4%

وبمثل ما تقدّم أيضاً يندفع الشبهة(1) عن عدّة من القضايا تُوهَم التناقضَ؛ كقولنا : «الجزئيّ جزئيٌّ» وهو بعينه كلّيٌّ يصدق على كثيرين.

وقولنا : «إجتماع النقيضين ممتنعٌ» وهو بعينه ممكنٌ موجودٌ في الذهن ، وقولنا : «الشيء إمّا ثابتٌ في الذهن أو لا ثابتٌ فيه» واللا ثابتٌ في الذهن ثابتٌ فيه ، لأنّه معقولٌ موجودٌ بوجود ذهني.

فالجزئيّ جزئيٌ بالحمل الأوّليّ ، كلّيٌ صادقٌ على كثيرين بالحمل الشائع؛ وإجتماع النقيضين ممكنٌ بالحمل الأوّليّ ، ممتنعٌ بالحمل الشائع؛ واللا ثابت في الذهن لا ثابتٌ فيه بالحمل الأوّليّ ، ثابتٌ فيه بالحمل الشائع.

الفصل الخامس

في أنّه لا تكرُرَ في الوجود(2)

كلّ موجود في الأعيان فإنّ هويتّه العينيّة وجودُه على ما تقدّم(3) ـ من أصالة الوجود ـ والهويّة العينيّة تأبى بذاته الصدق على كثيرين ، وهو التشخّص ، فالشخصيّه للوجود بذاته.

فلو فرض لموجود وجودان كانت هويّته العينيّة الواحدة كثيرةً وهي واحدة ، هذا محالٌ(4) .

وبمثل البيان يتبيّن إستحالة وجود مثلًيْن من جميع الجهات ، لأنّ لازِمَ فرْض مثلًيْن إثنين التمايزُ بينهما بالضرورة ، ولازِمَ فرْض التماثل من كلِّ جهة عدمُ التمايز بينهما ، وفي ذلك اجتماع النقيضين ، هذا محالٌ.

وبالجملة من الممتنع أن يوجَد موجودٌ واحدٌ بأكثر من وجود واحد ، سواءٌ كان الوجودان ـ مثلا ـ واقعين في زمان واحد من غير تخلّل العدم بينهما أو

__________________

(1) تعرّض لها صدر المتألّهين الأسفار : ج 1 ص 292 ـ 294 ، والحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص 52 ـ 53.

(2) وهو المراد بقولهم : «لا تكرار في التجلّي».

(3) في الفصل الثاني من هذه المرحلة في المتن.

(4) هكذا في الأسفار ج 1 ص 353.