فالتفت إليه أبو الحسن عليهالسلام فقال له: « إن أقرب عَرضي إياك على اللّه البارحة، وما كنت لأعرضنك عليه ثم لأشكونك إلى غيره من خلقه . فانكبّ عليه بريحة وضرع إليه واستعفاه. فقال له: قد عفوت عنك » (1) . وهكذا تجد بريحة لا يعبأ بشكوى الامام الى الله سبحانه، ويتهدده اذا هو اشتكى عند المتوكل، ورغم ذلك تجد الامام عليهالسلام يعفو عنه ويسامحه رغم دوره السيئ في الوشاية والافتراء على الامام عليهالسلام ، وهذا هو خلق أهل البيت عليهمالسلام وسماحتهم لمن ساء إليهم.
روى ثقة الاسلام الشيخ الكليني بالاسناد عن أبي هاشم الجعفري، قال: « دخلت على أبي الحسن صاحب العسكر عليهالسلام ، فجاء صبي من صبيانه فناوله وردة، فقبّلها ووضعها على عينيه ثم ناولنيها، وقال عليهالسلام : يا أبا هاشم، من تناول وردة أو ريحانة فقبلها ووضعها على عينيه، ثم صلى على محمد وآل محمد، كتب الله له الحسنات مثل رمل عالج، ومحا عنه من السيئات مثل ذلك » (2) .
حظي الإمام الهادي عليهالسلام بمنزلة رفيعة ومكانة اجتماعية مرموقة، تتمثّل بوافرٍ من التعظيم الذي يكنّه له غالب من عاصره، ولو استعرضنا ما نقله كتّاب سيرته عليهالسلام يتبيّن لنا سموّ مكانته في المجتمع الاسلامي آنذاك، وأنّ أعداءه
__________________
(1) إثبات الوصية: 233.
(2) الكافي 6: 525 / 5 كتاب الزي والتجمل باب 63.