6%

الفريدة الأُولى

في إرادته تعالى

وهي من مهمّات هذا الفن، فإنّ اختياره تعالى وحدوث العالَم مرتبطان بها، والكلام فيها من نواحٍ:

الناحية الأُولى: الإرادة بمعنى القصد

الأظهر أنّ الإرادة بمعنى القص كما هو المتبادر منها، والتبادر علامة الحقيقة، وبالجملة، هي من صفات النفس فاستعمالها في الطلب وإن كان جائزاً بل واقعاً، لكنّه مجازي، فإنّ الطلب مبرِز للإرادة لا نفسها، ولا يبعد أنّها باقية على معناها اللغوي بلا اصطلاح جديد، فإنّ التعاريف المذكورة في أَلسنة القوم شرح لفظي تبيّن مفهومها.

وبالجملة: القصد من الصفات الوجدانية، وهي معلومة لكلّ أحد فلا حاجة إلى تعريفه، غير أنّ الباحثين اختلفوا في معنى الإرادة اختلافاً واسعاً، وقد تعرّض لنقله الحكيم الشيرازي، في مبحث قدرة الله وإرادته من كتاب الأسفار مفصّلاً، والأحسن ما ذكرنا، وسيأتي ما يرتبط بالمقام في بعض مباحث العدل إن شاء الله.

وهنا اختلاف آخر، وهو اتّحاد الإرادة والطلب مفهوماً ومصداقاً وعدمه، فعن الأشعريين اختيار الثاني، وعن العدلية اختيار الأَوّل، والمسألة محرّرة في أًُصول الفقه من كتب أصحابنا على وجه مفصّل.

هذا كلّه في إرادة الإنسان، وأمّا إرادة الواجب فيمتنع تفسيرها بالقصد المذكور؛ فإنّها من الصفات النفسانية الموقوفة على الجسم والجسمانيات، وأيضاً القصد مسبوق بالتصوّر والتصديق، الملازمين للجهل السابق، ولحلول الحادث فيه تعالى، ولاستكماله، فتأمّل وكل ذلك عليه من المحالات، وأيضاً القصد لا يبقى بعد حصول المقصود فيلزم التغيّر فيه تعالى؛ ولذا اختلف أهل النظر في معناها على أقوال يأتي ذكرها.