7%

الحرب العامة :

واستمرت المناوشات بين الفريقين أمدا غير يسير من دون أن تقع بينهما حرب عامة ، وقد سئم كل منهما هذه المطاولة التي لم تكن تجدي شيئا فانه لم يكن هناك أي أمل في الاصلاح والوئام وجمع الكلمة ، وإنما كانت هذه المطاولة تزيد الفتنة امتداد والشر انتشارا ، فلما رأى الامام ذلك عبأ أصحابه وتهيأ للحرب العامة ، ولما رأى معاوية ذلك فعل مثل فعله ، والتقى كل منهما بالآخر ، وبادر الحسن ليحمل على صفوف أهل الشام فلما بصر به الامام ذهل وأريع وقال لمن حوله :

« املكوا عنى هذا الغلام لا يهدنى(1) فانني أنفس(2) بهذين ـ يعنى الحسن والحسين ـ لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله(3)

واستعرت نار الحرب ، واشتد أوارها حتى جفل الناس وخيم عليهم الذعر والموت ، وقد انكشفت ميمنة الامام ، وتضعضع قلب الجيش وبدت الهزيمة فيه فدعا سهل بن حنيف فلما مثل بين يديه أمره أن يلتحق بمن معه في الميمنة ، فامتثل ما أمر به فحملت عليهم جيوش أهل الشام فكشفتهم ورجعوا منهزمين الى الميسرة ، وانكشفت عن الميسرة مضر وثبتت ربيعة فيها ، وإن قائلهم ليقول : « يا معشر ربيعة ، لا عذر لكم بعد اليوم عند العرب إن أصيب أمير المؤمنين وهو فيكم. »

تحالفت ربيعة على الموت وثبتت فى الميدان وهي رابطة الجاش لا تبالى

__________________

(1) يهدني : اي يهلكني.

(2) انفس : ابخل.

(3) نهج البلاغة محمد عبده 2 / 212