قالت: أو ما عرفتني، إنّي أم البنين عليهاالسلام .
فقالت فضة: لقد صدقت سيدتي في ظنها وإنّك - والله - كما تقولين، أم المصيبة العظمى والفاجعة الكبرى، ثم فتحت لها الباب.
فلمّا دخلت استقبلتها زينب واعتنقتها وبكت وقالت: عظم الله لك الأجر في أولادك الأربعة.
قالت: وأنت عظم الله لك الأجر في الحسين عليهالسلام وفيهم، وبكت وبكى من كان حاضراً (1) .
روى أحمد بن عيسى عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام مسنداً قال: إنّ زيد بن رقاد الجهني وحكيم بن الطفيل الطائي، قتلا العباس بن علي.
وقال أبو الفرج الاصفهاني: وكانت أم البنين عليهاالسلام أم هؤلاء الأربعة الاخوة القتلى تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة وأحرها فيجتمع الناس اليها يسمعون منها، فكان مروان يجيء فيمن يجيء لذلك فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي (2) (3) .
__________________
(1) مولد العباس لمحمد علي الناصري: 44.
(2) لقد كانت ندبة أم البنين عليهاالسلام مشجية «صم الصخور لهولها تتألم» ولكن ذلك لا يعني أبداً أن يرقّ قلب الوزغ ابن الوزغ مروان ابن الحكم، فقد يستفاد من قول أبي الفرج أن ندبة أم البنين كانت محرقة للقلوب بحيث تأثر بها مروان على قساوته إلّا أن هذا مما لا يمكن تصويره في حق هذا اللعين، وهو الذي حارب أهل البيت عليهمالسلام ولم يفتر عن حربهم لحظة من عمره المشؤوم، وهو الذي ألّب عليهم وحرض وكاد لهم أحياءً وأمواتاً، وهو المتشفي بقتل الحسين عليهالسلام وقد أظهر الفرح والشماته بقوله لما نظر إلى رأس الحسين عليهالسلام :
يا حبذا بردك في اليدين | ولونك الأحمر في الخدين | |
كأنه بات بعسجدين | شفيت نفسي من دم الحسين |
(3) مقاتل الطالبيين: 90 ذيل ترجمة العباس عليهالسلام .