في البسملة ذكرت صفتان لله فقط هما : الرحمانية والرحيمية ، فما هو السبب؟
الجواب يتضح لو عرفنا أنّ كل عمل ينبغي أن يبدأ بالاستمداد من صفة تعم آثارها جميع الكون وتشمل كلّ الموجودات ، وتنقذ المستغيثين في اللحظات الحساسة.
هذه حقيقة يوضّحها القرآن إذ يقول :( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) (1) ، ويقول على لسان حملة العرش :( رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً ) (2) .
ومن جانب آخر نرى الأنبياء وأتباعهم يتوسّلون برحمة الله في المواقف الشديدة الحاسمة. فقوم موسى تضرّعوا إلى الله أن ينقذهم من تجبّر فرعون وظلمه ، وتوسّلوا إليه برحمته فقالوا :( وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ ) (3) .
وبشأن هود وقومه ، يقول القرآن :( فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ) (4) .
من الطبيعي أنّنا ـ حين نتضرّع إلى الله ـ نناديه بصفات تتناسب مع تلك الحاجة، فعيسىعليهالسلام حين يطلب من الله مائدة من السماء ، يقول :( اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ) ( ... وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (5) .
ونوحعليهالسلام يدعو الله في حطّ رحاله :( رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ) (6) .
وزكريا نادى ربّه لدى طلب الولد الوارث قال :( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) (7) .
__________________
(1) الأعراف ، 156.
(2) المؤمن ، 7.
(3) يونس ، 86.
(4) الأعراف ، 72.
(5) المائدة ، 114.
(6) المؤمنون ، 29.
(7) الأنبياء ، 89.