6%

الفريدة الرابعة

في تكلّمه

التكلّم هو التحدّث، والكلام هو القول كما في القاموس وغيره، فهو في أصل اللغة عبارة عن أصوات متتابعة لمعنى مفهوم.

وإن شئت فقل: إنّه الحروف المنتظمة المسموعة، فهو من الكيف المسموع. قال المحدّث المجلسي رحمه‌الله (1) : فالإمامية قالوا بحدوث كلامه تعالى، وأنّه مؤلّف من أصوات وحروف، وهو قائم بغيره، ومعنى كونه تعالى متكلّماً عندهم، أنّه موجِد تلك الحروف والأصوات في الجسم، كاللوح المحفوظ، أو جبرئيل، أو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو غيره كشجرة موسى، وبه قالت المعتزلة أيضاً... إلخ.

أقول: إن أراد من الحروف تلفّظها فهو متين، وإن أراد نقشها كما يشهد له ذكر اللوح المحفوظ، أو إلهامها كما يشعر به ذكر النبي، فيردّه أنّ النقش والإلهام ليسا بكلام، وفاعلهما ليس بمتكلّم، بل هو ملهَم ومنقش أو كاتب.

وبالجملة، الذي هو من فعله ليس إلاّ مثل كلام الآدميين بلا فرق أصلاً، غير أنّ إصداره عنا بجارحة مفقودة في حقه تعالى.

ثمّ إنّ الفاضل المقداد (2) ذكر، أنّ طريق إثبات تكلّمه تعالى عند الأشاعرة عقلي، وعند المعتزلة نقلي، لكن فيه نظر بل منع كما ستعرفه.

نعم، ربّما استدلّ عليه من جهة العقل جماعة من غير الأشعرية، وإليك بيان الوجوه العقلية المذكورة وغيرها:

1 - قاعدة الملازمة المتقدّمة، استدلّ بها اللاهيجي (3) ، وابنه قدّس سرهما (4) ، لكنّك عرفت فيما تقدّم اختصاص القاعدة بالصفات الذاتية، وأنّه لا مجرى لها في أفعاله تعالى التي هي ممكنة

____________________

(1) بحار الأنوار 4 / 150.

(2) شرح الباب الحادي عشر / 19.

(3) سرمايه إيمان / 31.

(4) شمع اليقين / 17.