6%

حصل اليقين منه من جهة الحدس.

تتمة

هل الخبر الواحد الجامع لشروط الحجية - المقرّرة في أُصول الفقه - يصح التعويل عليه في علم الكلام أم لا؟

فيه خلاف وكلام، والأكثر على الثاني بل عن ظاهر بعضهم نفي الخلاف فيه، والأظهر هو الأَوّل، فإنّ عمدة ما دلّ على حجية الخبر الواحد المذكور، هي السيرة العقلائية والأخبار المتواترة معنىً، وهما غير مختصتان بالفروع، فإنّ العقلاء كما يقبلون خبر الثقة في الأُمور العملية، كذلك يقبلونه في الأُمور الاعتقادية بلا شك، والأخبار المتواترة أيضاً غير مقيّدة، وما قيل في وجه التقييد غير متين، والتفصيل لا يناسب المقام (1) .

نعم تتوقّف حجيّته على أُمور:

1 - أن لا تكون المسألة ممّا يتوقّف عليه أصل الشرع وإلاّ لدار.

2 - أن لا يكون للعقل إلى مضمونه سبيل وإلاّ فلا موضوع للتعبّد به.

3 - أن لا تكون المسألة ممّا اعتبر العلم الوجداني في جواز الاعتقاد به شرعاً.

وفي الواقع التعويل على مستند هذا الخبر، وهو السُنة المدّعى تواترها والسيرة العقلائية القطعية، فليس هذا من العمل بالظن.

البحث الرابع: عمّا ينبغي أن يُجعل خاتمة لهذه الفائدة، وفاتحة لِما يأتي بعدها من المطالب.

فنقول: الصناعات الخمس ليست بأسرها مبادئ للبرهان القطعي والدليل العلمي، بل المبدأ له الضروريات منها وحدها، وإذن، لابدّ من رعاية تمييزها عن غيرها؛ لينتظم أمر الاستفاضة والإفادة في صقع تحصيل الحقائق والمعارف، لكن العلوم الموجودة التي ينالها فكر الإنسان لا تقدر على بيان هذا الميزان، فإنّ المنطق إنّما يفسّر مفهوم مواد الأقيسة، ويشرح أحكامها، ولا سلطان له على تشخيص المصداق وتعيين الأفراد؛ ضرورة أنّ انطباق مفاهيم المواد على مصاديقها ليس أمراً واضحاً، لا يمسّه الالتباس كما هو كذلك في الصور؛ ولذا لا يقع الاختلاف في أنّ القياس الفلاني من الشكل الأَوّل أو الثاني.

فإذن، لا مميّز بين الأقيسة وأنّ أيّاً منها برهاني، وأيّاً منها مشهوري وهكذا، ومن هنا ترى أحداً يدّعي أنّ هذا القياس برهاني، وهو شعري، والآخر يقول: إنّه خطابي، وهو برهاني وهكذا.

____________________

(1) لاحظ الأمر الخامس من الأُمور المذكورة في خاتمة مسألة الانسداد من كتاب الرسائل للشيخ الأنصاري رحمه‌الله .