فهو جامعٌ لكلِّ ما ورد في الكتب المقدسة - كما أُنزلت(1) - من حقٍّ وصدقٍ، بل وزيادة(2) ، ومهيمنٌ عليها، قال تعالى:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) (3) .
فما بالُكَ بـ (العهدين) اليوم! حيثُ ليسَ فيها إلاّ القليلِ من بقايا الوحي(4) ؟.
____________________
(1) كما أُنزلت كاملة غير ناقصة، وقبل أن تُمَدُّ لها أيادي العبث والتخريب.
(2) انظر: الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص22.
(3) سورة المائدة: آية 48.
(4) وسنقفُ على ذلك في محلّه. لكن لايُتَوهَّمُ أنَّ هذا القليل من بقايا الوحي يستطيعُ انسانٌ مثلنا الوقوف عليه وإحصائه والتمكُّن منهُ، كلاّ وألف كلاّ، لأنّه علمٌ شاسعٌ واسعٌ، دقيقٌ عميقٌ، وربما حيَّرت العلماء والباحثين فقرةٌ واحدةٌ من بقايا الوحي في العهدين فجعلتهم في بالغ الحيرة والدهشة وأُسقطَ ما في أيديهم، وذلك من خلال ربط هذه الفقرة بغيرها وعدم التمكن من تفسيرها على الوجه الصحيح كما في الفقرات الدالة على يوم الله العظيم في آخر الزمان، وخلطها خطئاً بالفقرات الدالة على يوم القيامة والفقرات والدالة على نزول عيسى بن مريم (ع)، وهذه مشكلةٌ لم يواجهها أصحاب الكتاب المقدس فحسب، بل انما وقعت عند العلماء والمفسرين والباحثين المسلمين، فقد خلط الكثير منهم بين يوم القيامة وبين يوم الله الأعظم (يوم منقذ العالم) وذلك واضحٌ في كتبهم.