فلما سمع العباس ذلك رمق بطرفه إلى السماء وقال: إلهي وسيدي أريد أن أعتد بعدتي وأملأ لهؤلاء الأطفال قربة من الماء، فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة في كفه وقصد الفرات.
وفي بعض مقاتل أصحابنا: انّه لما نادى الحسين عليهالسلام : أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله » خرج اليه أخوه العباس، وقبّل بين عينيه وودعه وسار إلى الشريعة، وإذا دونها عشرة آلاف فارس مدرعة، فلم يهوّلوه، فصاحت به الرجال من كل جانب ومكان: من أنت؟
فقال: أنا العباس بن علي بن أبي طالب....
ودخل المشرعة وهمّ أن يشرب فذكر عطش أخيه الحسين فلم يشرب، وحط القربة عن عاتقه واستقبل القوم يضربهم بسيفه كأنه النار في الأخطار وهو يقول:
أنا الذي أعرف عند الزمجرة | بابن علي المسمى حيدرة | |
فاثبتوا اليوم لنا يا كفرة | لعترة الحمد وآل البقرة (1) |
في «معالي السبطين» عن كتاب «عدّة الشهور»:
لما كانت ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان وأشرف علي عليهالسلام على الموت أخذ العباس وضمه إلى صدره الشريف وقال: ولدي وستقر عيني بك في يوم القيامة، ولدي إذا كان يوم عاشوراء ودخلت المشرعة إياك أن تشرب الماء وأخوك الحسين عليهالسلام عطشان (2) .
أجل؛ لقد وصل العباس إلى المشرعة، وأقحم الماء فرسه، وملأ كفه بالماء،
__________________
(1) إكسير العبادات: 335 المجلس 10.
(2) معالي السبطين 1 / 454 المجلس 21.