4%

الاستعداد للفاعليّةِ له كان يلزمه أوّلا قوّة إنفعاليّة لحصول ما يتمّ به كونه فاعلا ، فذلك الاستعداد المفروض لم يكن بالحقيقة لفاعليّته ، بل لإنفعاله ، فليس للفاعليّة إستعداد ، بل للمنفعليّة أوّلا وبالذات وللفاعليّة بالعرض.

فثبت ممّا بيّنّا بالبرهان أنّ لا قوّةَ ولا استعدادَ بالذات لكون الشيء فاعلا ، بل إنّما القوّة والاستعداد للإنفعال ولصيرورة الشيء قابلا لشيء بعد أن لم يكن»(1) ، إنتهى.

الفصل الخامس عشر

في الكيفيات النفسانية

وأمّا نفس الاستعداد ، فقد قيل(2) : «إنّها من المضاف ، إذ لا يعقل إلاّ بين شيئيْن مستعدّ ومستعدّ له ، فلا يكون نوعاً من الكيف» ويظهر من بعضهم أنّه كيفٌ يلزمه إضافة(3) ، كالعلم الذي هو من الكيفيّات النفسانيّة وتلزمه الإضافة بين موضوعه في الكيفيّات النفسانيّةالكيفيّة النفسانيّة ، وهي ـ كما قال الشيخ(4) ـ : ما لا يتعلّق بالأجسام على الجملة ، إن لم تكن راسخةً سمّيت «حالا» وإن كانت راسخةً سمّيت «ملكةً» ؛ وإذ كانت النسبة بين الحال والملكة نسبةَ الضَعْف والشدّة وهم يعدّون المرتبتَيْن من الضَعْف والشدّة نوعين مختلفين ، كان لازُمُه عَدَّ الحال مغايراً للملكة نوعاً ووجوداً.

والكيفيّات النفسانيّة كثيرةٌ ، وإنّما أوردوا منها في هذا الباب بعض ما يهمّ البحث عنه.

فمنها : الإرادة ، قال فيالأسفار : «يشبه أن يكون معناها واضحاً عند العقل

__________________

(1) راجع الأسفار ج 4 ص 105 ـ 106.

(2) والقائل فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج 1 ص 316. ثمّ تبعه صدر المتألّهين في الأسفار ج 4 ص 105.

(3) فيكون من قبيل الكيفيات ذات الاضافة.

(4) راجع الفصل الثالث من المقالة الخامسة من الفن الثاني من منطق الشفاء.