بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله الطاهرين؛
تتعالى بين الحين والحين أصوات تنادي بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وكأنّ المسألة تحتاج إلى إذن من أمين الجامعة العربيّة أو الأمين العامّ للأمم المتّحدة؛ والحقّ أنّه لا ينبغي التّشكيك في تلك الأصوات، لأنّه لا حجر على الفكر ولا احتكار، لكن يبقى لها أن تمرّ بالامتحان، والامتحان وحده هو الذي يميّز الخبيث من الطيّب والصادق من الكاذب. وعليه، فلابدّ من عرض أفكار وأعمال أصحاب تلك الأصوات على المفاهيم والقيم المعنويّة التي لا تختلف فيها المجتمعات البشريّة على اختلاف ثقافاتها ومعتقداتها. حينها يمكن لنا أن نقول: "إنّ في العالم الإسلامي دعاة يطالبون جادّين بإعادة كتابة التّاريخ الإسلامي من منطلق إيمان شخصيّ يهدف إلى إرضاء ضمير صاحبه، وإرضاء الضّمير يختلف بين شخص وآخر، وقد يصل عند بعض إلى حدّ التّضحية بالنّفس.
إعادة كتابة التاريخ الإسلامي، والتاريخ الإسلامي يبدأ بسيرة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ؛
لماذا تأخّرت كتابة سيرة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى القرن الثاني؟
من كتب التّاريخ الإسلامي؟ وكيف كانت بداية كتابته؟ وهل كان المؤرّخ موضوعيّا نزيها حين يكتب عن مخالفيه؟
لماذا تجاهل المؤرّخون موسى بن جعفرعليهالسلام والسّنوات الّتي قضاها في غياهب السّجن بينما كان هارون بن المهدي غارقا في عالم النّساء والكأس والعود، ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يقولون عن هارون "يحجّ عاما ويغزو عاما"؟
ألم يمجّدوا أبا جعفر المنصور العبّاسي الذي أخاف ذرّية رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ونكّل بهم وشرّدهم في كلّ صوب؟ ومع ذلك تسرّب إلينا وصفه المناسب والتّعريف بحقيقته، فقد قال المقدسي في البدء والتّاريخ في وصف المنصور: «كان أكبر من أبي العبّاس بثماني عشرة سنة وذكروا أنّه كان رجلا أسمر، نحيفا، طويل القامة، قبيح