلّ (ج هـ).

الثاني قياس الخلف: وهو إثبات المطلوب بإبطال نقيضه، كقولنا: لو كذب ليس كلّ (ج ب) لكان كلّ (ج ب)، وكلّ (ب أ) على أنّها مقدّمة صادقة، ينتج لو كذب ليس كلّ (ج ب) لكان كلّ (ج أ)، لكن ليس كلّ (ج أ) على أنّه محال، فينتج ليس كلّ (ج ب)، وهو المطلوب.

الثالث الاستقراء: وهو الحكم على كليّ لوجوده في أكثر جزئيّاته، كقولنا: كلّ حيوان يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ، لأن الإنسان والبهائم والسباع كذلك، وهو لا يفيد اليقين، لاحتمال أن لا يكون الكلّ بهذه المثابة كالتمساح.

الرابع التمثيل: وهو إثبات حكم في جزئيّ وجد في جزئيّ آخر لمعنى مشترك بينهما، كقولهم: العالم مؤلّف فهو حادث كالبيت. وأثبتوا عليّة المعنى المشترك بالدوران وبالتقسيم غير المردود بين النّفي والإثبات، كقولهم: علّة الحدوث إما التأليف أو كذا أو كذا، الأخيران باطلان بالتخلّف فتعيّن الأوّل، وهو ضعيف. أمّا الدوران فلأن الجزء الأخير من العلّة وسائر الشرائط المساوية مدار مع أنها ليست العلّة. وأما التقسيم فالحصر ممنوع لجواز عليّة غير المذكور. وبتقدير تسليم عليّة المشترك في المقيس عليه لا يلزم عليّته في المقيس لجواز أن تكون خصوصيّة المقيس عليه شرطاً للعليّة، أو خصوصيّة المقيس مانعة منها.

وأما [الخاتمة] ففيها بحثان

البحث الأوّل] في مواد الأقيسة]

وهي يقينيّات وغير يقينيّات. أما اليقينيّات فستّ:

أوليّات: وهي قضايا تصور طرفيها كاف في الجزم بالنسبة بينهما، كقولنا: الكلّ أعظم من الجزء.

ومشاهدات: وهي القضايا التي يحكم بها بقوى ظاهرة أو باطنة، كالحكم بأن الشمس مضيئة وأن لنا خوفاًَ وغضباً.

ومجرّبات: وهي قضايا يحكم بها لمشاهدات متكرّرة مفيدة لليقين، كالحكم بأن شرب السقمونيا موجب للإسهال.

وحدسيّات: وهي قضايا يحكم بها لحدس قويّ من النّفس مفيد للعلم كالحكم بأن نور القمر مستفاد من الشمس، والحدس هو سرعة الانتقال من المبادي إلى المطالب.

ومتواترات: وهي قضايا يحكم بها لكثرة الشهادات بعد العلم بعدم امتناعها، والأمن من التواطؤ عليها كالحكم بوجود مكّة وبغداد، ولا ينحصر مبلغ الشهادات في عدد، بل اليقين هو القاضي بكمال العدد، والعلم الحاصل من التجربة والحدس والتواتر ليس حجّة على الغير.

وقضايا قياساتها معها: وهي التي يحكم بها بواسطة لا تغيب عن الذهن عند تصوّر حدودها، كالحكم بأن الأربعة زوج لانقسامها بمتساويين.

والقياس المؤلّف من هذه الستّ يسمّى برهاناً، وهو إما لمّيّ، وهو الذي يكون الحد الأوسط فيه علّة للنسبة في الذهن والعين، كقولنا: هذا متعفّن الأخلاط، وكلّ متعفّن الأخلاط فهو محموم، فهذا محموم. وإمّا إنيّ، وهو الذي يكون الحدّ الأوسط فيه علّة للنسبة في الذهن فقط، كقولنا: هذا محموم، وكلّ محموم فهو متعفّن الأخلاط، فهذا متعفّن الأخلاط.

وأمّا غير اليقينيّات فستّ:

مشهورات: وهي القضايا التي يحكم بها لاعتراف جميع الناس بها لمصلحة عامّة، أو رأفة وحميّة أو انفعالات من عادات وشرائع وآداب. والفرق بينها وبين الأوليّات أن الإنسان لو خلا ونفسه مع قطع النظر عمّا وراء عقله لم يحكم بها بخلاف الأوليّات. كقولنا: الظلم قبيح، والعدل حسن، وكشف العورة مذموم، ومراعاة الضعفاء محمودة، ومن هذه ما يكون صادقاً وما يكون كاذباً، ولكلّ قوم مشهورات، وأهل كلّ صناعة بحسبها.

ومسلّمات: وهي قضايا تسلّم من الخصم فيبنى عليها الكلام لدفعه، كتسليم الفقهاء مسائل أصول الفقه، والقياس المؤلّف من هذين يسمّى جدلاً، والغرض منه إقناع القاصر عن إدراك البرهان، وإلزام الخصم.

ومقبولات: وهي قضايا تؤخذ ممن يعتقد فيه إما لأمر سماويّ أو لمزيد عقل ودين، كالمأخوذات من أهل العلم والزّهد.

ومظنونات: وهي قضايا يحكم بها اتباعاً للظنّ، كقولك: فلان يطوف بالليل فهو سارق. والقياس المؤلّف من هذين يسمى خطابة، والغرض منه ترغيب السامع فيما ينفعه من تهذيب الأخلاق وأمر الدّين.

ومخيّلات: وهي قضايا أوردت على النّفس أثّرت فيها تأثيراً عجيباً من قبض وبسط، كقولهم: الخمر ياقوتة سيّالة، والعسل: مرّة مهوّعة. والقياس المؤلّف منها يسمّى شعراً. والغرض منه انفعال النّفس بالترغيب والتنفير، ويروّجه الوزن والصوت الطيّب.

ووهميّات: وهي قضايا كاذبة يحكم بها الوهم في أمور غير محسوسة. كقولنا: كلّ موجود مشار إليه، ووراء العالم فضاء لا نهاية له، ولولا دفع العقل والشرائع لكانت من الأوليّات، وعرف كذب الوهم لموافقته العقل في مقدّمات القياس الناتج لنقيض حكمه، وإنكاره ونفيه عند الوصول إلى النتيجة، والقياس المؤلّف منها يسمّى سفسطة، والغرض منه إفحام الخصم وتغليطه.

والمغالطة: قياس يفسد صورته بأن لا يكون على هيئة منتجة لاختلال شرط معتبر بحسب الكميّة أو الكيفيّة أو الجهة، أو مادّته بأن يكون بعض المقدّمة والمطلوب شيئاً واحداً، لكون الألفاظ مترادفة، كقولنا: كلّ إنسان بشر، وكلّ بشر ضحّاك، فكلّ إنسان ضحّاك. أو كاذبة شبيهة بالصادقة من جهة اللفظ، كقولنا: لصورة الفرس المنقوش على الحائط: هذا فرس، وكلّ فرس صهّال، ينتج أن الصورة صهّالة، أو من جهة المعنى كعدم مراعاة وجود الموضوع في الموجبة، كقولنا: كلّ إنسان وفرس فهو إنسان، وكلّ إنسان وفرس فهو فرس، ينتج بعض الإنسان فرس، ووضع الطبيعية مقام الكليّة، كقولنا: الإنسان حيوان، والحيوان جنس، ينتج الغنسان جنس، وأخذ الأمور الذهنيّة مكان العينيّة وبالعكس، فعليك بمراعاة كلّ ذلك لذلا تقع في الغلط، والمستعمِل للمغالطة يسمّى سوفسطائياً إن قال بها الحكيم، ومشاغبياً إن قال بها الجدليّ.

البحث الثاني] في أجزاء العلوم]

وهي موضوعات وقد عرفتها، ومباد وهي حدود الموضوعات وأجزاؤها وأعراضها الذاتيّة. والمقدّمات غير البيّنة في نفسها المأخوذة على سبيل الوضع، كقولنا: لما أن نصل بين كلّ نقطتين بخط مستقيم، وأن نعمل بأي بعد على كلّ نقطة دائرة، والمقدّمات البيّنة بنفسها، كقولنا: المقادير المساوية لمقدار واحد متساوية، ومسائل وهي القضايا التي يطلب بها نسبة محمولاتها إلى موضوعاتها في ذلك العلم. وموضوعاتها قد تكون موضوع العلم، كقولنا: كقولنا: كلّ مقدار إما مشارك للآخر أو مباين له، وقد تكون هو مع عرض ذاتيّ كقولنا: كلّ خطّ يمكن تنصيفه، وقد تكون نوعه مع عرض ذاتيّ، كقولنا: كلّ خط فإن زاويتا جنبيه إما إما قائمتان أو مساويتان لهما، وقد تكون عرضاً ذاتياً، كقولنا: كلّ مثلّث زواياه مثل قائمتين. وأما محمولاتها فخارجة عن موضوعاتها لامتناع أن يكون جزء الشيء مطلوباً لثبوته له بالبرهان.

وليكن هذا آخر الكلام في هذه الرسالة، والحمد لواهب العقل والهداية، والصلاة على محمد وآله منجي الخلائق من الغواية، وأصحابه الذين هم أهل الدراية، والحمد لله أولاً وآخراً.

تمت الرسالة الشمسيّة بحمد الله تعالى. نسخها العبد الفقير إلى مولاه الغنيّ بلال بن حمدان النجار في شهر المحرّم من عام 1425 هجرية