ولكي نستقرأ مقامات فاطمة عليها السلام يجدر بنا أن نتعرض للإشارات القرآنية عن مقام مريم عليها السلام ليتبيّن لنا مقامات سيّدة نساء العالمين، عندها فلا تكون أية غرابة فيما تعتقده الإمامية من مقامات فاطمة عليها السلام وسيتبيّن من النصوص القرآنية النازلة فيها أنّ تلك المقامات حاصلة للصديقة عليها السلام، بغضّ النظر عن الأولوية المتقدّمة وما ورد في مريم عليها السلام لا يكون إلّا وهو مبيّن ما قد ورد فيها عليها السلام وستكون الأولوية حاكمةً في معرفة وبيان مقاماتها بعد ذلك.
إنّ ما ذكرناه من الإشارة إلى مصحف فاطمة عليها السلام وكيفية نزول جبرئيل عليها ليُسلّيها بمُصاب أبيها بعدما دخلها من الحزن الشديد، لم يكن ذلك إلّا حالة من حالات الوحي، إلّا أنّه وحي غير نبوي أثبته القرآن في مواضع عديدة لرجالٍ ونساء كاملين في مقام الحجّية لقوله:( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ) (1) .
ومعلوم أنّ ما وقع لمريم عليها السلام من وحي هو قسم أعظم من نزول جبرئيل عليه السلام، وذلك لحصول القسم الأول لها مضافاً إلى الثالث، كما أنّ تقديم ذكره في الترتيب في قوله تعالى( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا
____________________
1. الشورى /51.