وجوب إطاعة المعصوم الحاكي عن الله تعالى، وبالجملة لزوم الإطاعة ليس بشرعي وإلاّ لتسلسل فافهم.
هذا كلّه بحسب الكبرى، وأمّا الكلام بحسب الصغرى وتعيين قول مَن يجب امتثال حكمه - وهو الله سبحانه، ورسوله الأعظم، وأولو الأمر من بعده صلىاللهعليهوآله - فنقول: لا يمكن مشافهة واجب الوجود عقلاً، ولا نزول الوحي إلى كلّ أحد قطعاً، بل ولا سبيل لنا إلى مواجهة المعصوم عليهالسلام في هذه الأعصار ضرورةً، وعليه فينحصر تحصيل أقواله من الطرق التالية:
1 - الضرورة الدينية، وهي شهرة شيء بين المسلمين، رجالهم ونسائهم، خواصهم وعوامهم، بحيث يُفهم أنّ هذا الشيء ممّا قاله النبي الخاتم صلىاللهعليهوآله .
وبالجملة ضروري الدين ما صار جزءً للدين، ولم يحتج إلى دليل بعد ثبوت أصل الدين، وهذا مثل وجوب الصلاة والصوم والزكاة وحقيقة المعاد ونحوها، وتلحق بها الضرورة المذهبية، فضروري المذهب ما أصبح جزءً لذلك المذهب، بحيث كان معلوماً لكل واحد من أهل ذلك المذهب، وهذا كوجوب الخمس على الأرباح وعصمة الأوصياء ونحوهما في مذهب الإمامية. وربّما سيأتي بعض أحكامها في بحوث المعاد إن شاء الله تعالى، وهذه الطريقة أقوم الطرق وأتقنها.
2 - التواتر: وقد دريت تفصيله.
3 - الخبر الواحد (أي غير المتواتر) المحفوف بالقرينة القطعية: وهذا في حكم التواتر لفرض إفادته اليقين بمدلوله.
4 - الإجماع: فإنّه طريق قويم إلى ما انعقد عليه من الشرعيات عند معظم المسلمين.
اختلف المسلمون في مناط حجّية الإجماع، أمّا الإمامية فلا يرون موضوعية لاتّفاق العلماء وإجماعهم على حكم من الأحكام، بل الملاك في اعتباره عندهم هو كشفه عن قول المعصوم أو رضائه، ثمّ اختلفوا في كيفية هذا الكشف، فالمنسوب إلى قدمائهم أنّ منشأ حجّية الإجماع هو دخول المعصوم في ضمن المجمعين، فإذا أجمع العلماء على شيء يُعلم أنّ المعصوم داخل فيهم وإن لم يُعرف شخصه بعينه، وأنت تعلم أنّ هذا أمر لا سبيل إلى إحرازه أصلاً.
ونُقل عن شيخ الطائفة رحمهالله أنّه اللطف، بمعنى أنّ العلماء إذا أجمعوا على حكم يجب أن يكون موافقاً لقول الإمام عليهالسلام وإلاّ يجب عليه - لأجل قاعدة اللطف - الظهور أو إظهار مَن يبيّن الحق، فإذا لم يُحرز في المسألة المجمع عليها مخالفٌ يُستكشف منه رضى المعصوم عليهالسلام به.