الظنّ بالسرقة ، فإنّ كلّ ذلك كان اتّهاما مؤقتا حيث زالت بمجرّد التفتيش والعثور على الصواع وظهر المذنب الواقعي.
قال بعض المفسّرين : انّه قصد بالسرقة ـ فيما نسبوه الى اخوة يوسف ـ هو ما اقترفوه سابقا من سرقة الاخوة يوسف من أبيه ، لكن هذا التوجيه يتمّ إذا كانت التهمة قد وجهت إليهم من قبل يوسف ، لانّه كان عالما بالذنب الذي ارتكبوه ، ولعلّ ما ورد في ذيل الآية الشريفة يدلّ على ذلك ، حيث قال العمّال انّنا :( نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ ) ومثل هذا الخطاب لا يتضمّن توجيه السرقة إليهم ، (ولكن الجواب الاوّل أصح ظاهرا).
4 ـ عقوبة السرقة في تلك الازمنة
يستفاد من الآيات السابقة انّ عقوبة السرقة عند المصريين كانت تختلف عنها عند الكنعانيين ، فعند اخوة يوسف (آل يعقوب) ولعلّه عند الكنعانيين كانت العقوبة هي عبودية السارق (بصورة دائمة او مؤقتة) لأجل الذنب الذي اقترفه(1) .
لكن المصريين لم يجازوا السارق بالعبودية الدائمة او المؤقتة ، وانّما كانوا يعاقبون المذنب بالضرب المبرح او السجن ، وفي كلّ الأحوال لا يستفاد من قوله تعالى :( قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ ) انّ الشرائع السّماوية كانت تحدّد عقوبة السارق بالعبودية ، ولعلّها كانت سنّة متّبعة عند بعض المجتمعات في تلك الازمنة ، وقد ذكر المؤرّخون في تاريخ العبودية انّ بعض المجتمعات التي كانت تدين بالشرائع الخرافية ، كانوا يعاقبون المدين العاجز عن سداد دينه بالعبودية للمدين.
__________________
(1) يقول الطبرسي في مجمع البيان ـ ذيل الآية ـ انّ السنّة المتّبعة لدى بعض المجتمعات في ذلك الزمان هو ان يصير السارق عبدا لمدّة سنة كاملة ، وذكر ايضا انّ اسرة يعقوب كانت ترى عبودية السارق بمقدار ما سرق (اي يعمل عندهم بذلك المقدار).