وهكذا خطبها عقيل، ثم أجرى النكاح وكالة عن أخيه أمير المؤمنين عليهالسلام ، فاستعدت أم البنين فاطمة بنت حزام للرحيل إلى بيت الإمام عليهالسلام .
ولما دخل بها الامام عليهالسلام وجدها إمرأة ذات عقل وإيمان وأدب، ورأى فيها ما أسرّه من الحسن والجمال والهيئة والكمال، حيث كانت أم البنين عليهاالسلام من النساء الفاضلات العارفات بحقّ أهل البيت عليهمالسلام ، كما كانت فصيحة بليغة لسنة ورعة ذات زهد وتقى وعبادة.
وبلغ من عظمها ومعرفتها وتبصرها بمقام أهل البيت عليهمالسلام أنها لما دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام وكان الحسنان مريضين أخذت تلاطف القول معهما، وتلقي اليهما من طيب الكلام ما يأخذ بمجامع القلوب، وما برحت على ذلك تحسن السيرة معهما وتخضع لهما كالأم الحنون.
ولا بدع في ذلك فانها ضجيعة شخص الايمان، قد استضاءت بأنواره وربت في روضة أزهاره، واستفادت من معارفه، وتأدبت بآدابه، وتخلقت بأخلاقه (1) .
أم البنين هي تلك المرأة التي كان يريدها علي عليهالسلام ، إمرأة وقور، تقعد في بيتها وتربي له رجالاً أشاوس، وفرسان أقوياء من أمثال أبي الفضل العباس عليهالسلام الذي ضرب المثل الأعلى في الشجاعة والمواساة والاقدام والوفاء، وخاض لجج الموت، واقتحم غمرات الحروب، وجال بين صفوف الأعداء في ساحات الوغى منذ بدايات شبابه، وهو لا يهاب الموت، ولا يعبأ بوميض السيوف ورؤوس الحراب الخاطفة كالبرق.. كان قلبه أشدّ من زبر الحديد أمام الأعداء.
* * *
__________________
(1) العباس للمقرم: 133.