واسلمتني ، فحينئذ لا يطيش السهم ولا يبرأ الكلم »(1)
ولما أطل على الوجود شهر رمضان ، أفضل الشهور ، واعظمها حرمة وقدرا عند الله حتى نسب إليه فقيل شهر الله ، كان الامام على علم بانتقاله إلى حضيرة القدس في ظرف هذا الشهر العظيم ، فكان يتناول طعام الافطار الليلة عند الحسن ، وأخرى عند الحسين ، ومرة عند عبد الله بن جعفر وهو لا يزيد فى طعامه على ثلاث لقم ، ويحدث عن السبب فى قلة اكله قائلا : « أحب أن يأتيني أمر الله ، وأنا خميص البطن »(2)
ولما أقبلت الليلة الثامنة عشرة من شهر رمضان اضطرب الامام أشد الاضطراب ، فجعل يمشي في صحن الدار وهو محزون النفس خائر القوى ينظر إلى الكواكب ويتأمل فيها فيزداد همه وحزنه ، وهو يقول متنبّئا عن وقوع الحادث الخطير في تلك الليلة :
« ما كذبت ، ولا كذبت ، إنها الليلة التي وعدت فيها »(3)
وبقي «ع» طيلة تلك الليلة ، قلقا حزينا يناجي ربه ويطلب منه المغفرة والرضوان ، ويتلو آى الذكر الحكيم ، وقبل أن تشرق أنوار الفجر وينسلخ ظلام الليل القاتم ، أقبل فسبغ الوضوء ، ولما عزم على الخروج من بيته الى مناجاة الله وعبادته في بيته الكريم صاحت في وجهه وز(4)
__________________
(1) طاش السهم : اي جاوز الهدف ولم يصبه : الكلم : بالفتح الجرح جمعه كلوم وكلام.
(2) تأريخ ابن الاثير ج 3 ص 168.
(3) الصواعق ص 80.
(4) الوز : نوع من الطيور.