13%

بيضةً، لا تصغر الأرض ولا تكبر البيضة؟ فقال عيسى - على نبينا وآله وعليه السلام -: ويلك، إنّ الله لا يوصف بعجز، ومَن أقدر ممّن يلطف الأرض ويعظم البيضة!.

ورواية ابن أُذينة عنه عليه‌السلام قال: (قيل: لأمير المؤمنين عليه‌السلام : هل يقدر ربّك أن يُدخِل الدنيا في بيضة، من غير أن تصغر الدنيا أو تكبر البيضة؟ قال: إنّ الله تبارك، وتعالى لا يُنسب إلى العجز، والذي سألتني لا يكون).

ورواية أبان بن عثمان المشتملة على جواب أمير المؤمنين لرجل، بمثل ما أجاب به عيسى عليه‌السلام في مرسلة ابن أبي عمير المتقدّمة.

وأمّا رواية البزنطي - قال: جاء رجل إلى الرضا عليه‌السلام فقال هل يقدر ربّك أن يجعل السماوات والأرض وما بينهما في بيضة؟ قال: (نعم وفي أصغر من البيضة، وقد جعلها في عينك، وهي أقل من البيضة؛ لأنّك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما، ولو شاء لأعماك عنها) - فالجواب مبني على إفحام السائل وإسكاته، فإنّه لم يكن طالباً لواقع الأمر وحقيقة الحال، وإنّما سأله تعنّتاً ولجاجاً كما يظهر من قوله عليه السلام: (ولو شاء لأعماك)، فإنّ هذا الخطاب لا يليق بغير المعاند اللجوج.

ويمكن أن يقال بمثله في رواية هشام بن الحكم أيضاً، وأنّ السائل من هشام بن الحكم كان لجوجاً، أو أنّ الجواب منزّل على قصور فهمه. فلاحظ (1) .

فجواب الصادق عليه‌السلام في هذه الرواية، وجواب الرضا في رواية البزنطي، ليسا لبيان الواقع، وإلاّ لقالا بالعدم كما في الروايات المتقدمة، ومن العجيب ما يظهر من المحدّث الجزائري من الالتزام بمفادها وبنائه على مقدورية ذلك، قال: فسبحان مَن هو قادر على أن يدخل الدنيا في بيضة، من غير ترقيق الدنيا ولا تعظيم البيضة (2) ، وكذا ابن الحزم الأندلسي قال: وهو تعالى قادر على نفسه كما هو عالمٌ بها (3) ، وكلا القولين ضعيف جداً باطل قطعاً.

المطلب الثالث:

إنّ الفاضل الطريحي نقل عن العلاّمة الحلي قدّس سرهما، في حاشيته على شرح الباب الحادي عشر (4) : أنّه حكي عن السيد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهما الله، أنّهما ممّن نفى قدرة الباري وقالا: إنّه خلاف الحقّ.

____________________

(1) البحار 4 / 140.                                  (2) الأنوار النعمانية 1 / 208.

(3) الفصل 2 / 128.                                  (4) شرح الباب الحادي عشر / 13.