5%

على تجربة الحرب وخوض ساحات الوغى والمنون، حتى طار صيته في الآفاق، وصار العباس وشجاعته مثلاً تسير به الركبان، ويتحدّث به العرب في أنديتهم.

وفي الساعات الأخيرة من حياته الشريفة أخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام يد العباس عليه‌السلام ووضعها في يد أخيه الحسين عليه‌السلام وأوصاهم بوصاياه المهمة.

العباس عليه‌السلام مع أخيه الحسين عليه‌السلام :

لما استشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام انتقلت ودائع الامامة إلى ولده الحسن عليه‌السلام ، السبط الأكبر للنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتلقّد شيعته وأهل بيته، بل والمسلمون جميعاً قلادة الاطاعة لإمام زمانهم عليه‌السلام .

وكان العباس عليه‌السلام واقفاً إلى جنب أخيه في الحربين مع معاوية، ثابت القدم، راسخ الايمان، مما أكسبه تجارب عظيمة، وخبرة كبيرة في جفاء القوم وخيانة رؤوسهم وقادتهم.

فلما اتخذ الامام عليه‌السلام قرار «الصلح» مع معاوية - بناءً على المصلحة وعملاً بالأمر الالهي - أطاعه العباس عليه‌السلام في ذلك وسلّم لأمر إمامه، ومضت عشرة سنوات في الهدوء الظاهر، والصمت المخيم على الموقف التزاماً بالصلح، وإطاعة للامام حتى استشهد الامام المجتبى عليه‌السلام .

فتمادى الأمويون بالشر، وظهرت خفايا نفوسهم المنطوية على الحقد والعداء لآل البيت، فقد مانعت عائشة ووقف مروان بكلّ صلف ودناءة ليحولوا دون أن يدفن سبط النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وريحانته عند جدّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوعزوا إلى عملائهم برمي جنازة الامام، فرموها بقسيّهم وسهامهم، وكادت الحرب أن تقع بين الهاشميين والأمويين، وأسرع أبو الفضل العباس إلى مناجرة الأمويين وتمزيقهم، ومدّ يده القوية إلى سيفه البتار، فمنعه أخوه الامام الحسين عليه‌السلام من القيام بأي عمل إمتثالاً لوصية أخيه حيث