وأشرف ، من قبيل وجدانِ العلّة كمالَ المعلول ، مع ما بينهما من المباينة الموجبة ، لامتناع الحمل.
وهذا هو المراد بقولهم : «بسيط الحقيقة كلّ الأشياء»(1) ، والحمل حمل الحقيقة والرقيقة دون الحمل الشائع(2) .
وقد تبيّن بما تقدّم أنّ الواجب لذاته تمام كلّ شيء.
الفصل الخامس
في توحيد الواجب لذاته وأنّه لا شريك له في وجوب الوجود
قد تبيّن في الفصول السابقة(3) ، أنّ ذات الواجب لذاته عين الوجود الذي لا ماهيّة له ولا جزء عدميّ فيه ، فهو صِرْف الوجود ، وصِرْف الشيء واحد بالوحدة الحقّة التي لا تتثنّى ولا تتكرّر ، إذ لا تتحقّق كثرة إلاّ بتميّز آحادها ، باختصاص كلّ منها بمعنىً لا يوجد في غيره ، وهو ينافي الصرافة ، فكلّ ما فرضت له ثانياً عاد أوّلا ، فالواجب لذاته واحد لذاته ، كما أنّه موجود بذاته واجب لذاته ، وهو المطلوب. ولعلّ هذا هو مرادالشيخ بقوله فيالتعليقات : «وجود الواجب عين هويّته ، فكونه موجوداً عين كونه هو ، فلا يوجد وجود الواجب لذاته لغيره»(4) ـ إنتهى.
برهان آخر (5) : لو تعدّد الواجب بالذات ، كأن يفرض واجبان بالذات وكان
__________________
(1) راجع الأسفار ج 6 ص 110 ـ 114.
(2) ولمزيد التوضيح راجع تعليقة المصنّف (رحمه الله) على الأسفار ج 6 ص 110.
(3) راجع الفصل الثالث من هذه المرحلة ، والفصل الثالث من المرحلة الرابعة.
(4) راجع التعليقات للشيخ الرئيس ص 183 ـ 184.
(5) هذا البرهان استدلّ به المشهور ، كما في الأسفار ج 6 ص 57 ، وشرح المقاصد ج 2 ص 61 ، والمباحث المشرقيّة ج 2 ص 451 ـ 454.