12%

استنكر علىٰ أبي جعفر رفعه صوته عند قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلاً: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإنّ الله تعالىٰ أدّب قوماً فقال: ( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) ومدح قوماً فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ ) الآية... وذمّ قوماً فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ ) الآية... وإنّ حرمته ميتاً كحرمته حياً.

وعلىٰ هذا قال السبكي: دلّت الآية علىٰ الحث علىٰ المجيء إلىٰ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم، وذلك وإن كان ورد في حال الحياة، فهي رتبة له لا تنقطع بموته، تعظيماً له.

قال: والآية وردت في أقوام معينين في حالة الحياة، فتعمّ بعموم العلّة كل من وجد فيه ذلك الوصف في الحياة وبعد الموت، ولذلك فهم العلماء من الآية العموم في الحالتين، واستحبّوا لمن أتىٰ قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتلو هذه الآية ويستغفر الله تعالىٰ.

وحكاية العتبي - وهو من مشايخ الشافعي - مشهورة، وقد شهد أعرابياً جاء إلىٰ قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتلىٰ هذه الآية واستغفر وانصرف.. وقد حكاها المصنفون في المناسك من جميع المذاهب، والمؤرخون، وكلهم استحسنوها ورأوها من آداب الزائر وما ينبغي له أن يفعله (1) .

ثانياً: في السنّة النبوية:

في هذا المبحث فقرتان:

الأولىٰ: في اثبات مشروعية الزيارة في السنّة النبوية.

_________________________________

(1) شفاء السقام: 81 - 82.