ملاحظة في الختام
وبعدُ، فإن كل واحد من أئمة العترة النبوية الإثني عشر صلوات الله عليهم، عالَمٌ متكاملٌ، وصرحٌ شامخٌ، واسعُ الأرجاء، غنيُّ الجنبات، فريدُ العمارة، قال له ربه: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي.
ويصعب عليك أن تلمس هذا التوصيف حتى تتشرف بأعتابه، وتدخل الى رحابه، فترى العجب العجاب! وهكذا كانت رحلتي مع الإمام الهادي (ع).
قرأت له وعنه أكثر من أربع مجلدات، ولو أردت أن أكتب مسترسلاً في البحث والتحليل لكتبت في سيرته بضع مجلدات، لكني هدفي أن أقدم لقارئي باقةً عن الإمام الهادي (ع)، أنتقي لها من زهوره أجملها وأغلاها. وهنا الصعوبة.
فهل أختار قطافاً من التحليل السياسي لخطين: خط الحكام، وخط الأئمة (ع)، وآخذ في تحليل برنامج كل منهما وفعالياته وأهدافه، وما أنجزه، وما لم ينجز.
أم أقارن بين شخصيتين: أحدهما عليه أنوار الله وخشوع أوليائه، يلهج بآيات ربه، ليلَهُ ونهارَه، وينشر بركته في الناس، حِلَّهُ وترحالَه.
وآخر سمى نفسه خليفة، جالسٌ على طُنفسة، وحوله ستائر حرير وديباج، وجنودٌ واقفون بالحراب، وهو جائع متعطش لأن يأمر وينهى.
ثم يجثو على مائدة طعامه، فيختار ويختارون له، من مئات الأصناف، ما يملأ معدته الى بابها، ثم يشرب عليه تسعة أرطال من النبيذ!