كان المتوكل يعمد الى الطلب من بعض الفقهاء والعلماء أن يمتحنوا أبا الحسن عليهالسلام بمسائل غامضة صعبة لعلّه لا يهتدي الى جوابها، فيكون ذلك ذريعة للتشهير به وسبباً في الحط من شأنه أمام أولئك العلماء.
ذكر ابن شهرآشوب أن المتوكل قال لابن السكيت: اسأل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي، فسأله ابن السكيت وأملى الامام عليهالسلام عليه جواب تلك المسائل جواباً شافياً فوت به الفرصة على المتوكل من أن ينال منه، وأظهر طاقاته العلمية الهائلة التي هي إحدى العناصر البارزة في معالم شخصيته العظيمة.
ثم أن يحيى بن أكثم ندد بابن السكيت وبإمكانيته في المناظرة، قائلاً: ما لابن السكيت ومناظراته، وإنما هو صاحب نحو وشعر ولغة، ورفع قرطاساً فيه مسائل عديدة، فأملى أبا الحسن عليهالسلام على ابن أكثم جوابها جميعاً.
وصرح الامام عليهالسلام في أول الجواب بغرض ابن أكثم من تلك المسائل قائلاً: « بسم الله الرحمن الرحيم، وأنت - فألهمك الله الرشد - أتاني كتابك، فامتحنتنا به من تعنتك لتجد إلى الطعن سبيلاً إن قصرنا فيها، والله يكافيك على نيتك، وقد شرحنا مسائلك، فأصغ إليها سمعك، وذلل لها فهمك، واشغل بها قلبك، فقد لزمتك الحجة والسلام » (1) . فهو عليهالسلام على احاطة تامة بمحاولات رجال السلطة وفقهاء البلاط وأغراضهم المبيتة.
__________________
(1) الاختصاص / الشيخ المفيد: 91، تحف العقول / الحراني: 476، المناقب / ابن شهر آشوب 4: 404.