3%

التّفسير

رؤيا ملك مصر وما جرى له :

بقي يوسف سنين في السجن المظلم كأي انسان منسيّ ، ولم يكن لديه من عمل الّا بناء شخصيته ، وارشاد السجناء وعيادة مرضاهم وتسلية الموجعين منهم.

حتّى غيّرت (حظّه وطالعه) حادثة صغيرة بحسب الظاهر ولم تغيّر هذه «الظاهرة» حظّه فحسب ، بل حظّ امّة مصر وما حولها.

لقد راى ملك مصر الذي يقال انّ اسمه هو «الوليد بن الرّيان» وكان «عزيز مصر وزيره» راى هذا الملك رؤيا مهولة ، فأحضر عند الصباح المعبّرين للرؤيا ومن حوله فقصّ عليهم رؤياه( وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ ) ثمّ التفت إليهم طالبا منهم تعبير رؤياه فقال :( يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ ) .

ولكن حاشية السلطان وجموا إزاء هذه الرؤيا و( قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ ) .

«الأضغاث» جمع «ضغث» على وزن (حرص) ومعناه المجموعة من الحطب او العشب اليابس او الأخضر او شيء آخر ، و «الأحلام» جمع «حلم» على وزن «رخم» معناه الطيف والرؤيا ، فيكون معنى( أَضْغاثُ أَحْلامٍ ) هو الاطياف المختلطة ، فكأنّها متشكّلة من مجموعة مختلفة ومتفاوتة من الأشياء ، وجاءت كلمة الأحلام في جملة( وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ ) مسبوقة بالألف واللام العهدية وهي اشارة الى انّ المعبّرين غير قادرين على تأويل مثل هذه الأحلام.

ومن اللازم ذكر هذه المسألة الدقيقة وهي : انّ اظهار عجز أولئك في الحقيقة كان من اجل انّ المفهوم الواقعي لهذه الرؤيا عندهم غير واضح ، ولذلك عدّوها