16%

تاريخ الطب ومبدأ ظهوره :

لقد تضاربت أقوال المؤرخين واختلف الحكماء والأطباء في ذكر بدأ ظهور هذا العلم الجليل وكيفية حدوثه في العالم مما أوقف الباحث موقف الحيرة والشك فلا يدري كيف يبدي الحقيقة وكيف يظهر للقارئ بمظهر الكاتب الأمين والمؤلف المنصف.

فقد نسب البعض إكتشافه أو إختراعه أولاً إلى الكلدانيين وآخرون إلى سحرة اليمن وغيرهم إلى كهنة بابل وأكثرهم إلى قدماء اليونانيين ، قال ابن أبي أصيبعة الطبيب المؤرخ في كتابه عيون الأنباء :

إن إختراع هذا الفن لا يجوز نسبته إلى بلد خاص أو مملكة معينة أو قوم مخصوصين إذ من الممكن وجوده عند أمة قد إنقرضت ولم يبق من آثارها شيء ثم ظهر عند قوم آخرين ثم إنحط عندهم حتى نسى ثم ظهر على أساس هؤلاء لدى غيرهم فنسب إليهم إختراعه أو إكتشافه ( إنتهى ).

وقال غيره من المؤرخين إن الطب من جملة العلوم التي وضع أساسها الكلدان وكهنة بابل وأنهم هم أول من بحث في علاج الأمراض فكانوا يضعون مرضاهم في الازقة ومعابر الطرق حتى إذا مر بهم أحد قد أصيب بذلك الداء وشفي أعلمهم بسبب شفائة فيكتبون ذلك على ألواح يعلقونها في الهياكل ، فلذلك كان الطب عندهم من جملة أعمال الكهنة وخصائصهم ، ومن الكلدان أخذته ساير الامم القديمة ومن جملتها العرب ، ولذلك تراه متشابها عند أكثر الامم في مصر وفينيقية وآشور ثم تناولته الأمة اليونانية فأتقنوه أحكاما وإحكاما ورتبوا أبوابه وفصوله حتى جعلوه علما له إبتداء وله انتهاء ثم أخذته عنهم الفرس والروم.