4%

الفصل الثاني

في انقسام كلٍّ من الموادّ الثلاث إلى ما بالذات

وما بالغير وما بالقياس إلى الغير ، إلاّ الإمكان

ينقسم كلٌّ من هذه الموادّ الثلاث إلى ما بالذات وما بالغير وما بالقياس إلى الغير ، إلاّ الإمكان ، فلا إمكان بالغير(1) .

والمراد بما بالذات أن يكون وضع الذات ـ مع قطع النظر عن جميع ما عداه ـ كافياً في اتّصافه ، وبما بالغير أن لا يكفي فيه وضعه كذلك ، بل يتوقّف على إعطاء الغير واقتضائه ، وبما بالقياس إلى الغير أن يكون الإتّصاف بالنظر إلى الغير على سبيل استدعائه الأعمَّ من الإقتضاء.

فالوجوب بالذات كضرورة الوجود لذات الواجب (تعالى) لذاته بذاته ، والوجوب بالغير ، كضرورة وجود الممكن التي تلحقه من ناحية علّته التامّة ، والامتناع بالذّات ، كضرورة العدم للمحالات الذاتيّة التي لا تقبل الوجود لذاتها المفروضه ، كاجتماع النقيضين وارتفاعهما وسلب الشيء عن نفسه ، والامتناع بالغير ، كضرورة عدم الممكن التي تلحقه من ناحية عدم علّته ، والإمكان بالذّات كون الشيء في حدّ ذاته مع قطع النظر عن جميع ما عداه مسلوبةً عنه ضرورةُ الوجود وضرورةُ العدم.

وأمّا الإمكان بالغير فممتنعٌ ـ كما تقدّمت الإشارة اليه(2) ـ. وذلك لأنّه لو

__________________

(1) راجع الأسفار ج 1 ص 161 ـ 171 ، وشوارق الإلهام ص 87 ـ 88 ، وشرح التجريد للقوشجيّ ص 36 ، وكشف المراد ص 52.

(2) حيث قال : «فلا إمكان بالغير». ولا يخفى أنّ الإمكان بالغير غير الإمكان الغيريّ فإنّ المراد من الإمكان في الإمكان بالغير هو الإمكان العرضيّ وفي الإمكان الغيريّ هو الإمكان الذاتيّ بيان ذلك : أنّ الإمكان قسمان : (احدهما) الإمكان بالعرض بمعنى أن يكون الشيء غير ممكن ثمّ يصير ممكنّاً بسبب الغير ، وهذا هو الممكن بالغير الذي ثبتت استحالته. و (ثانيهما) الإمكان بالذّات وهو أن يكون الشيء ممكناً في حدّ ذاته ، وهذا هو الممكن الغيريّ الذي اتّصف به الممكنات.