ويقول في ذلك بعض من رثاه:
أبا الفضل يا من أسس الفضل والابا | أبي الفضل إلّا أن تكون له أبا |
وطابقت هذه الكنية حقيقة ذاته العظيمة، فلو لم يكن له ولد يسمّى بهذا الاسم، فهو - حقاً - أبو الفضل ومصدره الفياض، فقد أفاض في حياته ببره وعطائه على القاصدين لنبله وجوده، وبعد شهادته كان موئلاً وملجأً لكلّ ملهوف، فما استجار به أحد بنية صادقة إلّا كشف الله ما ألم به من المحن والبلوى.
ومن كناه أيضاً: «أبو القاسم» وكنّي بذلك لأن له ولداً اسمه «القاسم»، ذكر بعض ال مؤرخين أنّه استشهد معه يوم الطف، قدّمه العباس قرباناً لدين الله وفداءً لريحانة رسول الله (1) .
وأبى إلّا أن يكون قد واسى الحسين أخاه في كلّ شيء حتى في الفجيعة بولده وفلذة كبده.
كان أمير المؤمنين عليهالسلام معلم البشرية ومربّيها؛ سيما المجتمع الاسلامي الذي ساقه عليهالسلام إلى ذرى الانسانية الشماء.
وقد قدم عليهالسلام دروس الشهامة والفضيلة والكمال لمحبيه وشيعته، وخصّ بذلك أيضاً أبناءه عليهالسلام ، وقد ربّى ولده أبا الفضل العباس عليهالسلام - وكان غايته من زواجه بأم البنين عليهاالسلام - أحسن تربية، فأفاض عليه مكونات نفسه العظيمة العامرة بالايمان والمثل العليا، وأفاض عليه آداب الاسلام وعلوم القرآن والحديث والفضائل الاخلاقية، ولم يمنعه أي فيض من فيوضاته، فعلمه الزراعة والفروسية والرماية والمجالدة بالسيف، وشركه في حروبه الثلاثة - الجمل وصفين والنهروان - فعلّمه
__________________
(1) انظر العباس رائد الكرامة.