16%

من أسقامها الفتاكة بالفرد والمجتمع ، مكتفين بالقليل لعدم إتساع هذا الجزء لكل ما ورد عنه «ع» في هذا الباب ، فنقول :

[[ 1 ـ الغضب ]]

الغضب حالة في النفس تثيرها أمور منتظرة أو غير منتظرة فتخرج العقل عن إستقامته وتصد الغضوب عن رشده وصوابه ، وتفقده سلطانه على فكره وإدراكه فيختل مزاج الذهن ، وتتهيأ الأعضاء فيها للفتك والانتقام ، ذلك لأن الدم يثور فيها فيسرع إلى القلب ثم ينتشر منه في العروق ويرتفع الى أعالي الرأس فيحمر الوجه وتنتفخ الودجان ثم يجيش في الصدر فيعبس الوجه وتنكمش الشفتان عن الأسنان وهناك تتأهب الأعضاء بسبب هذا الثوران في الدم للفتك والانتقام وقد قيل فيه :

ولم أر في الأعداء حين إختبرتهم

عدواً لعقل المرء أعدى من الغضب

وأهم أسبابه الوراثة والامراض. أما الأسباب المهيئة له فكثيرة ، منها المزاج العصي والتسممات الحادثة من المآكل الحادة والمشروبات الروحية ، كما أن للمحيط والبيئة والتربية الأثر البليغ في أحداث الغضب وشدة وطأته.

قال بعضهم : إن الأسباب المهيجة للغضب الزهو والعجب والمزاح والهزء والممارت والغدر وشدة الحرص على فضول المال والجاه ، وهي باجمعها أخلاق رديئة مذمومة. ولاخلاص منه مع بقاء هذه الاسباب إلا بازالتها إلى أضدادها.

وللغضب عواقب كثيرة من الأمراض التي لا يستهان بها كالاصابة بالسل الرئوي وسوء الهضم وإلتهاب الأعصاب والنزيف الدموية بأنواعه ، وقيل ان الغضوب قد يصاب بحالة شبيهة بداء الكلب بحيث إذا عض أحداً أدى إلى موته وهذا مما يدل على أن في ريق الغضبان سماً زعافاً لا يؤثر على صاحبه فقط بل يؤثر على من يقع عليه.

فالغضب داء روحي ومرض خطير يضر بصاحبه أولاً وكثيراً ما يتعداه