فزجره عثمان وصاح به :
« وإنك هناك يا ابن النابغة؟ قملت والله جبتك منذ تركتك من العمل؟ »
وارتفعت من جميع جنبات المسجد أصوات الانكار وهي ذات لهجة واحدة
« اتق الله يا عثمان اتق الله. »
فانهارت قواه ، ولم يجد بدا من أن يعلن التوبة على هذا الإفك ، ونزل عن المنبر ومضى الى منزله(1)
وهذه البادرة تدل على ضعفه ، وهزال ارادته ، وتلاعب مروان فى شئونه ، وسيطرته على جميع اموره ، وأنه لا قدرة له على مخالفته ، والتغلب عليه.
ولما ازداد نشاط الثوار ، وحاصروه فى داره استنجد بمعاوية ، واستغاث به ، وكتب إليه هذه الرسالة :
« أما بعد : فان اهل المدينة قد كفروا ، وخلعوا الطاعة ، ونكثوا البيعة ، فابعث إلي من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول »(2) وتربص معاوية حينما اطلع على الكتاب فلم يندفع الى نصرته واجابته وتنكر للأيادي التي اسداها عليه ، وعلى اسرته.
ولما ابطأ معاوية على عثمان ، ولم يقم بنجدته بعث عثمان رسالة الى يزيد بن اسد بن كرز وإلى أهل الشام يستفزهم ويحثهم على الخروج
__________________
(1) تأريخ الطبري 5 / 110 ، الانساب 5 / 74
(2) تاريخ اليعقوبي 2 / 152 الكامل لابن الاثير 5 / 67