ولما رجع العباس واخوته إلى الحسين وأعلموه بما أراده الماجن منهم، قام زهير بن القين إلى العباس وحدّثه بحديث.
فقال له: ألا أحدثك بحديث وعيته؟!
قال العباس عليهالسلام : بلى حدثني به.
قال زهير: اعلم يا أبا الفضل إنّ أباك أمير المؤمنين عليهالسلام طلب من أخيه عقيل - وكان عارفاً بأنساب العرب وأخبارها - أن يختار له امرأة ولدتها الفحولة من العرب وذوو الشجاعة منهم؛ ليتزوجها فتلد له غلاماً فارساً شجاعاً ينصر الحسين بطف كربلاء، وقد ادخرك أبوك لمثل هذا اليوم فلا تقصر عن نصرة أخيك وحماية أخواتك.
فثارث غيرته الهاشمية وتفجرت همته العلوية، فتمطى في ركابه حتى قطعه وقال: يا زهير تشجعني هذا اليوم، فوالله لأرينك شيئاً ما رأيته (1) .
فجدل أبطالاً ونكس رايات في حالة لم يكن همه القتال ولا منازلة الأبطال، بل كان همه إيصال الماء إلى الأطفال، ولكن لا مردّ للقضاء ولا دافع للأجل المحتوم.
وقع العذاب على جيوش أمية | من باسل هو في الوقائع معلم | |
ما راعهم إلّا تقحم ضيغم | غيران يعجم لفظه ويدمدم | |
عبست وجوه القوم خوف الموت | والعباس فيهم ضاحك متبسم | |
قلب اليمين على الشماء وغاص في | الأوساط يحصد في الرؤوس ويحطم | |
قسماً بصارمه الصقيل وإنني | في غير صاعقة السما لا أقسم | |
لو لا القضا لمحا الوجود بسيفه | والله يقضي ما يشاء ويحكم (2) . |
__________________
(1) أنظر: الخصائص العباسية: 247، مقتل الحسين (للمقرم): 794.
(2) الخصائص العباسية: 249.