6%

وفيه: أَوّلاً: منع وجوب اللطف وسيأتي بحثه.

وثانياً: أنّ إنزال الكتاب غير موقوف على التكلّم، بل يمكن بنقش الحروف في اللوح ليطالعه المَلَك المبلِّغ إلى النبي أو الرسول، بل اللطف غير موقوف على إنزال الكتاب أصلاً؛ لإمكان إلهام الله نبيه في النوم أو اليقظة الأحكام والمعارف النافعة للناس؛ ولذا لم يكن لكلّ نبي كتاب كما يأتي.

4 - إنّ الله قادر على كلّ ممكن، فالتكلّم - بما أنّه ممكن - مقدور، والداعي والغرض من إيجاده متحقّق، والصارف والمانع مفقود، فوجب تحقّق التكلّم؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن علّته. ذكره وسابقه في كفاية الموحّدين (1) .

أقول: تحقّق الداعي غير بيّن ولا بمبيّن، ولعلّه أراد به إنزال الكتب، وقد عرفت ما فيه.

5 - إجماع الأنبياء وتواتر أخبارهم (سلام الله عليهم) بذلك، ذكره جمع. ولكنّه محتاج إلى علم الغيب؛ إذ لم يصل إلينا من نبي - غير خاتمهم صلى‌الله‌عليه‌وآله - أنّه تعالى متكلّم، وقد عرفت أنّ إنزال الكتب والوحي لا يدلاّن على تكلّمه؛ لاحتمال استنادهما إلى إيجاد الحروف المنقوشة دون المسموعة.

6 - إجماع الملّيين واتّفاق المسلمين.

7 - الكتاب والسُنة، فمن الأَوّل قوله تعالى: ( وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ) (2) وقوله: ( وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ) (3) وقوله تعالى: ( يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ) (4) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على قوله، ومن الثاني ما سيجيء بعضه. وهذا الوجه هو العمدة في المقام، فتحصّل أنّ إثبات تكلّمه نقلي لا عقلي.

إذا تقرّر ذلك فاعلم أنّ هاهنا مقامات للبحث:

المقام الأَوّل: في حدوثه

لا خفاء في أنّ كلامه حادث، فإنّه عبارة عن إيجاد الصوت القائم بالهواء المعدوم في الأزل، بناءً على حدوث العالَم، وأيضاً قِدمه يستلزم وجود المخاطب القديم صوناً عن اللغوية، والمسلّم بين المتكلّمين عدمه، فيبطل قِدم الكلام ولو بتوارد الأمثال، ويثبت

____________________

(1) المصدر نفسه / 328.

(2) النساء 5 / 164.

(3) الأعراف 6 / 143.

(4) البقرة 2 / 75.