6%

مثقال ذرة، في الأرض، ولا في السماء، ولا أصغر، منها ولا أكبر، فيكون ذوات معلولاته مرتسمة بجميع الصور؛ وهي التي يعبّر عنها تارة بالكتاب المبين، وتارة باللوح المحفوظ ويسمّيهما الحكماء بالعقول الفعّالة. انتهى.

وقال في شرح الإشارات - في ضمن كلامه -: ولا تظننّ أنّ كونك محلاً لتلك الصورة شرط في تعقّلك إيّاها، فإنّك تعقل ذاتك مع أنّك لست محلاً لها، بل إنّما كان كونك محلاً لتلك الصورة شرطاً في حصول تلك الصورة، الذي هو شرط في تعقّلك إيّاها، فإن حصلت تلك الصورة لك بوجه آخر غير الحلول فيك، حصل التعقّل من غير حلول فيك... إلخ.

أقول: والإنصاف أنّ هذا الظن لم يظهر دفعه، فالبيان غير وافٍ لإثبات مذهبه، وبالجملة: إنّ الحصول الذي يكفي في تحقّق العلم على ما هو المسلّم، إنّما الحصول المتحقّق في ضمن الاتحاد، كما في علم ذاتنا بذاتنا، أو القيام كما في قيام الصور بذهننا قياماً حلولياً، وأمّا كفاية مطلق الحصول على أيّ نحو كان في ذلك، فممنوع كما ذكره المحقّق اللاهيجي أيضاً (1) .

أقول: وممّا يزيّف هذا لزومه خلو الواجب عن العلم التفصيلي أبداً؛ إذ الموجودات بأسرها لا تجتمع في زمان، فهو لا يعلم جميع الأشياء في وقت من الأوقات، إلاّ أن يلتزم بتحقّق الأشياء أزلاً في مواطنها الحادثة كما مرّ بحثه، وقد علمت أنّه أيضاً غير ثابت، هذا مع أنّ فعل الفاعل المختار لابدّ من مسبوقيّته بالعلم، وقد مرّ أنّ العلم الإجمالي لا يكفي لذلك.

وأمّا ما أورده صاحب الأسفار على هذا القول من الإيرادات الثمانية، فهو لا يخلو عن كلام، فإنّه بين ما يتوجه على نفس السهروردي لا على القول نفسه، وبين ما هو غير وارد، وبين ما هو غير ظاهر في نفسه؛ ولذا لم يعتنِ بها السبزواري، فاختار هذا القول في المنظومة زائداً على ما اختاره من مذهب هذا المورد، لكن الحقّ بطلان المذهبين معاً كما عرفت، والله الهادي.

نقل ونقد

استدلّ الشيخ الإشراقي على هذا القول بقاعدة الملازمة حيث قال - على ما في الأسفار -: إنّ كلّ ما هو كمال مطلق للموجود من حيث هو موجود، فيجب له، وإذا تحقّق شيء منه في معلومه فتحقّقه له أَولى، وكلّ ما هو أَولى فهو واجب له بالضرورة، وإذا صحّ العلم الإشراقي للنفس ففي الواجب الوجود أَولى، فيدرك ذاته لا بأمر زائد عليها، ويدرك ما سواه بمجرّد إضافة الإشراق عليها... إلخ.

وأمّا المحقّق الطوسي فله دليل آخر، ومحصّله: أنّ ذاته تعالى علّة لِما سواه، وعلمه بذاته

____________________

(1) الشوارق 2 / 228.