7%

إلى جنة المأوى

لقد أجهد الإمام نفسه إجهادا كبيرا وحملها من أمره رهقا من كثرة عبادته وعظيم طاعته. أجمع المؤرخون أنه (ع) قد قضى معظم حياته صائما نهاره ، قائما ليله حتى وصل بعبادته وتهجده وتخضعه إلى درجة الفناء الكامل في الله ...

في الوقت نفسه كانت تلاحقه ذكريات كربلاء المؤلمة ، وما جرى لأبيه سيد الشهداء (ع) ولأهل البيت من النكبات الكبيرة والخطوب المريرة. وهل بإمكانه أن ينسى كلما نظر إلى عماته وأخواته فيتذكر فرارهن يوم الطف من خيمة إلى خيمة ، ومنادي القوم ينادي : أحرقوا البيوت. كل هذه الذكريات الأليمة تثير أشد الحزن في نفسه فيحزن ويذرف الدموع الحارة.

لقد بكى على أبيه عشرين سنة حتى قال له مولاه : إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين. فقال (ع) : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة(1) .

ومن الطبيعي أن لذلك كله أثرا مباشرا على صحته التي أذابتها هذه

__________________

(1) زين العابدين للمقرم ، ص 363. عن الخصال ، ج 1 ، ص 131.