الفائدة الأُولى
في تعريف علم الكلام، وموضوعه، وغرضه وغيرها
قال الفيّاض اللاهيجي في گوهر مراد ما هذا محصّله: إنّ علم الكلام اعتبر على وجهين:
الأَوّل: كلام القدماء، وهو صناعة يقتدر معها على محافظة أوضاع الشريعة، بدلائل مؤلّفة من المقدّمات المسلّمة المشهورة بين المتشرعة، سواء انتهت إلى البديهيات أم لا.
الثاني: كلام المتأخرين، وهو علم بأحوال الموجودات على نهج قوانين الشرع، واحترزوا بالقيد الأخير عن علم الحكمة؛ لعدم اعتبار موافقة الشرع في مفهومها. انتهى.
وقال في المواقف: الكلام علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه.
وعرّفه في الشوارق: بأنّه صناعة نظرية يقتدر بها على إثبات العقائد الدينية.
أقول: التعريف الأَوّل باطل؛ إذ كل علم لا تنتهي مسائله إلى البديهيات، أو إلى ما في حكمها لا يعتنى به.
وأمّا الثاني فسيأتي أنّ القيد المذكور فاسد، فهو تعريف للحكمة دون الكلام.
وأمّا الأخيران فيرد عليهما أنّ مسائل العلم هو نفس العقائد الدينية، وأمّا الصناعة المذكورة فهي من المبادئ التصديقية كما بُيّن في المنطق، ومفاد التعريفين المذكورين هو عكس ذلك.
ثمّ إنّ المراد من الإثبات فيهما، هو الإثبات على الغير دون التحصيل كما صرّح به الجرجاني واللاهيجي، قال الأَوّل في شرح المواقف: العقائد تجب أخذها من الشرع وإن استقل بها العقل، وهو كما ترى؛ ضرورة أنّ جملةً من العقائد ممّا يتوقّف عليه الشرع فيدور هذا، مع أنّ الإثبات على الغير لا يمكن إلاّ بعد التحصيل، ولا موطن له إلاّ علم الكلام.
فالصحيح أن يقال في تعريفه: إنّه مسائل مشتملة على العقائد الدينية الحاصلة من أدلتها اليقينية، وأمّا ما قيل من أنّه علم يبحث فيه عن أحوال المبدأ والمعاد فهو غير متين، فإنّ العلم غير دخيل في مفهوم الكلام، فإنّه مسائل متشتتة جمعها موضوع واحد، أو غرض واحد علم بها عالم أو لا، وتخصيص المعاد بلا مخصّص ظاهر.
وأمّا موضوع هذا العلم ففيه أقوال ثلاثة: