3%

واعلن الامام (ع) بهذه المناجاة الحزينة عن تظافر الأمة على هضم وديعة النبي6 في الوقت الذي لم يطل فيه غيابه ، ولم ينقطع ذكره ويطلب منه أن يستقصي في السؤال من بضعته لتخبره بما جرى عليها بعده من الشؤون والشجون ، وتعرفه بما لاقته من الظلم والاذى والاضطهاد يصغي الامام الحسن7 الى هذه المناجاة الحزينة من أبيه فتلم به آلام مبرحة ، ويحف به حزن مرهق ، وتضاعف حزنه وشجاه حينما رأى أعز ما في الحياة عنده أمه الرءوم قد عاشت في هذه الدنيا وعمرها كعمر الزهور ، وفاجأها الموت وهي في شبابها الغض الاهاب ، وقد حملت على الآلة الحدباء فى غلس الليل البهيم ولم يحضر أحد من المسلمين تشييعها عدا نفر قليل ، وهي بضعة النبي6 وريحانته ، ووديعته في امته واعز من أحب من أبنائه وبناته ، وقد ذاق من هذه الكوارث وهو فى دوره الباكر مرارة الحياة ، وصار قلبه موطنا للهموم ، ومركزا للاحزان والشجون.

اعتزال الامام

وانصرف امير المؤمنين7 بعد أن ودع بضعة الرسول6 في الثرى ، وهو يبكي أمر البكاء ، وعاد الى البيت وهو كئيب حزين ، ينظر الى اطفاله وهم يندبون امهم ويبكون على فادح المصاب ، فتهيج أحزانه ، وتزداد آلامه ، ويشاهد حقه وتراثه فيرى الرجال قد تناهبوه فتلم به الكوارث والخطوب ، فآثر7 العزلة ، واحب الخلود الى السكون في داره ، وقد اعتزل7 عن الناس فصار جليس بيته ، لا يجتمع بالناس ، ولا يجتمعون به قد اعرض عن القوم ، واعرضوا عنه ، لا يراجعهم ، ولا يراجعونه ، ولا يشار كونه فى جميع الامور اللهم إلا إذا حلت في ناديهم مشكلة لا يعرفون جوابها ، ولا يهتدون لحلها ، فزعوا إليه ليكشف لهم الستار عنها ، وكان7 تارة يتولى جواب ذلك