4%

الفصل الأوّل

في إثبات العلّيّة والمعلوليّة وأنّهما في الوجود

قد تقدّم(1) أنّ الماهية في حدّ ذاتها لا موجودة ولا معدومة ، فهي متساوية النسبة إلى الوجود والعدم ، فهي في رجحان أحد الجانبَيْن لها محتاجةٌ إلى غيرِها الخارجِ من ذاتها ، وأمّا ترجُّح أحد الجانبَيْن لا لمرجِّح من ذاتها ولا من غيرها فالعقل الصريح يُحيله. وعرفت سابقاً(2) أنّ القول بحاجتها في عدمها إلى غيرها نوعٌ من التجوّز ، حقيقته أنّ ارتفاع الغير ـ الذي يحتاج إليه في وجودها ـ لا ينفكّ عن ارتفاع وجودها ، لمكان توقّف وجودها على وجوده ، ومن المعلوم أنّ هذا التوقّف على وجود الغير ، لأنّ المعدوم لا شيئيّةَ له. فهذا الوجود المتوقَّف عليه نسمّيه «علّةً» ، والشيء الذي يتوقّف على العلّة «معلولا» له(3) .

__________________

(1) راجع الفصل الأوّل من المرحلة الخامسة.

(2) راجع الفصل الرابع من المرحلة الاُولى.

(3) اعلم انّ عبارات الحكماء والمتكلّمين في تعريف العلّة والمعلول مختلفة.