25%

توقف لابدّ منه:

ربما يخفى على البعض من القرّاء الكرام أنّ الباحث والمحقق قد تستوقفه في أحيان ما بعض المحطات والمفارقات الممجوجة والمثيرة للاستهجان والاستغراب، والتي يقف أمامها حائراً متعجباً يحاول جاهداً أنْ يجد لها تبريرا تستكين اليه نفسه وتستقر من خلاله.

نعم، ولعل من تلك المفارقات الغريبة التي استوقفتني كثيراً في تحقيقي لهذا المبحث الهام ما كان متعلقاً منه بترجمتي لحياة هذا العلم - المتسامي في سماء الطائفة - الاغفال الغريب لتأريخ ولادته ونشأته، بل والتضارب البين في تحديد مصدر نسبته التي طبق صيتها الآفاق، واصبحت سمة لا يعرف عند الكثيرين الاّ بها.

ولا اريد هنا أنْ أجد تبريراً لعلة هذا الاخفاق والاضطراب، قدر ما أردت الاشارة الى كونه قصورا بينا لا مناص لنا من التسليم به والاقرار بحقيقته، والعمل على تلافيه وادراك ما سقط منه.

بلى، بيد أن ما يختص بالقسم الأول من ذلك القصور - أيّ ما يتعلق بتأريخ ولادته - فاستطيع الجزم بأنه لا يتأتى الا احتمالاً واجمالاً، حيث لم أجد ما بحثت اشارة ولو بعيدة اليها، فلم يبق الا استقراء الشواهد المختلفة المبثوثة في طيات الكتب وترتيبها وفق التسلسل المنطقي لواقع الحال وصولا الى أقرب النتائج الموافقة للحقيقة.

فعند استقرائي لبعض مؤلّفات الشيخ الكراجكي - وبالتحديد في كتابه الذائع الصيت والموسوم بكنز الفوائد - وجدته مزداناً باشارات متكررة لتواريخ خاصة بروايته عن بعض شيوخه أو غيرهم، وأماكن تلك الروايات، ولما كان بحثنا يتعلق بالشطر الأول منها، فقد عمدت الى استقصاء موارد الروايات هذه