فالزيارة وإن كانت بقصد القربىٰ فإنّ مقاصدها الرئيسية الثلاثة متحققة فيها علىٰ أي حال؛ من العبرة، والدعاء للميت، وأداء حقّه.
أمّا زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين فهي من القربات الأكيدة، كما ستأتي في ذلك الأحاديث الشريفة وكلمات الأعلام من علماء المسلمين.
وفي ( شفاء السقام ) جعل الزيارة من حيث مقاصد الزائرين أربعة أقسام، فذكر الثلاثة الأولىٰ التي استفدناها نحن من الحديث الشريف مباشرةً، ثمَّ جعل الرابع: التبرك بأهلها إذا كانوا من أهل الصلاح والخير.. وقال: مقصودنا أنّ زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره من الأنبياء والمرسلين للتبرك بهم مشروعة، وقد صرّح به (1) .
هكذا تعود الزيارة بفضائل جمّة علىٰ الفرد الزائر، وعلىٰ المجتمع الذي تسود فيه هذه القربة، من خلال تحقيق فرصة لا غنىٰ عنها في احياء القلوب بذكر الله تعالىٰ، وبذكر الموت والآخرة، وعلىٰ مستوىٰ قد لا يحققه شيء آخر إلّا نادراً.. وفي هذا المعنىٰ جاء حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما رأيت منظراً إلّا والقبر أفظع منه » (2) .
وتحقق، من ناحية أخرىٰ، روح احترام حقوق المؤمنين، بعضهم لبعض،
_________________________________
(1) شفاء السقام 86 - 87.
(2) المستدرك علىٰ الصحيحين 1: 526 / 1373.