« ما كذبت ، ولا كذبت ، ويحكم!! التمسوا الرجل فانه في القتلى »
فانطلقوا يفتشون عنه ، فظفر به رجل من اصحابه بين القتلى ، فمضى يهرول فأخبر الامام به فقال : « الله اكبر!! ما كذبت على محمد ، وإنه لناقص اليد ليس فيها عظم في طرفها حلمة مثل ثدي المرأة عليها خمس شعرات أو سبع رءوسها معقفة »
وأمر باحضار جثته ، فاحضرت له فتبين عضده فاذا على منكبه ثدى كثدي المرأة وعليه شعرات سود تمتد حتى تحاذي بطن يده الأخرى فاذا تركت عادت الى منكبه ، فلما رأى ذلك خرّ لله ساجدا ، ثم قسم بين اصحابه سلاح الخوارج ودوابهم ، ورد الأمتعة والعبيد الى أهليهم(1) وبذلك انتهت حادثة النهروان.
واعقبت حادثة صفين والنهروان أعظم المحن والمشاكل واغرقت البلاد في الاحداث والخطوب ، وقد اوجبت خذلان الامام وولده الحسن في دوره ، ونشير الى بعضها :
لقد منى الجيش العراقي عقيب الحادثتين بالانشقاق والتمرد ، والضعف والسئم من الحرب وسبب ذلك يرجع الى كثرة من قتل منه ، وان القتلى كانوا ينتمون الى تلك الكتائب العسكرية فشاع فيها الحزن وانتشر الجزع والتذمر ، واصبح الجيش على أثر ذلك يسأم من الحرب ، ويحب السلم ويؤثر العافية ، وقد ظهر ذلك بوضوح حينما أراد الامام أن يزحف الى
__________________
(1) مروج الذهب 2 / 385