هما مع المعلول بل عين المعلول ، فلايتقدّم عليه لا ستلزامه تقدُّمَ الشيء على نفسه».
مدفوعٌ بأنّ المادّة ـ كما تقدّم(1) ـ علّةٌ مادّيّةٌ لمجموع المادّة والصورة الذي هو الشيء المركّب ، وكذا الصورةُ علّةٌ صوريّةٌ للمجموع منهما. وأمّا المجموع الحاصل منهما فليس بعلّة لشيء. فكلُّ واحد منهما علّةٌ متقدّمة ، والمجموع معلولٌ متأخّر ، فلا إشكال.
وهذا معنى ما قيل(2) : «إنّ المتقدّم هو الآحاد بالأسر ، والمتأخّر هو المجموع بشرط الاجتماع».
الفصل العاشر
في أنّ البسيط يمتنع أن يكون فاعلا وقابل
االمشهور من الحكماء عدم جواز كون الشيء الواحد من حيث هو واحد فاعلا وقابلا مطلقاً(3) . واحتُرِزَ بقيد «وحدة الحيثيّة» عن الأنواع المادّيّة التي تفعل بصورها وتقبل بموادّها ، كالنار تفعل الحرارة بصورتها وتقبلها بمادّتها. وذهب المتأخّرون إلى جوازه مطلقاً(4) .
والحقّ (5) هو التفصيل بين ما كان القبول فيه بمعنى الانفعال والاستكمال الخارجيّ فلا يجامع القبولُ الفعلَ في شىء واحد بما هو واحد ، وما كان القبول فيه بمعنى الاتّصاف والانتزاع من ذات الشيء من غير إنفعال وتأثٌّر خارجيٍّ كلوازم
__________________
(1) راجع خاتمة الفصل السابع من المرحلة السادسة.
(2) والقائل هو المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام ص 98 ـ 99.
(3) وبتعبير آخر : انّ الفاعل من حيث هو فاعل لايمكن أن يكون قابلا مطلقاً ، سواء كان مقبوله هو مفعوله أو غيره. وهذا مذهب المشهور من قدماء الحكماء. وتبعهم المحقّق الطوسيّ في تجريد الإعتقاد ص 135.
(4) ومنهم الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج 1 ص 515 ـ 516. ونُسب القول بالجواز إلى الأشاعرة القائلين بأنّ الله صفات حقيقيّة زائدة على ذاته ، راجع شرح المواقف ص 174.
(5) كما في الأسفار ج 2 ص 176.