13%

ولم تفتر قريش عن غيّها فمشت مرة أخرى إلى أبي طالبعليه‌السلام تطمعه بخذلان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتعطيه أجمل فتيان مكة بدل ابن أخيه ليسلّمه أبو طالب إليهم فقالوا له: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا، الذي فرّق جماعة قومك، وسفّه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل، فردّهم أبوطالب مستاء من هذه المساومة الظالمة فقال: هذا والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني إبنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه، هذا والله ما لا يكون أبداً. فقال المطعم ابن عدي بن نوفل: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً، فأجابه أبو طالب قائلاً : والله ما أنصفوني ولكنّك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ فاصنع ما بدا لك(١) .

وبذا أيقنت قريش بأنّه لا سبيل لهم لإرضاء أبي طالب بخذلان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسارع أبو طالب لاتخاذ تدابير احترازية ليضمن سلامة ابن أخيه واستمراره في نشر رسالته حين وجد الشرّ في نفوس قريش، فدعى بني هاشم وبني عبد المطلب لمنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحفظه والقيام دونه، فاستجابوا له سوى أبي لهب، وأَكْبَرَ أبو طالب موقف بني هاشم فشجعهم وأثار فيهم العزيمة على الاستمرار في حماية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

ــــــــــــ

(١) تاريخ الطبري: ٢ / ٤٠٩، السيرة النبوية: ١ / ٢٨٦.

(٢) تاريخ الطبري: ٢ / ٤١٠ ، السيرة النبوية: ١ / ٢٦٩.