25%

الجواب عن السؤال الثاني:

وأمّا الحجّة على أن لفظة « مولى » تحتمل « أولى » وانها احد أقسامها، فليس يطالب بها أيضاً منصف كان له أدنى الاطلاع في اللغة، وبعض الاختلاط بأهلها، لأنّ ذلك مستفيض بينهم، غير مختلف عندهم، وجميعهم يطلقون القول فيمن كان أوْلى بشيء أنّه مولاه.

وانا أوضّح لك أقسام « مولى » في اللسان لتعلمها على بيان.

اعلم أنّ لفظة « مولى » في اللغة تحتمل عشرة أقسام:

أوّلها: « الأوْلى »، وهو الاصل الذي ترجع إليه جميع الأقسام، قال الله تعالى: ( فاليَومَ لا يُؤخَذُ مِنكُم فِديَةٌ وَلا مِنَ الّذينَ كَفَروُا مأواكُمُ النارُ هِيَ مَولاكُم وَبئسَ المَصِيرُ ) (15) .

يريد سبحانه هي أوْلى بكم على ما جاء في التفسير (16) وذكره أهل اللغة (17) .

وقد فسّره على هذا الوجه أبوعبيدة معمّر بن المثنّى (18) في كتابه المعروف

__________________

(15) الحديد 57: 15.

(16) تفسير الطبري 27: 131، الكشّاف 4: 64، زاد المسير الكبير للرازي - 29: 227.

(17) معاني القرآن - للفرّاء - 3: 134، معاني القرآن - للزجاج - 5: 125، الصحاح - ولي - 6: 2528.

(18) معمّر بن المثنّى التيمي، تيم قريش، أو تيم بني مرّة على خلاف بينهم، وهو على القولين معاً مولى لتيم، وقد اختلفوا في مولده، ولعلّ الأقرب إلى الصحّة أنّه ولد سنة 110 ه‍، ولم تذكر المراجع اين ولد، إلا أنّها تصفه في عداد علماء البصرة، ارتحل إلى بغداد سنة ثمانية وثمانين ومائة حيث جالس الفضل بن الربيع وجعفر ابن يحيى وسمعا منه، وتكاد تتفق كلمات أصحاب المراجع على أنّه كان من الخوارج، وأنه كان يكتم ذلك ولا يعلنه، ولكن يبدو أنّهم اختلفوا في الفرقة التي ينتمي إليها، فمنهم من يقول: أنّه كان صفريا، في حين يذهب الآخرون إلى أنّه كان من الإباظية.

عاصر من علماء اللغة: الأصمعي وأبا زيد، وله معهم مناظرات متعدّدة، كان يرجّحه الباحثون في كثير منها عليهما.

توفّي نحو سنة 210 ه‍، وقيل: لم يحضر جنازته أحد لأنّه كان شديد النقد لمعاصريه.

اُنظر: فهرست النديم: 59، تأريخ بغداد 13: 254، معجم الاُدباء 9: 154 تذكرة الحفّاظ 1: 371. ‎