6%

موجودة بسبب وجوده، لا محذور فيه، فتأمل جيداً.

الموقف الثاني: في صحة تلك الوجوه وسقمها

فنقول: أمّا الوجه الأَوّل فيزيّف بمنع استلزام كونه فاعلاً وقابلاً تركّبه، كما أشرنا إليه فيما مرّ وحقّ الجواب أنّه لا علّية في المقام؛ إذ الوجود - بناءً على أصالة الماهية - ليس أمراً متحقّقاً ومتأصّلاً، بل مفهوم انتزاعي على الفرض فلا يقع معلولاً كما هو ظاهر جداً.

وأمّا بناءً على أصالته فالماهية شيء اعتباري، فلا معنى لتأثّرها من الوجود تأثر المسبّب من سببه. ولعمري إنّ حديث العلّية في المقام ظاهر البطلان، ومنه ينبثق ضعف الوجه الثاني أيضاً؛ لابتنائه على تخيّل السببية.

وأمّا الوجه الثالث فيفسده أنّ إمكان الوجود الذاتي لا يستلزم إمكان زواله عن الماهية؛ لاحتمال وجوبه لها كالزوجية للأربعة، وبعبارة صناعية: أنّ الإمكان الذاتي لشيء لا ينافي وجوبه الذاتي على نحو مفاد (كان الناقصة).

وأمّا الوجه الرابع فهو متين؛ تصويباً لنظر الحكيم الشيرازي والشيخ السهروردي، إلاّ أنّ مفاده أنّ حقيقة الواجب هو الوجود لا الماهية، فالباحث وإن قال بأصالة الماهية في الممكن، لكن لابدّ له من القول بأصالة الوجود في الواجب من جهة هذا الدليل. وأمّا نفي الماهية المنتزعة عن الوجود الخاصّ الخارجي - كما هو محلّ الكلام - فلا نظارة للدليل إليه، فتأمّل.

أمّا الوجه الخامس فهو ممنوع بما لا يخفى على أهله، ويلحق به الوجه السادس أيضاً.

وأمّا السابع فضعفه لائح لمنع لزوم التركّب فيه؛ إذ حقيقة الواجب هو الوجود الخاص فقط أو الماهية فقط؛ إذ كلّ منهما - على القول بأصالة الآخر - أمر اعتباري محض، فلا موضوع للتركّب أبداً.

وأمّا الثامن فهو ساقط، فإنّه إن أُريد من الإحاطة الإحاطة من حيثية القدرة والعلم والفيض ونحوها، فالملازمة ممنوعة، وسند المنع واضح؛ وإن أُريد منها ما يتضمّنه قاعدة: إنّ بسيط الحقيقة كلّ الأشياء، فالتالي غير باطل بل سيأتي - في محلّه - أنّ القاعدة المذكورة باطلة ولو على القول بأصالة الوجود، نعم إنّ الله داخل في الأشياء لكن لا كدخول شيء في شي، كما أنه خارج منها لكن لا كخروج شيء من شيء، وتفصيل الكلام في غير المقام.

وأمّا التاسع فلا يتّسع؛ إذ الماهية وإن كانت - بسنخها - قابلةً للاكتناه بها، إلاّ أنّه ما لم يمنع عنه مانع كما في المقام؛ إذ عدم تناهيها يُبطل إمكان تعقّلها واكتناهها للمدرك المحدود، نعم لو التزمنا بوجود ممكن غير محدود فنلتزم بإمكان تعقّلها له.