21%

المقدمة

الحمد للّه ربّ العالمين، وسلامه على عباده المصطفين محمد وآله الهداة الميامين.

وبعد: إنّ البحث في سيرة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام وتاريخهم يسهم في تأصيل الوعي الرسالي في ضمير الاُمّة، وتصحيح مسار الرسالة من حالات الانحراف الفكري؛ لأنهم قادة الرسالة والقدوة الحسنة المتميزة بخصائص العظمة والاستقامة، وهم الامتداد الواقعي لنهج النبوة وسيرتها المعطاء، وهم الحُماة الاُمناء لمفاهيم الرسالة وعقائدها من حالة التردي والتحريف والضلال.

وعلى الرغم من إقصاء وتغييب رموز القدوة الحسنة عن التواصل مع حياة الاُمّة السياسية والاجتماعية وملاحقتها وعزلها عن قواعدها، فقد تمسكت بهم غالبية الاُمّة ومنحتهم مظاهر الودّ والثقة، لما لمسته من سيرتهم الغنية بالعطاء ودورهم المشرف في جميع المستويات.

وفي عهد الامام الهادي عليه‌السلام تصدى الخلفاء العباسيون - كالعادة - لمدرسة الأئمّة عليهم‌السلام وشيعتهم، فطوقوا الإمام بحصار شديد ورقابة صارمة، وتربصوا به وبأصحابه، حتى انه يمكن القول إن هذه الفترة من أشد فترات التاريخ وأكثرها ضراوةً وعنتاً على الامام الهادي عليه‌السلام وأصحابه، بسبب الحقد السافر الذي يكنّه المتوكل لأهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو الذي حرث قبر الامام الحسين عليه‌السلام وعفاه، ووضع المسالح حوله ليمنع من زيارته، وقرّب في بلاطه الحاقدين ممن يدينون بالنصب، وفرض على الامام عليه‌السلام أقصى حالات العزل والاقصاء، حيث استدعاه إلى عاصمة بلاطه في رحلة مضنية من المدينة المنورة إلى سامراء،