الفرض فأقاموه ، أحيوا السنة ، وأماتوا البدعة ، دعوا للجهاد فأجابوا ووثقوا بالقائد فأتبعوه(1)
لقد ذابت نفسه أسى على فقده لهذه الصفوة التي عرفت مكانته ووعت أهدافه ، وسارت على ضوء إرشاداته القيمة وتعاليمه الرفيعة حتى صارت أمثلة للكمال والتهذيب والسمو ، ولما طحنت هؤلاء المثاليين حرب صفين صار الامام أعزلا لا يجد أحدا في ذلك المجتمع الهزيل يسانده ويساعده على تحقيق ما يصبو إليه فى هذه الحياة من إصلاح المجتمع ونشر ألوية العدالة والمساواة بين الناس ، وأما خصمه معاوية فانه لم يخسر فى حرب صفين أحدا من بطانته والدهاة الذين عنده بل انضم إليه جمع كثير من الذين باعوا ضمائرهم عليه حتى قوي أمره.
لقد درس معاوية نفسية الجيش العراقي ووقف على تخاذله وعدم انقياده للامام فجعل يحتل الاقطار الاسلامية قطرا بعد قطر فبعث جيشا جرارا لاحتلال مصر التي هي أمل ابن العاص وبغيته ، فاحتلها وقتل حاكمها الطيب محمد بن أبي بكر قتلة مروعة ، والعراقيون متقاعسون عن إجابة الامام والنهوض معه الى رد هذا العدوان.
وبعث جيشا آخر بقيادة الوغد الأثيم بسر بن أبي أرطاة(2) لاحتلال الحجاز واليمن ، فتوجه القائد القاسي الى المدينة وكان حاكمها أبا أيوب
__________________
(1) نهج البلاغة محمد عبده 2 / 130.
(2) بسر بن ابي ارطاة القرشي واسم ابي ارطاة عمير ، وقيل عويمر العامري وقد ارتكب هذا الجافي من الجرائم والآثام ما لا يرتكبه احد ، منها قتله ولدى عبيدي الله بن العباس ، وهما عبد الرحمن وقثم وكانا